الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

هدفان للانتفاضة الراهنة ، والبعض يريد تحميلها فواتير قديمة

نشر بتاريخ: 04/11/2015 ( آخر تحديث: 04/11/2015 الساعة: 13:05 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

بورصة المراهنات السياسية والأمنية وصلت الذروة ، وتراهن اسرائيل على أن يصيب التعب شبان رام الله وبيت لحم والخليل والقدس ويكفوا عن التظاهر وتعود نفس الوجوه على نفس المقاعد للاستفادة مما حدث كل بطريقته دون احداث أي تغيير جذري ودون فتح أية افاق سياسية .

وتراهن التنظيمات على شبان الانتفاضة أن لا يتعبوا وان لا يكفوا عن التظاهر ، ويراهن الشبان على التنظيمات ان تتدخل وترد الصفعة لجيش الاحتلال ، وتراهن التنظيمات على السلطة ان تخرج عن مألوف الاستاتيكو وتتحول الى تنظيم مهاجم ، وتراهن السلطة على اجهزة الامن الفلسطينية ان تحسم الامر مثلما فعلت عام 2001 ، , وتراهن دائرة المفاوضات ان الاعمال الانتفاضية ستصب في النهايه لمصلحتها وتجعل موقفها أقوى ، وتراهن اجهزة الامن على التدخل الامريكي العاجل لكبح اسرائيل ، وتراهن امريكا على التدخل العربي الرسمي ، وتراهن جامعة الدول العربية على الدولا لغنية والدول الاقليمية القوية ان تلعب دورا حاسما ، وتراهن الدول الغنية على الاتحاد الاوروبي والمبادرة الفرنسية ، وتراهن الدول الاوروبية على الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ، وتراهن الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على الممولين ... حتى صارت امريكا ( المرعوبة من فكرة طردها من الشرق الاوسط ) مضطرة لازدراء جميع ما ذكر وبدأت تحاول الاتصال المباشر مع المتظاهرين والاستماع الى مطالبهم !!!!

دول وحكومات وقوى وقارات وحلفاء وتنظيمات وأجهزة مخابرات كبيرة صارت تريد تحميل الانتفاضة الفلسطينية فواتير قديمة لجرد حسابها وتحرير نفسها من أية مستحقات أو ديون سياسية سابقة ، بل ان البعض ربط الوضع في العراق وليبيا وسوريا وغزة وقطر وانتخابات تركيا ، وائتلاف حكومة نتانياهو ، وموازنة المالية ورواتب الموظفين وتفاهمات حكومة الوحدة الوطنية والمصالحة ، وحصار غزة ورواتب موظفيها وحتى أزمة الاخوان المسلمين وأزمة اليسار  والعلاقة مع الاردن والعلاقة مع مصر ،  بتظاهرات الشارع الفلسطيني الغاضبة .
وللتذكير فان الانتفاضة اندلعت اول اكتوبر لسببين ( وقف ارهاب اليهود والمستوطنين ضد السكان وحماية المسجد الاقصى ) ، ولولا العقم السياسي العربي والانحياز السياسي الامريكي والانحطاط الرسمي الصهيوني ، لما كانت كل هذا التعقيدات دخلت في تظاهرات الشارع . حيث لا يحتاج الامر الى مؤتمر دولي وسلسلة اجتماعات للكابينيت الاسرائيلي لقراءة هذين العنوانين ، وإنما كان يكفي ملازم اول شرطة أن يعرف اين الدواء وأين الدواء .

وقد صار واضحا ان الانتفاضة رسمت لنفسها شكلا مختلفا هذه المرة ، فالمدارس تواصل التعليم والمحلات التجارية تواصل الخدمة والجامعات لا تتوقف ، وانما هي من خلال مواصلتها الحياة والعمل تعطي الغضب الشعبي زخما يعني الديمومة وطول النفس .
طالما ان هناك ارهاب يهودي في الضفة الغربية والقدس ، وخلايا ارهاب يهودية تخطط لقتل العرب ، خلايا يحميها وزراء وجنرالات واعضاء كنيست ، وطالما ان هناك حاخام او وزير صهيوني يدعو علنا لهدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل ... ستستمر الانتفاضة لمئة سنة قادمة .
وكل من يحاول ان يرمي فواتير سابقة وديون اقليمية على ظهر الانتفاضة سيكشف نفسه مبكرا اما الجماهير  ، لان شبان الارض المحتلة كما بدا لنا ، لا يجيدون التفاوض والمساومة ، وانما منحهم الله في صدورهم وعقولهم جهازا لكشف الكذب ، وهم قادرون على اتخاذ القرار من دون مساعدة اية جهة .