الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

حصانة النواب ومحاكمة الوزراء

نشر بتاريخ: 03/12/2019 ( آخر تحديث: 03/12/2019 الساعة: 16:31 )

الكاتب: نضال منصور

الدورة الاخيرة من عمر مجلس النواب ستكون صعبة على الحكومة، ومهما حاولت الحكومة “التلاعب”، او إلهاء النواب فإن اعينهم موجهة لجمهورهم وللانتخابات التي ستجري في صيف 2020 على الارجح، ولهذا فإن الخطاب الشعبوي سيطغى، ومغازلة الشارع تبدو الاكثر اهمية للنواب.
الحكومات قدمت لمجلس النواب في دورته الاخيرة 57 قانونا، من بينها الموازنة العامة التي ستحظى بنصيب الاسد من النقاش والنقد، ولا أتذكر خلال 29 عاما تابعت فيها اعمال مجلس النواب ان موازنة عامة رفضت؟
الدورة النيابية الاخيرة متخمة بالقوانين، ولا نعرف ما هي الاولويات، وعلى ما يبدو فإن المسار يمضي لإقرار تعديلات قانونية جديدة لقوانين مرتبطة بالتحفيز والاصلاح الاقتصادي، ولا تحظى قوانين الاصلاح السياسي بالاهتمام، وغير مطروحة على طاولة البحث والتعديل.
تواترت انباء في الاشهر الماضية عن توجه الحكومة لإجراء تعديلات دستورية، وجرى التركيز على المادة التي تفرض رحيل الحكومة التي تقرر حل مجلس النواب، وحتى الآن لم تتأكد هذه المعلومات، وسمعت ان نوابا لهم نفوذ وتأثير ابلغوا مرجعيات سياسية في الدولة ان تعديل هذه المادة حصرا لن يمر، ولن يقبل في مجلس النواب وتحديدا في دورته الاخيرة.
قيل ان هناك مواد اخرى ستطرح للتعديل مرتبطة بقانون الانتخاب مثل سن الترشح، وعدد المقاعد في مجلس النواب، ولكن إذا لم تتجه النية لفتح قانون الانتخاب للنقاش والتعديل، وهذا ما يسمع فإن هذه التعديلات المقترحة ستحفظ في الادراج.
أكثر قضية تثير الجدل الآن هي رفع الحصانة عن اعضاء مجلسي الاعيان والنواب، وسربت معلومات عن ضرورة حصر الحصانة لأعضاء مجلس الامة فيما يتصل بأعمالهم البرلمانية فقط، ولا يجوز ان تذهب الحصانة لأنشطتهم وممارساتهم خارج العمل البرلماني.
هذا النقاش تزايد في أروقة رئاسة الحكومة في الدوار الرابع، ومقر البرلمان في العبدلي بعد احالة ثلاثة طلبات لرفع الحصانة عن نواب، وبموجب المادة 86 من الدستور فانه ” لا يوقف أحد اعضاء مجلسي الاعيان والنواب ولا يحاكم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر قرار من المجلس الذي ينتسب اليه بالأكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه او محاكمته او ما لم يقبض عليه في حالة تلبس بجريمة جنائية، وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة يجب اعلام المجلس فورا “.
ليس من السهل رفع الحصانة عن النواب او الاعيان حتى لو حشدت الحكومة لهذا الامر، والتجارب السابقة باستثناءات قليلة تدلل على ذلك، وتعديل المادة دستوريا وحصرها بأعمال اعضاء مجلس الامة فقط دون امتداد أثرها لما يمارس خارج القبة من الصعب تمريرها ايضا، فالقناعات المترسخة – رغم وجاهة الطرح – ان الحكومات واجهزة الدولة تحاسب النواب والاعيان على مواقفهم السياسية، وتستخدم رفع الحصانة كأداة ضغط بشكل كيدي وانتقامي.
القضية تحتاج الى نقاش معمق، ولابد من الاطلاع على الممارسات الديموقراطية، والسؤال هل يعقل ان يستخدم نواب واعيان حصانتهم لمنع ملاحقتهم في قضايا مالية، او اتهامات فساد طالتهم؟، والمطلوب ان نجد المعادلة التي تضمن حماية اعضاء مجلس الامة من الضغوط وتحصين ادائه، وفي ذات الوقت لا نعطي حصانة وميزة تفضيلية لنواب الامة تمنع مساءلتهم امام القضاء بحجة الحصانة البرلمانية.
وما ينطبق على مجلس الأمة يجب ان يعمم على اعضاء الفريق الحكومي، والرؤساء والوزراء السابقين، فلماذا حتى يمثلوا امام القضاء يجب موافقة وتصويت مجلس النواب؟
اليوم هناك اختبار جديد لمجلس النواب حين احالت الحكومة طلبا بالموافقة على احالة وزيرين للنائب العام، وسيراقب المجتمع ويدقق تصويت النواب في التعامل مع هذا الملف، وكذا قضية رفع الحصانة عن النواب.
يسجل للحكومة شجاعتها في احالة قضايا متهم فيها مسؤولون سابقون سواء اكانوا رؤساء وزراء ام وزراء للنائب العام للمضي في تمحيص الاتهامات واحقاق العدل وسيادة القانون.
رغم الشتاء فإن الدورة الاخيرة لمجلس النواب ستكون ساخنة، والتجاذب بين النواب والحكومة ستزداد وتيرته، فالاتهامات التي توجه لمسؤولين سابقين تهيئ الارضية والاجواء لاتهام شخصيات سياسية بارزة، وما علينا سوى الانتظار لنعرف الى اين سيسير مركب الحكومة والنواب، ونحن على ابواب انتخابات برلمانية جديدة؟