نشر بتاريخ: 17/06/2016 ( آخر تحديث: 17/06/2016 الساعة: 14:40 )
الكاتب: حيدر عيد
فلنتصور السيناريو التالي:
" حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يشارك رسميا في مؤتمرفرفورد ( الذي سمي على إسم مؤسس نظام التفرقة العنصريةهندريك فرفورد)للأمن القومي الجنوب أفريقي الأبيض تحت عنوان (وضع أجندة جديدة لجنوب أفريقيا بيضاء في قارة أفريقيا المضطربة,) حيث قام الحزب بانتداب ممثلاَ عنه للمشاركة في المؤتمر الذي يعتبر المؤتمر الأهم في الأوساط الاستخباراتية والعسكرية الجنوب أفريقية البيضاء، حيث أنه يُعنى بتطوير وتعزيز (الأمن القومي الجنوب أفريقي. و يُعقد هذا المؤتمر سنويًا بهدف مراجعة السياسات الأمنية الجنوب أفريقية وتحديد معالم سياسات للعام المقبل ومراحل أخرى قادمة، ويعد لذلك مرجعًا أساسيًا للحكومات البيضاء المتعاقبة في اتخاذ قراراتها.) و قد صرح عضو وفد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المشارك أنه (لم يتردد للحظة عن المشاركة في المؤتمر انطلاقا من قناعته بان من يبحث عن السلام العادل والشامل يجب ان يذهب اليه ولو كان في آخر العالم.) هذا و لم تمنع الانتقادات الحادة لسياسات نظام الأبارتهيد العنصري أحد أعضاء الوفد, وهو عضو لجنة التواصل مع المجتمع الأفريكاني الأبيض , من التصريح بأن (هذاالمؤتمر السنوي قد تحول الى مؤتمر دولي تدعو اليه حكومة جنوب أفريقيا البيضاء شخصيات من كل العالم للمشاركة به، وهذه فرصة لحزب المؤتمر الوطني لأن يطرح موقفه بصورة واضحة دون اي شوائب.. فما الخطأ في ذلك؟) و أضاف(هذا الموضوع ليس له علاقة بالتطبيع والمقاطعة، وانما هو اشتباك سياسي من الدرجة الاولى، وعلى كل افريقي ان ينتهز الفرصة لنقل الموقف الجنوب أفريقي الواضح الى كل جهة سواء تابعة للأبارتهيدأو لغيره، وفي بريتوريا أو في لندن...إن من لا يرى الجوانب الايجابية لهذا الحضور الأفريقي السياسي في مؤتمر من هذا النوع، هو شخص مصاب بالحول السياسي!)"
لا يمكن تصور هكذا سيناريو بدون إصدار إدانة قوية تتهم المشاركين في هكذا مؤتمر بالتطبيع تبعا للتعريف الذي ما أجمع عليه كل المجتمع المدني الجنوب أفريقي و قواه السياسية المناهضة لنظام الفصل العنصري. بل زد على ذلك ان هناك من سيرى أن ذلك المؤتمر يأتي في سياق مخططات نظام الأبارتهيد التي أقرتها حكومته لمحاربة المقاطعة خارجيا و داخليا. و بما أنها فشلت خارجيا, فإنها قررت توجيه تركيزها على الجبهة الداخلية و الأفريقية من خلال عقد هكذا مؤتمرات يشارك بها سفراء أفارقة و قادة محليون "تقدميون," ناهيك عن استضافة كتاب أفارقة على شاشات التلفزة البيضاء للحديث عن الثقافة و الأدب. كل ذلك في محاولة مستميتة لتبييض الجرائم العنصرية التي ترتكبها تلك الحكومة ضد سكان البلد الأصليين و في مخالفة صارخة للقانون الدولي.
و لكن هناك من يجادل أن" الإدانة لا تكفي. بل لا بد من التصدي لهذا التواطؤ بمواجهة حالة التكيّف مع ... الاستعمار-الاستيطاني والفصل العنصري الأفريكاني السائدة في بعض الأوساط الرسمية الأفريقية ومنها (الجنوب أفريقية). و بناءً عليه، تدعو هذه الأوساط, ممثلةبالجبهة الديمقراطية المتحدة, التي تضم أعرض قطاعات المجتمع المدني الجنوب أفريقي و قواه السياسية, شعب جنوب أفريقيا وقواه الحية وأطره الشعبية والنقابية للضغط على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.، لتنفيذ التزاماته بقراراته الداعية إلى تأييد مقاطعة نظام الأبارتهيد وسحب الاستثمارات منه وفرض العقوبات عليه وفك الارتباط معه, وتناشد الشعوب الأفريقية الشقيقة، وخاصة حملات المقاطعة الشعبية الواسعة ، برفع مستوى التصدي للتطبيع الأفريقي الرسمي مع دولة الابارتهيد والذي يضر بالقارة الأفريقية ككل." و أضافت الجبهة في بيانها أن “نظام الأبارتهيد قد ينجح في تطويع بعض المسؤولين الأفارقة، ولكن شعب جنوب أفريقيا, مع الشعوب الأفريقية الشقيقة لن يقبل بالتطبيع ولا بالتكيف مع واقع الاستعمار، بل سيقاومه لينتصر وينال حقوقه بموجب القانون الدولي.".
نهاية السيناريو الكافكاوي!
و لكن يبقى السؤال: هل يعيد التاريخ نفسه في صورة تراجيديا أم ملهاة؟