دراسة تظهر فجوة عميقة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في أريحا
نشر بتاريخ: 15/09/2012 ( آخر تحديث: 15/09/2012 الساعة: 21:51 )
عقدت شركة باديكو القابضة ومجلس محلي شبابي أريحا اليوم، ورشة عمل لمناقشة نتائج دراسة تفذتها الشركة بالتعاون مع مجلس شبابي أريحا، و جاءت تحت عنوان "واقع سوق العمل وفرص الخريجين في محافظة أريحا"، وذلك بمشاركة المهندس ماجد الفتياني محافظ أريحا والأغوار، والمحامي حسن صالح رئيس بلدية أريحا، والسيد سمير حليله الرئيس التنفيذي لشركة باديكو القابضة، والسيد نضال جلايطة رئيس مجلس محلي شبابي أريحا، والسيد محمد شريعة رئيس دائراة الأعمال في جامعة القدس، وممثلين عن مؤسسات القطاع الخاص والقطاع الشبابي والمجتمع المدني والدوائر الحكومية في اريحا.
وتهدف الدراسة، التي اعدها د. محمد ابو شريعة من جامعة القدس، إلى إبراز مشكلة عدم موائمة العرض مع الطلب في سوق العمل في محافظة أريحا، كما شملت إحصاءات تفصيلية حول العرض والطلب في سوق العمل، من حيث عدد الخريجيين ومحدودية فرص العمل في المحافظة.
وقدم ابو شريعة عرضا للدراسة، تبع ذلك نقاش لنتائجها في محاولة للوصول إلى حلول وتوصيات تسهم في توجيه الشباب نحو التخطيط الأمثل لمستقبلهم، حيث شهدت الورشة عدة مداخلات مهمة من مختلف الأطراف المشاركة.
ومن أبرز النتائج التي خرجت بها الدراسة على مستوى محافظة أريحا؛ ارتفاع مستوى البطالة بين الخريجين الجامعيين، وارتفاع المشاركة في قوة العمل? وازدياد معدلات توظيف الإناث، وارتفاع مستوى الفقر في المحافظة قياساً بالمعدل الفلسطيني لمستويات الفقر، وارتفاع نسبة الأمية في أريحا قياسا بالمستويات الوطنية، وصغر حجم سوق العمل في أريحا وقلة استيعابه للخريجين، إلا أن الدراسة أظهرت أن قطاعات السياحة والزراعة والصناعة والتي تُعدّ من القطاعات الواعدة في محافظة أريحا لا يقابلها خريجون متخصصون في أي من المجالات المذكورة.
ومن بين الإحصاءات التي تضمنتها الدراسة؛ ما يتعلق بنسبة القوى العاملة في أريحا التي تعتبر أعلى من باقي النسب الموجودة في الوطن، حيث تشير بيانات الإحصاء المركزي لعام 2010 أن نسبة المشاركين في القوى العاملة في أريحا بلغت 48.6%، ورغم أن ارتفاع مشاركة النساء في القوى العاملة في المحافظة مقارنة مع المعدل العام في الأراضي الفلسطينية، إلا انها تبقى متدنية مقارنة مع الذكور (2ر22% اناث).
كما بينت الدراسة أن نسبة الفقر في أريحا عالية مقارنة مع الضفة الغربية حيث و صلت 26.4% عام 2010. وتشير ذات الإحصائيات أن نسبة العاطلين عن العمل في المحافظة من بين المشاركين في القوى العاملة قد بلغت 12.7%، فيما وصلت نسبة البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة إلى 10.8% مقابل 13.3% بين الرجال.
وفي هذا السياق، قدرت الدراسة احتياجات قطاعات السياحة والزراعة والصناعة خلال السنوات القادمة بـثلاثة آلاف وألف وخمسة آلاف وظيفة على التوالي، في حين ان الغالبية العظمى من الطلبة المنتظمين في الجامعات حاليا، من محافظة اريحا، يدرسون تخصصات لا علاقة لها باحتياجات القطاعات الثلاثة، كما ان توجهات طلبة المدارس في المرحلة الثانوية تشير الى رغبتهم بالتوجه الى تخصصات مغايرة ايضا.
وخلُصت الدراسة في توصياتها التي جاءت على ثلاثة مستويات؛ إلى ضرورة مخاطبة طلبة المدارس في محاولة لتوعيتهم بالتخصصات المطلوبة في سوق العمل، والعمل على تأهيل الخريجيين وتدريبهم لإشراكهم في المشاريع الاقتصادية المستقبلية في أريحا، إضافة إلى تحفيز الخريجين على القيام بمشاريعهم الريادية والخاصة لزيادة فرص التوظيف الذاتي بأريحا.
وخلال كلمته في مستهل الورشة، شدد الفتياني على ضرورة مساهمة القطاع الخاص الفلسطيني في تقليص الفجوة الحاصلة بين مهارات الخريجين ومتطلبات سوق العمل الفلسطيني، لاسيما بمحافظة أريحا، بما يمكّن الخريجيين الجدد من اجتياز تحديات متطلبات سوق العمل. ودعا كافة المؤسسات إلى التعاون والمبادرة لتنظيم ورشات عمل تتعلق بقطاع الشباب والخريجين بهدف تحديد احتياجات ومتطلبات سوق العمل وإيجاد السبل الكفيلة بالخروج من أزمة البطالة في محافظة أريحا.
من جهته، اكد حليله أن هذه الدراسة التي قامت الشركة بدعمها وتمويلها إنما تأتي في إطار التزامها تجاه قطاع الخريجين والشباب. وأضاف أن باديكو القابضة تؤمن بأهمية العمل بشراكة مع كافة القطاعات لاسيما التي تُعنى بتمكين الشباب ووضع الآليات والسياسات لإخراجهم من مأزق البطالة والذي بات يؤرقنا جميعا على كافة الصُعُد، وذلك من خلال تأهيلهم وصَقل مهاراتهم سواء العملية أو الشخصية والقيادية ليتمكنوا من اجتياز تحديات التوظيف ومعايير سوق العمل في فلسطين، إلى جانب دراسة متطلبات السوق وخلق فرص العمل عبر تأسيس مزيد من المشاريع والمبادرات لاستيعاب الخريجين والشباب الكفؤ وبما يلبي متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين.
وقال حليله "إن هذه مسؤولية نتحملها جميعا، وباديكو القابضة تعي هذا الدور وهي تواصل خطاها في هذا المجال، ونحن واثقون أن التركيز على هذه القضية ورفع مستوى الاهتمام والعمل الجاد والمشترك مع كافة القطاعات والشرائح من شأنه أن يثمر بنتائج ومبادرات وسياسات جديدة تسهم في حل أزمة البطالة وبالتالي محاولة التخفيف والحد من الفقر وتمكين الشباب من مواجهة الأزمات المالية والاقتصادية التي تواجهها فلسطين، لاسيما مع استمرار سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مقدرات الشعب الفلسطيني وموارده".
وقال حليله ان وضع السوق في محافظة اريحا، من حيث المشاركة في القوى العاملة والبطالة، لا يختلف كثيرا عن باقي المحافظات، ربما باستثناء ارتفاع مشاركة النساء.
واضاف: كانت مشكلة البطالة محدودة في المحافظة نظرا لوجود مناطق صناعية ومستوطنات اسرائيلية، "لكن علينا ان نتذكر بان المستوطات تبحث عن عمالة غير ماهرة، ولهذا فان البطالة بين الخريجين بقيت مرتفعة".
ولفت حليله الى ان اهتمام الشركة بمحافظة اريحا تحديدا، لكونها مركزا لثلاثة من اكبر المشاريع التي تنفذها باديكو، وهي: مزارع نخيل فلسطين، وبوابة اريحا العقاري، ومنطقة اريحا الصناعية الزراعية، والتي يتوقع ان توفر مجتمعة آلاف فرص العمل خلال السنوات الثلاث القامة. وقال: "لهذا، نحاول فحص سوق العمل مبكرا لأن تجهيز العاملين للعمل في هذه المشاريع يحتاج الى اشهر، وربما سنوات".
واعرب حليله عن امله في ان تنجح الاطراف المختلفة، بما في ذلك باديكو القابضة، في المساهمة بحل مشكلة التباين بين مخرجات التعليم وسوق العمل في اريحا، "فاذا نجحنا في ذلك، فانه سيشكل نموذجا يحتذى في باقي المحافظات".
وقال حليله أن باديكو القابضة عمدت إلى تخصيص جزء كبير من حجم استثماراتها لتنفيذ وتطوير مشاريع كبرى في محافظة أريحا والأغوار بهدف إحياء البوابة الشرقية لفلسطين ومحيطها استثمارياً، وما يشمله ذلك من توفير مئات فرص العمل، وإنعاش اقتصاد المحافظة، حيث تستثمر باديكو القابضة في مشروعيْن رائدين في المحافظة؛ حيث أطلقت الشركة مشروع "بوابة أريحا العقاري" برأس مال مبدئي يبلغ 50 مليون دولار، ويُعدّ واحداً من أضخم المشاريع الاستثمارية للشركة، ومن المتوقع أن يوفر المشروع وهو مشروع سياحي سكني ترفيهي؛ ما بين 4-5 آلاف فرصة عمل، إضافة إلى مشروع مزارع النخيل "نخيل فلسطين" لإنتاج وتعبئة وتغليف تمور المجول، ويبلغ رأس مال المشروع 15 مليون دولار، ويتوقع أن يصل عدد أشجار النخيل المزروعة مع نهاية العام الحالي إلى 36 ألف شجرة. وقد بدأ المشروع مرحلة الإنتاج الفعلي، حيث من المتوقع أن يصل حجم الانتاج خلال العام الحالي إلى 250 طنا، والذي سيتضاعف في الأعوام المقبلة ليبلغ الحد الأقصى في العام 2017 بحيث سيشكل نصف الانتاج الفلسطيني من التمور. ويشغل المشروع حالياً 60 موظفاً دائماً، فيما يرتفع عدد العاملين في مواسم الحصاد إلى 120 عاملاً، والذين عمل معظمهم في السابق في مستوطنات إسرائيلية، حيث نجح المشروع في توفير فرص عمل كريمة لهم وجذبهم إلى مشاريع وطنية فلسطينية. وأوضح حليله أنه تم تخصيص حوالي 60 - 70% من إنتاج المشروع للتصدير إلى الاسواق الخارجية لاسيما أسواق أوروبا وشرق آسيا، فيما سيصدر 30 – 40% من إنتاج "نخيل أريحا" إلى السوق المحلية.
كما أشار حليله إلى أن باديكو القابضة بصدد إطلاق مبادرة هامة، الاربعاء القادم، في مجال تأهيل وتمكين الشباب والطلبة الخريجين لدخول سوق العمل وفق متطلبات السوق، وذلك بعد أن واصلت منذ أكثر من عام العمل على مراجعة ودراسة الوضع القائم ومتطلبات السوق في فلسطين بالتعاون مع العديد من المؤسسات الشبابية والأهلية وغيرها من المؤسسات الفاعلة. وأوضح أن هذه المبادرة ستركز على تطوير مهارات الخريجين الفنية والوظيفية والشخصية والقيادية ليتمكنوا من التفاعل مع القضايا الراهنة والعمل بفعالية وكفاءة ورفد السوق الفلسطيني بروح شبابية قادرة على العطاء والتغيير لخلق اقتصاد فلسطين قادر على مواصلة الصمود والنمو.
من جهته أشاد حسن صالح رئيس بلدية اريحا بهذه الدراسة التي تبرز أهمية التعامل مع هذه القضية، وضرورة العمل بشكل فوري لوضع حلول من شأنها حماية شباب وأبناء محافظة أريحا من البطالة، خاصة وأن المحافظة تزخر بالكثير من الفرص مثل الأنشطة السياحية والزراعة وغيرها، مؤكداً أن مناطق شاسعة من المحافظة باتت تتعرض لهجمة إسرائيلية متسارعة للاستيلاء على المزيد من مواردها سواء الأرض والأراضي الزراعية أو المياه، ما يستدعي مشاركة كافة الأطر والقطاعات للمبادرة إلى إطلاق مشاريع تشغيلية لحماية الأراضي وفي ذات الوقت توفير فرص العمل لأبناء أريحا لاسيّما الشباب والخريجين.
من ناحيته، ثمن نضال جلايطة رئيس المجلس الشبابي المحلي دور باديكو القابضة في دعم مثل هذه الدراسات التي من شأنها فهم حجم المشكلة، والاطلاع على مكامن الحلول سواء من حيث تطوير المهارات الذاتية لدى الخريجين أو بحث سبل إيجاد فرص عمل لهم، مشيراً إلى أن مثل هذه الدراسات التي تتعلق بموضوع التعليم العالي وتوفير فرص عمل من شأنها النهوض بواقع الشباب الفلسطيني.
وأوصى المشاركون في الورشة بإجراء حصر دقيق للمشاريع القائمة وتلك الجاري تنفيذها في محافظة اريحا وكذلك لمراكز التدريب فيها. كما اوصوا بضرورة تضافر جهود الاطراف بما فيها المحافظة والبلدية ومؤسسات المجتمع المدني لوضع خطة عمل لموائمة مخرجات التعليم مع احتياجات قطاع الاعمال في المحافظة.
ودعا المشاركون إلى ايجاد آلية للإرشاد الأكاديمي في المدارس بهدف توجيه الطلبة نحو التخصصات المطلوبة? وإجراء دراسة معمّقة حول استحداث تخصّصات في المرحلة الثانوية في مجال السياحة وتطبيق التخصص الزراعي في محافظة اريحا.
واقترح المشاركون أن تقوم مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني بتدريب خريجين من محافظة أريحا بما يوازي 10% من عدد موظفيها لمدة ستة أشهر بمكافأة مقطوعة تتراوح بين 200 و 300 دولار شهرياً
وفي نهاية الورشة اتفق المشاركون على تشكيل لجنة تضم كلا من: باديكو القابضة? والمجلس الشبابي المحلي ومحافظة اريحا وبلدية اريحا لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات.