الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مصادر عبرية: اصابة مستوطن بعملية طعن واطلاق النار على المنفذ قرب الرملة

البندقية الوطنية الفلسطينية ما بين الواقع الراهن ومسارها التاريخي ...

نشر بتاريخ: 12/10/2015 ( آخر تحديث: 12/10/2015 الساعة: 15:01 )

الكاتب: يونس العموري

كثرت بالأوانة الأخيرة الأطروحات الناقدة للسلاح الفلسطيني وتوجهاته ومنطلقات فعله واهدافه بحجج وذرائع مختلفة اقلها التخوف من الفوضى او هذا السلاح قد يقود الجانب الفلسطيني الى الملعب الذي تريده دولة الاحتلال .. والتخوفات من اعادة ما يسمى بالفلتان الأمني وانتشار فوضى السلاح ... وقبل الغوص في تفنيد هذه الأطروحات لا بد من التوضيح بداية ان فوضى السلاح والفوضى الأمنية الناجمة عن العبث بأمن المواطن والشعب مردها اولا وقبل كل شيء لجملة من العوامل لا شك ان اولها هو ترهل فعل السلطة الحاكمة من خلال اجهزتها ودوائرها الأمنية ومختلف مؤسساتها التي من المفروض ان تعمل في سبيل خدمة المواطن والوطن على اساس برنامجي واضح المعالم يأخذ بعين الإعتبار احتياجات المواطن من خلال احتياجات الوطن بالشكل العمومي (الأمر الذي اشكك فيه في ظل استمرار الإحتلال الإسرائيلي الجاثم على كامل التراب الوطني الفلسطيني بل والمُتدخل فعليا وعمليا بأدق التفاصيل الحياتية اليومية الفلسطينية ...) ومن هنا يكون الأداء السلطوي فعلا منطلقا من المواطن وللمواطن، وبلا شك فلفعل المواطن تأثير ذا فعالية قصوى بمدى ضبط الحالة الأمنية والإجتماعية في البلد بالمفهوم العملي والفعلي لهذه الحالة ...

العامل الأخر الذي لا يقل اهمية هو برأيي دور القوى والفعاليات الوطنية بما يسمى بفوضى السلاح والتخوف منه ومن الفعل المقاوم ... اذ ان هذه القوى وهي احدى اهم تشكيلات الواقع الحياتي الفلسطيني، عليها مسؤوليات من الضروري ان تقف عندها وتمارس دورها في عمليات الإصلاح وضبط الأوضاع الداخلية بما ينسجم وحقيقة المُراد فلسطينيا بالمعنى الشعبي ... لا ان تبقى آخذة لدور الناقد والمتفرج على الوضع العمومي للساحة الفلسطيني الداخلية.. وهنا تتحمل كافة التنظيمات والفصائل والقوى الفلسطينية على مختلف توجهاتها ومشاربها الفكرية جزء من المسؤولية ...

اما من بات لا يرى بالسلاح الفلسطيني سوى اداة تخريبية لمسيرة القضية الفلسطينية فلابد من اعادة تذكيره بجملة حقائق اعتقد ان لها الكثير من الموضوعية في مسيرة الفعل النضالي الفلسطيني بشكله العام .. لقد ذهب البعض للحديث عن فوضى السلاح الفلسطيني منذ ان كانت المقاومة قابعة بالأردن حيث اعتبر هذا البعض ان ما حدث بالأردن بنهايات الستينات ما هو الا نتيجة طبيعية لفوضى السلاح الفلسطيني آنذاك وما حدث بلبنان من ويلات للحرب الأهلية الداخلية بين الفرقاء اللبنانيين تتحمل مسؤوليته البندقية الفلسطينية اساسا..!! بل ان هذا البعض قد راح يحمل بندقية المقاومة الفلسطينية مسؤولية الإجتياح الإسرائيلي للبنان واسقاط بيروت كعاصمة عربية بقبضة الإحتلال الإسرائيلي .. وتحميل هذه المسؤولية كان ظالما للبنادق القتالية التي كانت وما زالت تقاوم المشروع الإسرائيلي في المنطقة ... هذا ما جاء ويجيء في سطور كتبة الكثير ممن يدعون انهم اصحاب رأي وموقف والمعنونة بفوضى السلاح الفلسطيني مرة اخرى ... وكأنهم ارادوا ويريدون القول من خلال هذا العناوين ان السلاح الفلسطيني والمقصود هنا المقاوم عاش ويعيش حالة من الفوضى مرافقة له منذ البدايات.. وتناسى ويتناسى هؤلاء، الكثير من الدوائر الإستخباراتية العربية منها والإقليمية وحتى الدولية عملت لحرف السلاح الفلسطيني المقاوم عن مساره الكفاحي الطبيعي، وذلك من خلال إقحام هذا السلاح بالعديد من الصراعات والسجالات التي لا علاقة للبندقية الفلسطينية بها بالأساس.. بل ان الكثير من المعارك التي لربما يسميها البعض، بفوضى السلاح الفلسطيني جراءها كانت قد فُرضت على الجانب الفلسطيني كمعارك عمان واحداث ايلول التي كانت نتيجة وليست سبباً لمسلسل طويل من ابادة وتصفية هذا السلاح وبالتالي هذه البندقية عبر العديد من الإشكاليات التي تم تفصيلها وخلقها وفعلها على ساحة الفعل من باب اقحام هذه البندقية بما يمكننا ان نسميه بممارسات العديد من الدوائر التي تتبع مباشرة لهذه الجهة المخابراتية او تلك ....

بل ان بعضهم اعتبر انه لولا وجود السلطة الأردنية القوية آنذاك على حد تعبيرهم لكان مسار فوضى السلاح الفلسطيني نحو خلق ما يسمى بالوطن البديل.. وهنا لابد من الإشارة للمغالطة التاريخية الظالمة بهذا الصدد والمتمثلة بأن البندقية الفلسطينية المقاومة والمناضلة آنذاك كانت ترفض مشروع الوطن البديل والسلاح الفوضوي المدعوم بالشكل المباشر من العديد من الجهات الإقليمية والدولية ممن ارادت تثبيت حقيقة الوطن البديل في الأردن.. بل لربما ان الثمن الذي دفعته بنادق المقاومة آنذاك جاء كنتيجة لرفض الوطن البديل ومشاريع التوطين والتصفية للمسألة الفلسطيتنية برمتها ... ومرة أُخرى يكون الوقوع بذات المغالطة عند الحديث عن التجربة اللبنانية ودور السلاح الفلسطيني فيها.. وهنا لابد من مراجعة شاملة لتاريخ الحرب الأهلية اللبنانية والتي اثبتت ان السلاح الفلسطيني كان على الدوام حماية للحركة الوطنية اللبنانية وحماية لعروبية لبنان بل حماية لأكثر من 400 الف فلسطيني كانوا فريسة سهلة للفعل السلطوي اللبناني آنذاك، وللفعل المليشوي الذي استهدف الإنسان الفلسطيني كهوية على الأرض اللبنانية ... بل ان مسلسل تصفية هذا الوجود استمر حتى ما بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت ومن كامل الأراضي اللبنانية..

وللتذكير فقط: ماذا يمكننا ان نسمي مجازر صبرا وشاتيلا وحرب المخيمات طيلة سنوات الـ 85 و86 حتى بدايات الإنتفاضة الأولى في الأراضي الفلسطينية والتي خاضتها حركة أمل بإيعاز من قبل النظام السوري آنذاك ... وفي هذا السياق فمن الظلم والمؤسف ان يتم تناول البندقية الفلسطينية وبكافة مراحل تجربتها بمثل هذا الإفتراءات الإسقاطية على التجربة الكفاحية للشعب الفلسطيني بمختلف محطاته النضالية ....

اما فيما يخص الواقع الفلسطيني المعاش، وتحديدا بفترة الانتفاضة الثانية وما بعدها ، فبلا شك ان الكثير من التجاوزات والأخطاء قد اسهمت بخلق حالة من الفلتان الأمني الحياتي الداخلي جراء انتشار ظاهرة السلاح الفوضوي وهنا لابد من اعادة صياغة المفاهيم من جديد بمعنى ان المفهوم الواحد بل والأوحد للسلاح النضالي الفلسطيني هو ذاك الموجه بأتجاهه الصحيح والعارف لخطواته والضابط لحركة فعله والمحدد لألياته السياسية وغير ذلك فذاك سلاحا غير شرعي مشبوه الأنتماء والأهداف .. وحيث ذلك فانا اعتقد ان كافة الممارسات الإجرامية التي تمارس باسم السلاح الفلسطيني وبندقية الفعل المقاوم يُراد من خلالها تشويه حقيقة هذه البندقية من خلال اطر وعصابات إجرامية بصرف النظر عن مواقعها الجغرافية او تلك الأطرية، وهنا لابد من الإنتباه الى ان حالة من الشرذمة سادت وتسود الواقع الفلسطيني جراء عدم الوضح السياسي وبالتالي الحياتي الإجتماعي ساهمت وما زالت تساهم في خلق حالة من اللااستقرار وازدياد وتيرة الجريمة والتي لا يمكن وصف فوضى السلاح الا في اطارها سواء تلك المُنظمة الهادفة لخلق حالة تشويهية للبندقية النضالية الكفاحية الحقيقية وسحب الإعتراف الشعبي منها وبالتالي عزلها وقمعها .... او حتى تلك الحالات الفردية التي تسكن بمختلف الأطر النضالية الحقيقية او حتى الأطر الأمنية الفلسطينية الرسمية ...

وامام هكذا اطروحة لابد من الانتباه ان الحراك الوطني الشعبي وتطورات الحالة الجماهيرية الى ارقى اشكال الفعل المقاوم الشعبي الجماهيري في اطار الانتفاضة الشعبية العارمة، يظل مفتوح الخيارات والميدان من حقه ان يفرز وقائعه ، ويطور ادواته واساليبهن وفقا لطبيعة المرحلة وكل ذلك منوط بتطور الواقع واحداثه. ولابد من التوقف عن تشويه العملية النضالية التاريخية للمقاومة الفلسطينية.

ان البندقية الفلسطينية اليوم وهي تواجه التحدي وتحاول ان تظل مضبوطة التوجه والاداء مسيسة اولا واخرا وتسيسيها مسؤولية من يوجهها ويتعاطى واياها، واستنادا الى كافة المواثيق ومبادىء العدالة الدولية وشرعة حقوق الانسان ونصوص القانون الدولي والقانون الدولي الانساني والتي اجازت بل وأيدت النضال الوطني للشعب المُحتل بكافة الخيارات المتاحة والمفتوحة، بصرف النظر عن معادلات الربح والخسارة بهذا الشأن.
اعتقد ان اداء السلاح الفلسطيني يظل اداءا مبتورا في ظل عقم سياسي وطني عام، وفي ظل تشويه وتخوف من فعله، لكن لا يمكن ظلم هذا السلاح وظلم فعله التاريخي والراهن ايضا....