الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاغريق ، والسم في الابريق

نشر بتاريخ: 07/07/2015 ( آخر تحديث: 07/07/2015 الساعة: 17:07 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

اسرائيل تشجّع اوروبا على الخروج من الاتحاد الاوروبي ، وهي تستميت طوال عمرها كي تدخل في الاتحاد الاوروبي !!!

ذات مرة حاول سياسيون اوروبيون اقناع عرفات بفكرة ضم فلسطين للاتحاد الاوروبي . واقتنع عرفات فتراجع الاوروبيون !!!

في جميع دول العالم العربي والعالم الثالث ، لا يوجد سوى رئيس وشعب وبينهما جهاز امني . وجميعهم امتدحوا موقف اليونان !!!

اسرائيل طلبت من اليونان مدّ انبوب غاز من تل ابيب الى اثينا ، وكان حريّ بنتانياهو ان يطلب مدّ انبوب اخلاق من أثينا الى تل بيب .

اليونان وحضارة الاغريق علّمت البشرية الديموقراطية ووضعت قواعد الاخلاق والسلوك الاجتماعي وحكم الشعب .

العرب تجار مهرة ، ورجال مكرة ، يحبون الطعام والنساء والغزوات والثأر ، ويكرهون الديموقراطية أكثر من كرههم للمعارضة

سقراط انشأ فكرة البرلمان ، ولكنه جرى اعدامه على يد الغوغاء في البرلمان الذي دعا اليه . بتهمة الهرطقة !!!

مات سقراط مثلما عاش، فقد عاش فيلسوفاً باحثاً عن الحكمة، ومات فيلسوفاً مدافعاً عن الحكمة وعن فلسفته الأخلاقية

وحين طلب منه تلميذه افلاطون ان يعتذر لهؤلاء العوام كي ينجو بحياته قال سقراط : يا أفلاطون، انني اقوم باتمام مهمة تعليم هؤلاء


أما سجّانه ويدعى كريتو وحين قدّم إليه كأس السم وهو يجهش بالبكاء فقد قال لسقراط : "إني لا أفعل ذلك إلا إتماماً للمهمة يا أنبل إنسان"، وبدأت الدموع تسيل من عينيه .

حكم الأوباش " هيئة المحلفين "  على سقراط ان يموت عند غروب الشمس ، ولكن سقراط نادى على السجّان كريتو لكي يحضر له السم باكرا . فقال له يا معلمي، لكن الشمس لا زالت بعيدة عن المغيب، فلماذا لا تستمتع باللحظات الأخيرة من الحياة فتأكل وتشرب؟" فأجاب بهدوء: "يا كريتو، هل تريدني أن أضحك على ذاتي مثل هؤلاء؟"


ولتخفيف الامر طلب سقراط من السجان ان يصف له اسهل طريقة لتجرّع السم والموت سريعا ، ومن " رقّة قلب"  السجّان نصحه ان يشربه بسرعة ، ويمشي في الزنزانة قليلا ليسري السم الزعاف بسرعة في جميع انحاء جسده ، ثم يستلقي على الفراش حتى يصل السم الى قلبه .
وهكذا فعل . ولكنه قبل ان يموت ، شكر السجان على النصيحة ، حتى يخرجه من عقدة عذاب النفس .

ان الذين ينصحون اليونان الان ، هلا يختلفون عن  كريتو أبدا  ، وعلى الشعب اليوناني ان يقول لهم : شكرا على النصيحة . فقد سرى السم بسرعة ووصل القلب .

ملاحظة اخيرة : هل تقدر اية دولة عربية فقيرة ان تقول لا للدول العربية الغنية التي تستعبدها وتتشرط عليها وتتدخل في قراراتها ورواتب موظفيها ؟ بل رواتب وزراءها ورئيسها ؟  هل تستطيع اية دولة عربية لها صحف وكتّاب اعمدة وصحافة وصحفيين غير مأجورين لم ترد اسماءهم في ويكليكس، ان تقول لا للظلم ، مثلما قالت اليونان لا لفرنسا والمانيا وانجلترا ؟
حين تفهم عواصم العرب تجربة اليونان ... نكون قد فهمنا درس سقراط .
هل هناك اي فيلسوف او  رئيس عربي مستعد ليشرب كأس السم من اجل شعبه او شرفه الوطني ؟
معانا يا رب ....