الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

معاريف: الطريق إلى التسوية يمر في رام الله

نشر بتاريخ: 30/08/2016 ( آخر تحديث: 30/08/2016 الساعة: 14:14 )
معاريف: الطريق إلى التسوية يمر في رام الله
بيت لحم-معا- إن الفلسطينيين بحاجة إلى بديل أفضل من حكم حماس ومن طريق العنف. ومثلما تعلمنا من تاريخ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني فإنه لا توجد هنا طرق مختصرة. فالطريق إلى التسوية التاريخية مع العالم العربي والإسلامي المعتدل ستتم فقط بتحقيق تقدم حقيقي مع القيادة الفلسطينية في رام الله لتطبيق حل الدولتين.

في يوم الأحد الماضي سُمعت من جديد أصوات صفارات الإنذار في سديروت. ولحسن الحظ لم تقع إصابات، وهو الحظ ذاته الذي رافقنا آلاف المرات قبل ذلك عندما أخطأت صواريخ حماس والميليشيات الأخرى في غزة أهدافها. والصاروخ الذي أُطلق إلى سديروت في بداية الأسبوع المنصرم هو عبارة عن تذكير مؤلم بالفرصة الكبيرة التي فوتها نتنياهو على مواطني إسرائيل، وكذلك بالهشاشة القائمة في العلاقات بين غزة وإسرائيل.

وقبل عامين، في 26 آب/ أغسطس 2014، انتهت عملية "الجرف الصامد". حيث استمرت سبعة أسابيع وصل خلالها تهديد صواريخ غزة إلى تل أبيب أيضاً. وقاتل جنود الجيش الإسرائيلي بشجاعة في القطاع في الوقت الذي وفرت فيه منظومة "القبة الحديدية" السلامة لمواطني إسرائيل في الجبهة الخلفية في وجه الرشقات اليومية من عشرات ومئات الصواريخ.

لقد صمد الجيش الإسرائيلي والمدنيون الإسرائيليون ووقفوا بشجاعة في الحرب الأخيرة. ولا يوجد هناك أي منطق استراتيجي لنتوقع منهم أن يواصلوا فعل ذلك في الحرب القادمة، أو في الحرب التي ستأتي بعدها. لقد كانت عملية "الجرف الصامد" حرباً ألحقت الضرر بالنشاطات الاقتصادية وتركت تجارب مؤلمة في أوساط المدنيين. إلا أن ما يزيد من حدة الصدمة هو أنه على الرغم من الثمن المرتفع في حياة البشر وفي البنى التحتية فإن الحرب انتهت بدون أي إنجاز سياسي.

وفي هذه المرة أيضاً كان هناك الكثير من الأفكار، وبخاصة تجريد القطاع من السلاح واستبدال حماس عند النقاط الحدودية بقوات أمن تابعة للسلطة الفلسطينية، وذلك في إطار قمة إقليمية والعودة إلى مفاوضات السلام على قاعدة خطوط 67 والإبقاء على الكتل الاستيطانية. فيما اقترح اليمين المتطرف احتلال القطاع بشكل كامل. ومع ذلك فإن كل "الأفق السياسي" الذي تحدث عنه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد تلاشى واختفى.

إن غزة اليوم هي عبارة عن منطقة تتدهور باتجاه أزمة اقتصادية وبيئية خانقة. وحماس تواجه ضائقة مالية قاسية جداً، والأموال التي نُقلت في الشهر الماضي من قطر لا تكفي حتى لدفع رواتب شهر تموز/ يوليو. وبالإضافة إلى ذلك هناك أزمة مياه خطيرة، والتي من شأنها أن تكون لها آثار بيئية وصحية خطيرة حتى على إسرائيل. وعلى الرغم من أنها تحظى بتعاطف معين في الضفة الغربية إلا أنه لا يوجد لحركة حماس تأييد حقيقي في أوساط مواطني غزة. والندوب التي خلفتها الحرب واضحة جداً، والعلاقات مع مصر في أدنى مستوياتها، وعملية المصالحة المأمولة مع حركة فتح لا تزال مجمدة. وعلاوة على ذلك فقد تضرر الإنجاز الأكبر الذي حققته حركة حماس إلى الآن – ألا وهو إطلاق سراح 1047 مخرباً على يد حكومة نتنياهو في إطار المفاوضات لإطلاق سراح غلعاد شاليط - وذلك بعد أن تم اعتقال الكثيرين منهم من جديد خلال عملية "الجرف الصامد".

الظروف على الأرض يمكن أن تتدهور إلى حرب بسهولة

على أبواب الانتخابات المحلية التي من المقرر إجراؤها في شهر تشرين الأول / أكتوبر في يهودا السامرة وفي غزة، قد تُفضل حركة حماس تحويل الانتقادات الموجهة إليها من الداخل باتجاه إسرائيل. وعلى الرغم من أنه يبدو أن الجبهة قد هدأت في أعقاب عملية الإطلاق التي حصلت في الأسبوع الماضي على سديروت إلا أن كل الظروف على الأرض يمكن أن تتدهور بسهولة إلى حرب أخرى. فحركة حماس تواصل تسليح نفسها، وهي تتحصن، وتواصل التخندق في الأنفاق تحت كيبوتسات ومستوطنات منطقة "غلاف غزة".

لقد أطلق نتنياهو وليبرمان في الماضي تصريحات فارغة مثل القضاء على حركة حماس، واغتيال رئيس حكومتها إسماعيل هنية، ما لم تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين (ابراهام مينغستو وهشام السيد الموجودان على قيد الحياة، وجثث هدار غولدين واورون شاؤول). وهما الآن يصمتان.
يجب تشديد عزلة حماس – دولياً وإقليمياً. وهي يجب أن تعود إلى أدنى نقطة لها في الرأي العام الفلسطيني التي كانت موجودة عندها في استطلاعات الرأي في الضفة وفي القطاع في الأيام التي سبقت الحرب. ومن أجل ذلك فإن الفلسطينيين بحاجة إلى بديل أفضل من حكم حماس ومن طريق العنف. ومثلما تعلمنا من تاريخ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني فإنه لا توجد هنا طرق مختصرة. فالطريق إلى التسوية التاريخية مع العالم العربي والإسلامي المعتدل ستتم فقط بتحقيق تقدم حقيقي مع القيادة الفلسطينية في رام الله لتطبيق حل الدولتين.

ومع ذلك فإن نتنياهو وليبرمان يعرضان حلولاً تُبقي على الوضع القائم. وبعد عامين من العملية هناك اعتراف متزايد لدى كل القيادة العسكرية، وقسم من القيادة السياسية، بأنه بدون خطوة سياسية متممة سنفقد الإنجازات العسكرية إلى درجة كبيرة. فهذان الرجلان اللذان يشغلان أهم ثلاث مناصب في الساحة الأمنية - السياسية، وزير الأمن ووزير الخارجية ورئيس الحكومة، يحاولان إدارة الواقع بشكل يائس. وبعد عامين على "الجرف الصامد"، إسرائيل بحاجة إلى "قبة حديدية" سياسية وإلى زعامة لا تخشى العمل من أجل تغيير الواقع بهدف ضمان أمن إسرائيل، وكذلك بقائها كدولة يهودية ديمقراطية.

ترجمة مرعي حطيني (معاريف)