السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أساليب "الشاباك" السرية في إحباط العمليات الفلسطينية

نشر بتاريخ: 25/06/2013 ( آخر تحديث: 27/06/2013 الساعة: 09:42 )
بيت لحم- معا - نهاية عام 2002 فيما كانت الانتفاضة الثانية في عنفوانها واجتازت السيارات المفخخة والفدائيون الطرق الواصلة إلى عمق إسرائيل بدقائق معدودة، تلقى قائد جهاز "الشاباك" في شمال الضفة في ذلك الوقت "يتسحاق ايلن" معلومات تتعلق بخلية تابعة لحماس أنهت استعداداتها لتنفيذ عمليات تفجيرية في قلب إسرائيل، دون ان تتوفر لدى رؤساء الأقسام "المركزيين" التابعين للشاباك أو أية جهات استخبارية أخرى ولو معلومة بسيطة للغاية تتعلق بتوقيت العملية التفجيرية ومن سينفذها وما هو هدفها وطريقة تنفيذها؟.

وواجهت الجهات التي تابعت الخلية لفترة طويلة جدارا عاليا من السرية والفصل بين مكونات الخلية وذلك لمعرفة عناصرها بطرق عمل الشاباك وإمكانيات المراقبة الميدانية التي يمتلكها الجهاز.

ومرت الأيام وفي ساعات الصباح الباكر من احد الأيام تلقى "ايلن" معلومات استخبارية نوعية أفادت بان عناصر الخلية يبحثون عن سائق سيارة أجرة لنقلهم دون أن تحدد المعلومة الجهة التي يقصدها عناصر الخلية، لكن عملية البحث عن التكسي في مثل هذه الساعة المبكرة أشعلت جميع الأضواء الحمراء في الشاباك وأدرك "ايلن" أن الخلية قد تكون في طريقها لتنفيذ العملية وتفجير "انتحاري" وسط إسرائيل، ولحسن حظ قادة الشاباك في شمال الضفة وجد عناصر الخلية صعوبة بإيجاد سيارة تكسي في مثل هذه الساعة المبكرة، لذلك وفي سياق بحثهم عن سائق مستيقظ او متفرغ "فاضي" اتصلوا بمحض الصدفة المطلقة بهاتف سائق كان معتقلا ويخضع للتحقيق في أروقة الشاباك للاشتباه بتقديمه مساعدات لوجيستية لخلايا حماس شمال الضفة الغربية وفقا لموقع "والاه" الالكتروني الذي نشر اليوم الثلاثاء الحلقة الأولى من سلسلة حلقات يتناول فيها الأساليب السرية التي يتبعها الشاباك في إحباط العمليات الفلسطينية، مستندا على تقارير الشاباك والتحقيق الداخلي الذي خضع له نائب رئيس الجهاز في ذلك الوقت وقيام عميل للشاباك بإطلاق النار على مروحية عسكرية إضافة إلى تحقيقات فشل عملية إنقاذ الجندي نحشون فاكسمان وغيرها من التحقيقات والوثائق حسب ادعاء الموقع العبري.
|225447*الجندي نحشون فاكسمان اثناء الاختطاف|
ووقف قادة الشاباك في شمال الضفة أمام لحظة اتخاذ قرار حاسم هل يردون على الاتصال الهاتفي الوارد لهاتف السائق المعتقل لديهم أو يلوذوا بالصمت وإتاحة الفرصة أمام الخلية لتبحث عن سائق آخر وهنا اتخذوا قرارا جريئا وسريعا مفترضين أن عناصر الخلية لا يعرفون شيئا عن اعتقال السائق وفرضية وتقدير مغامر يقول بان عناصر الخلية لا يعرفون السائق شخصيا، وقرروا الرد على المكالمة الواردة وهنا تبرع رجل شاباك ذو ملامح عربية ومتمكن من اللهجة الفلسطينية بإعادة الاتصال مع عناصر حماس مخاطر بان يشكوا في صوته وبأنه ليس بالسائق المطلوب، وفعلا اتصل بهم واستعد لنقلهم حيث يريدون لكنه طلب سعرا مرتفعا جدا حتى يدرك من خلال استجابتهم له هدفهم الحقيقي من الرحلة، وعززت موافقة عناصر حماس الفورية على دفع السعر من قناعة نائب رئيس الشاباك السابق بان الخلية في طريقها فعلا لتنفيذ تفجير "انتحاري" قد يوجدي بحياة العشرات من الإسرائيليين ويصيب المئات منهم بجراح، فتم نقل تعليمات واضحة جدا من "ايلن" إلى قيادة الشاباك وكافة الوحدات التنفيذية في الجهاز بضرورة التعاون الفوري مع الوحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب التابعة للشرطة وكافة الوحدات العسكرية التابعة للجيش وبلورة عملية اعتراض وإحباط.

وللضرورة العملية تم إحضار سيارة التكسي إلى مكان اللقاء المتفق عليه مع "الانتحاري" الذي حمل على جسده حزاما ناسفا، وفور صعوده للسيارة غادرها السائق "عنصر الشاباك" وهرعت قوة تابعة للمستعربين لمحاصرة السيارة تعززها قوات من وحدات أخرى، وذلك لضمان عدم فرار "الانتحاري" وبعد عدة نداءات بواسطة أجهزة صوت مختلفة وجهتها الوحدات التي تحاصر السيارة للانتحاري مطالبة بتسليم نفسه وان ينزع عنه الحزام الناسف ويضعه جانبا، لكنه فضل الضغط على الزر وتفجير نفسه داخل السيارة حسب ادعاء الموقع العبري.

بهذا المثال استهل قائد الشاباك السابق في شمال الضفة "ايلن" محاضرته التي ألقاها حلال يوم دراسي في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تل أبيب والذي شارك فيه كبار قادة المؤسسة الاستخبارية السابقين وتناول فيها الأساليب التي يتبعها الشاباك السرية.
|225444*قائد الشاباك في شمال الضفة ايلن|
ويعتبر "ايلن" الذي انضم لجهاز الشاباك عام 1982 اكبر واهم محققي الشاباك على مر سنوات عمل الجهاز وانهى خدماته في الجهاز عام 2012 بعد ان وصل إلى منصب نائب رئيس الجهاز وبعد ان تولى "يورام كوهن" منصب رئيس الشاباك قام "ايلن" بالكثير من المهام وشغل العديد من المناصب مثل رئيس قسم التحقيقات في الشاباك الذي يعتبر من أهم المناصب وأكثرها حساسية في الجهاز، ورئيس قسم مكافحة وإحباط "الإرهاب" العربي- الإيراني وأخيرا رئيس قسم الشؤون الإسرائيلية والأجانب قبل أن ينهي عمله في الجهاز نائبا لرئيسه.

وفتح نائب رئيس الشاباك عبر محاضرته المذكورة نافذة كبيرة أطلت على عمليات الأشباح السرية التي نفذها الشاباك في إطار عمله لإحباط العمليات الفلسطينية واليهودية في ظل الصعوبات الكبيرة والعجائب التكنولوجية التي قد تكون عقبة أمام عمل الجهاز.

"النموذج إلذي طرحته أمامكم يبين رسالة المخابرات الأساسية في مجال إحباط العمليات الإرهابية"، قال "ايلن" للجمهور الذي أصغى إليه بانتباه شديد، وأضاف "ليس بالضرورة أن يكون دقيقا جدا وان يعطينا كافة المعلومات المتعلقة بهوية منفذ العملية أو هدفها وتوقيتها وطريقة العمل، لا يمكن للمعلومات الاستحبارية أن تكون مثالية وكاملة كما يجب ان تكون عملية وفعالة بما يسمح لقوة المكافحة التدخل وان تنصب نوعا من الكمين وان تحبط العملية، وفي الواقع لا وجود لمعلومات استخبارية كاملة ولا يوجد مكان لطلب مثل هذا الكمال من أجهزة المخابرات وذلك بسبب الثمن الباهظ للمعلومة الكاملة وصعوبة الحصول عليها عمليا وحتى نظريا وفلسفيا".
|225449|
وأضاف" عمل المخابرات يمكن مقارنته بعمل الفنان الذي يحاول تركيب وتجميع لوحة فسيفسائية في حين لا يمتلك سوى جزء من حجارة الفسيفساء، لذلك يتوجب عليه استكمال النواقص استنادا للحجارة الموجودة واعتمادا على ذاكرة الماضي والتجارب والمعرفة المتعلقة باللوحة، لكن يمكن تشبيه عمل رجل المخابرات المتخصص بإحباط ومكافحة العمليات الإرهابية بعمل المهندس المطالب بهدم منزل في وقت محدد من خلال تدمير عامود أساسي واحد، لذلك عليه ان يحدد مكان العامود الأساسي وفي هذه الحالة ليس من الضروري ان تكون أماكن جميع الأعمدة الأساسية معرفة للمهندس، لكن الصعوبة بالنسبة لرجال المخابرات حين يدركون بان كل ساعة تمر وفي بعض الحالات كل دقيقة تمر لها تأثير هام جدا وان المعلومات المتوفرة لديهم ستصبح عديمة الفائدة بعد لحظات قليلة، لذلك على رجال الشاباك الذين يتابعون الخطوات القادمة "للإرهابيين" ويحاولون استباقهم بخطوة أن يحولوا في كل لحظة المعلومات الاستخبارية إلى خطوات عملية محددة حتى ينجحوا بإحباط العملية وأي ترجمة خاطئة للمعلومات قد تؤدي إلى تعطيل وإفشال عملية الإحباط والاعتراض وبالتالي التسبب بنجاح العملية حتى وان كانت نوعية المعلومات جيدة وان لم تكن كاملة.

وبشأن فشل عملية انقاذ الجندي "نحشون فاكسمان" الذي اختطفته مجموعة تابعة لحماس في تشرين الأول- أكتوبر عام 1994 قال نائب رئيس جهاز الشاباك السابق في إطار محاضرته "حصل الشاباك على معلومات عالية الجودة بشكل كبير وعرفنا مكان احتجاز الجندي وكان لدينا رسما يدويا دقيقا يبين المبنى حيث يحتجز غرفة غرفة، وقبل اقتحام القوات بلحظات قليلة زودناها بمعلومات حددنا فيها بشكل دقيق الغرفة التي يتواجد بها الجندي وطريقة تقييده ومن يتولى حراسته وماذا يفعل في هذه اللحظة بقية افراد الخلية، لكن ورغم المعلومات الدقيقة جدا فشلت عملية الإنقاذ وقتل الجندي فاكسمان وقائد فريق تابع للوحدة المختارة "سيرت متكال" يدعى "نير بورز" وأصيب 7 جنود أخرين في عملية الاقتحام، وهنا تظهر الأسئلة الهامة "كيف تقومون بذلك؟" كيف تجمعون معلومات فعالة وناجحة بصمت معقول؟ وكيف يتم ترجمة هذه المعلومات لعملية اعتراضية تحبط عملا "إرهابيا".

الجواب على ذلك قسمه "ايلن" إلى عدة أجزاء فيما واصل تطرقه للأسئلة المطروحة من نوع على من يجب علينا ان نجمع المعلومات؟ عن أي شخص يجب علينا جمع المعلومات؟ ما هي المنظمات المعادية لإسرائيل سواء كانت داخل إسرائيل او في المناطق التي تسيطر عليها أو تلك من خارج الحدود؟ واخيرا ما هي طرق جمع المعلومات؟
|225446|
المميزات الخاصة للعنصر البشري في الاستخبارات "العملاء"

إن عناصر المعلومات البشرية والمصادر الحية تمثل المخابرات القديمة والتقليدية والجيدة والتي لا يمكن الاستغناء عنها حتى في عصور التكنولوجيا والحداثة، وهناك مميزات خاصة لعملية تشغيل العناصر البشرية في مجال إحباط العمليات "الإرهابية" مميزات تختلف عن تلك المتوفرة في مصادر المعلومات الأخرى ففي مجال إحباط العمليات "الإرهابية" يتم التفريق بين المصدر وبقية أنواع المعلومات الاستخبارية والاهم في هذا المجال هو "شراء" العميل الموجود أصلا داخل المنظمة "الإرهابية" أو تمكينه من التسلل إلى صفوف هذه المنظمة.

إن المنظمات "الإرهابية" على دارية تامة بجهود الأجهزة الاستخبارية الرامية إلى تجنيد العملاء والى زرعهم في صفوفها لذلك تتخذ هذه المنظمات خطوات احترازية واحتياطية لمنع ذلك مثل خضوع العنصر لاختبارات أمنية، والمنظمات لا تكتفي بذلك بل تنفذ اختبارات دورية للتأكد من عدم ارتباطه مع المخابرات.

وهنا فضل نائب رئيس الشاباك وبسبب القيود القانونية المفروضة على المعلومات عدم الحديث عن مصادر معلومات الشاباك لكنه أورد مثالا حقيقيا من واقع عمل الشرطة الإسرائيلية في مجال مكافحة الجريمة، لكن المثال يشبه بشكل كبير جدا طريقة عمل الشاباك، وجاء في المثال "دفع احد العملاء الذين زرعتهم الشرطة داخل منظمة إجرامية عنيفة حياته فقط لأنه نسي هاتفه الخلوي على الطاولة ودخل إلى الحمام ولسوء حظه التعس فور دخوله الحمام اتصل به مشغله في الشرطة فتلقى صديق "العميل" المكالمة ورد على الهاتف وسمع ما قاله الرجل على الجانب الاخر من الخط وطلب منه أن يوضح هوية المتصل، لكن الجواب لم يرح عناصر العصابة الذين طلبوا كشفا بالمكالمات الهاتفية أثار شكوكهم أكثر وأكثر بالعميل المزروع وهنا بالضبط كانت المسافة بين لحظة تلقيه المكالمة وتصفيته جسديا قصيرة جدا".

وأضاف "فور بداية تشغيل العميل داخل صفوف المنظمة "الإرهابية" سيتم الطلب منه المشاركة بعمليات "إرهابية" من باب الاختبار الأمني وحتى يظهر نظافة كفه أمنيا، وفي هذه اللحظة يثار سؤل هام وحاسم ومعقد يواجه مشغل العميل هل يسمح للعميل تنفيذ عمليات مخالفة للقانون ام لا؟ والجواب على هذا السؤال مركب ومعقد للغاية، وهناك قواعد تحكم هذا الامر ويتم تنفيذ العمليات تحت رقابة ومصادقة جهات قانونية، ومع كل هذا ورغم المرافقة والمراقبة القانونية لا يسمح للعميل المس بحياة الناس أو التسبب بضرر جسدي لشخص آخر، وهنا ساق نائب رئيس الشاباك مثالا حقيقا للتأكيد على ما ذهب إليه من إجابة جاء فيه "خلال عملية السور الواقي قال عميل للشاباك مزروع في احد المنظمات في تقرير قدمه إن المنظمة طلبت منه إطلاق النار بواسطة رشاش ثقيل باتجاه مروحية عسكرية إسرائيلية تقوم بقصف صاروخي اتجاه أهداف في غزة، وهنا سأل العميل ماذا عليّ أن أفعل؟ وطلب جوابا فوريا، وهذه قصة حقيقة ماذا نفعل؟ "سأل المحاضر الحضور" اذا طلب منه مشغله عدم إطلاق النار على الطائرة يمكن لهذا الأمر أن يثير الشكوك حوله، والاسوأ من ذلك اذا شعر العميل بان الشكوك ستثار حوله قد يلجأ إلى "الخيانة" ويتجاوز الخطوط الحمراء ويقوم بإطلاق النار باتجاه الطائرة دون أن يحصل على مصادقة مشغله في جهاز الشاباك، وفي حالة المثال الذي أوردته تمت الموافقة وصدرت الأوامر للعميل بإطلاق النار على المروحية لكن دون أن يصيبها بأي شكل من الأشكال وتوجب عليه أن يخطئها بشكل متعمد، وبالصدفة كنت في احد نقاط المراقبة التي تطل على منطقة الاشتباك وشاهدت بعيني طلقات الرشاش الثقيل تشق عنان السماء لكن بعيدا بعيدا عن المروحية، وأخيرا على مشغل العملاء ان يعرف تماما أن الحياة الاستخبارية لمصدره (للعميل) قصيرة وفي بعض الأحيان حياة المصدر نفسها تكون قصيرة".

المرحلة الثانية في عملية إحباط العمليات الفدائية تتمثل بالاستخدام النوعي للمعلومات الاستحبارية التي ترد للجهاز وفي هذا الوضع يمكن أن نتصور سيناريوهين، الأول يتمثل بإمكانية حرق المصدر وفضح أمره، والسيناريو الثاني تحويل المصدر إلى مصدر غير مجدي وغير ذي صلة لذلك تقوم أجهزة المخابرات باستخدام واع للمعلومات بشكل يبعد الشك عن المصدر "العميل" إذ تسعى هذه الجهات إلى تحويل العميل إلى عميل متكرر الفوائد وليس عميلا لمرة واحدة "إحباط عملية واحدة وانتهى أمره"، إضافة إلى ذلك هناك صعوبة في السيطرة على سلوك ونشاط العميل اذ تعتبر الحياة في ظل منظمة "إرهابية" حياة نشطة ومكثفة جدا ويجب على العميل المزروع داخل منظمة أو خلية أو منطقة جغرافية قريبة لنشاط المنظمة أن يثبت دوما نظافة كفيه وانه لا يعمل لصالح المخابرات، وبالتالي تنفيذ عمليات إجبارية غير مخير بها ولا يمتلك خيارا آخر دون أن يحصل على موافقة مشغله في الشاباك وبعد ذلك يسأل نفسه هل أقدم تقريرا بالعملية؟ أم لا أقدم أي تقرير حتى أتجنب العقاب من قبل مشغلي في الشاباك ومن هنا تبدأ عملية "خيانة" العميل لمشغله والرد على ذلك يتمثل بالسيطرة والرقابة الحثيثة جدا والحصول على معلومات عن نشاطاته من عملاء آخرين.

وحتى يثبت المخاطر الكامنة بتشغيل العملاء أورد نائب رئيس الشاباك قصة العميل "افي شاي رفيف" المعروف بالاسم الحركي "شمبانيا" الذي عمل لتحقيق اهدفا وغايات اليمين المتطرف في الفترة التي سبقت اغتيال اسحاق رابين دون ان يحصل على موافقة مشغله، بل تم توبيخه لقيامة بتوزيع صور رابين بلباس الفرقة النازية "SS" ومشاركته بلقاء تلفزيوني ضمن يوم تدريبي لإحدى المنظمات اليمينية المتطرفة، لكن مشغليه تساهلوا مع هذه التصرفات حرصا منهم على استمرار عمله واختراقه لمنظمات اليمين المتطرف وانتهى الامر باغتيال رابين".
|225450|
أما السمة الثانية التي تميز عمليات جمع المعلومات المتعلقة بعمليات اعتراض وإحباط العمليات "الإرهابية" فتتمثل بالتطور التكنولوجي مع التركيز على قطاع الاتصالات خاصة الاتصالات اللاسلكية التي تسمح لمشغلي العملاء في الشاباك بالحفاظ على اتصال دائم ومستمر مع عملائهم، لكن وفي نفس الوقت تشكل أجهزة الاتصالات الخلوية خطرا على حياة العملاء وتصعب مهمة حماية أمنهم، فعلى سبيل المثال اذا كان العميل في اجتماع عمل داخل إسرائيل فانه سيواجه فور عودته أسئلة من نوع لماذا كان جهازك مغلقا وإذا كان مفتوحا لماذا لم ترد علينا وذلك قبل ان نتحدث عن إمكانية تحديد مكانه بالضبط من خلال متابعة جهاز هاتفه الخلوي والأسئلة التي ستتبع تحديد مكانه إن هذا الأمر يشكل معضلة صعبة نعمل على مواجهتها في هذا العصر".

واختتم نائب رئيس الشاباك السابق محاضرته الأولى بالقول "تقودنا التكنولوجيا الحديثة إلى نوع آخر من عمليات جمع المعلومات تسمى (استخبارات الإشارة) تلك الاستخبارات التي مرت بصورة كاملة وغيرت وجهها خلال العقد الماضي دون أن يلاحظ أحد ذلك فقط قبل 30 عاما تركز عمل مخابرات الإشارة في التصنت على خطوط الهواتف السلكية وأجهزة اللاسلكي، لكن يدور الحديث اليوم عن اتصالات متعددة الأغراض والأوجه وهي ذكية ومتطورة تعرف جيدا كيف تحصل على المعلومات سواء من الاتصالات السلكية او اللاسلكية المتحركة وتمتلك هذه الاتصالات امكانيات الصوت والصورة و MMSو SMS واتصالات علنية ومخفية في ذات الوقت عبر شبكة الانترنت سكايب، فيسبوك، توتير، واتس أب وغيرها من الأدوات، ورغم السرعة وحجم المعلومات يتوجب على جهاز الشاباك ان يتقدم دائما على المنظمات "الإرهابية" ويسبقها بخطوة على الأقل، كيف نقوم بذلك؟ يجب الاهتمام بوضع وسائل الاتصال المستخدمة من قبل هذه المنظمات تحت المراقبة، والصعوبة الحقيقة تكمن في تراكم المعلومات ليظل السؤال الكبير، كيف لنا من حلال كم المعلومات الهائل ان نتوصل الى المعلومات المهمة التي تساعد على إحباط عملية "إرهابية"؟ ويبقى التحدي الذي يواجه الشاباك وبقية اجهزة المخابرات العالمية عدم تبذير الموارد على أصوات الخلفية غير الهامة وتعقب المعلومة الضرورية لتركيب صورة مراقبة كاملة مكونة من وسائل اتصال متعددة تكون باجتماعها المعلومة المطلوبة.

ومن ثم تأتي خطوة الاستخدام الفعال لهذه المعلومات الكثيرة التي تراكمت لدى الشاباك والإجابة عن السؤال الكبير كيف يترجم الجهاز هذه المعلومات التي تراكمت لديه وحصل عليها في الماضي إلى عملية لإحباط هجوم قد يقع في المستقبل؟ وفعلا نجح الشاباك بإحباط مئات العمليات اعتمادا على المصادر التكنولوجية دون تدخل لمصدر بشري "عميل" بل بالاعتماد الكامل على معلومات مستخلصة من وسائل الاتصال.

والى لقاء في الحلقة الثانية قريبا...