الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عام على حرب غزة - انتصرت المقاومة وانهزم الساسة

نشر بتاريخ: 26/08/2015 ( آخر تحديث: 26/08/2015 الساعة: 12:42 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

لا يكفي ان تنتصر المقاومة ، يجب ان تنتصر غزة
في اليوم الثاني للحرب وحين اعلنت كتائب القسام انها ستقصف تل ابيب في تمام الساعة التاسعة مساء ، استنفر الطيران الاسرائيلي ومنظومات الدفاع لافشال المقاومة ، ومن شدة ثقة الجمهور الاسرائيلي بجيشه قامت محطات التلفزة بنصب الكاميرات والبث مباشرة من تل ابيب ، وكانت الصدمة الاولى في الحرب ان الصواريخ وصلت تل ابيب ووقعت في تل ابيب فسقطت استراتيجية الجيش الاسرائيلي ان الحرب يجب ان تكون في ارض العدو . وتتالت بعدها ناتصارات المقاومة من عمليات البحر وعملية زيكيم واسر الجنود في رفح واسطورة الشجاعية ، والاخطر ان معظم القتلى من جيش الاحتلال سقطوا بقذائف الهاون التي لا يصل مداها الى ابعد من 4-8 كم فقط .

والمقاومة من لجان المقاومة الشعبية وسرايا القدس وكتائب شهداء الاقصى وكتائب ابو علي مصطفى وكتائب المقاومة الوطنية وكل المناضلين الذين وقفوا في أرض المعركة أبدعوا على نحو فاجئ الاصدقاء والاعداء ما حدا باسرائيل للانتقام من اهل غزة وبنايات غزة وأبراج غزة ومدارس غزة ، ولو عدنا بالذاكرة لايام الحرب الاخيرة لوجدنا ان اسرائيل كانت تقصف ابراجا وبنايات شاهقة ملئية بالسكان لتلوي ذراع المقاومة وتحطم تماسك الجبهة الداخلية وتفصل شعور التعبئة الوطنية في الضفة الغربية والقدس وداخل الخط الاخضر ، ولتدفعنا لنقول ان المقاومة اخطأت وان هذه الحرب كانت زائدة ولا ضرورة لها .

ولا تزال مجموعة من الفلسطينيين ترى ان الحرب على غزة لم تكن ضرورة ، ولكن هذا التحليل مجرد وعديم الرحمة ، لان اسرائيل حاصرت غزة وخنقت غزة وكتمت أنفاس غزة وقهرت غزة وعذّبت غزة حتى ثارت غزة . ومن يقرأ تقارير اسرائيلية حول الحرب يعرف تماما كيف انتصرت المقاومة ، وانتصر الوفد التفاوضي الموحد الذي كان في القاهرة لانه كان يفاوض وكأنه لا يوجد حرب ، وكانت المقاومة تقاتل وكانه لا يوجد مفاوضات ، ولكن .

ان السياسيين الفلسطينيين لم ينجحوا في مواصلة قطف ثمار المقاومة ، وعادوا الى حالة التيه والضياع ، ورغم حكومة التوافق الوطني ظل الانقسام هو المؤسسة الخفية التي تدير حياة غزة ، وهربت من بين ايادينا الايام والاسابيع والشهور حتى ضاعت سنة . والويم ترى قطاع غزة لا يزال أكبر سجن في العالم ، ومحاصر من الجهات الخمس ، وغزة معزولة عن العالم كليا ، وبناياتها مهدمة على الارض واعادة الاعمار صارت لعبة بيد الاطراف المتخاصمة ، والعلاقة مع مصر في تدهور ومعبر رفح مغلق ومعابر غزة الاخرى مقفلة ، وفقدان ثقة كامل بين سوريا وحماس ، وتربص بين حماس ومنظمة التحرير وابتعاد عن ايران وقطيعة مع سوريا ... ما يعني ان غزة وبعد معارك اهلية وثلاثة حروب طنجرة ضغط قد تنفجر في اية لحظة .

انتصرت المقاومة ... وأنهزم الساسة . ولكن هذه النتيجة ليست نهائية ، ولا تزال غزة اكثر المدن الفلسطينية ذكاء وقوة وابداع وجمال ويمكن تحويلها الى اجمل بقعة على الارض ، واجمل من هونج كونج وسنغافورة ، واغنى من الكويت ، واكثر استقرارا من تل ابيب .