الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

القائد الأسير أبو غلمى يكتب في ذكرى اعتقال سعادات

نشر بتاريخ: 15/01/2017 ( آخر تحديث: 15/01/2017 الساعة: 19:22 )
القائد الأسير أبو غلمى يكتب في ذكرى اعتقال سعادات
بقلم: عاهد أبو غلمى
تمر علينا في هذه الأيام ذكرى اعتقال الأمين للجبهة ورفاقه على يد السلطة الفلسطينية بعد ملاحقة ومطاردة استمرت عدة أشهر على اثر مقتل الوزير الصهيوني التي تمت تصفيته على ايدي مجموعة من كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد استشهاد الأمين العام السابق أبو علي مصطفى. وجاء اعتقال الرفيق أبو غسان تحت عنوان التنسيق بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال.

في الخامس عشر من كانون الثاني لعام 2002 تم اعتقال الأمين العام احمد سعدات على يد أجهزة الأمن الفلسطينية تحت مبررات وعناوين مختلفة، منها الحماية أو الحفاظ على حياة الأمين العام وغيرها من المبررات، ولكننا نعرف جميعاً أن اعتقاله ورفاقه جاء ثمرة للتنسيق الأمني بين السلطة وسلطات الاحتلال، بعد قتل الوزير الصهيوني العنصري "رحبعام زئيفي" التي قتلته الجبهة بعد أن ساهم في قرار اغتيال الرفيق الشهيد أبو علي مصطفى.

وبعد أن وضعت سلطات الاحتلال شروط وإجراءات عديدة بموجب الاتفاقيات بين السلطة والاحتلال، فإن بند التنسيق الأمني ما زال هو الجانب الذي يعمل من اتفاق أوسلو المشئوم والذي ظل يخدم السياسة والأمن الصهيوني، وقد أوقع هذا البند السلطة في العديد من الأخطاء والاخفاقات وصلت في أحيان كثيرة حد الجريمة أو الخطيئة، وقد خسرنا نتيجة هذا التنسيق عدد من أبناء شعبنا إما شهداء أو معتقلين، وكان ذلك في سبيل الحفاظ على هذا الجانب الأكثر ظلاماً من اتفاق أوسلو من قبل السلطة.

ان سلطات الاحتلال تعاملت في أحيان كثيرة مع أجهزة الأمن الفلسطينية كجزء من أجهزتها الأمنية التي تنفذ أجندتها الأمنية، وقد وجهت لها العديد من الضربات القاسية في عدد من الحوادث منها اعتقال مناضلين ومطلوبين أثناء نقلهم بين محافظات الضفة من قبل أجهزة السلطة، بالإضافة إلى استهداف أجهزة الامن الفلسطينية واعتقال بعض عناصر وضباط السلطة أو قتلهم على مداخل المدن الفلسطينية.

وعلى الرغم من ذلك استمرت السلطة بالتنسيق الأمني، وكانت الخطيئة عندما قررت اعتقال الأمين للجبهة الرفيق أحمد سعدات ورفاقه عام 2002، حيث اشترطت سلطات الاحتلال في حينها السماح للرئيس عرفات بالسفر والخروج من المقاطعة مقابل اعتقال الأمين العام ورفاقه، ولكنها لم تشفع للسلطة وتعاملت معها باستخفاف ولم تسمح للرئيس الراحل بالحركة والسفر خارج حدود رام الله، ولم يأخذ هذا القرار وقتاً طويلاً حتى حاصر الاحتلال المقاطعة التي كان يقطن فيها الرئيس، والتي كان يعتقل فيها الأمين العام ورفاقه، واستمر الحصار أكثر من شهر، تم خلاله تدمير مباني المقاطعة، وتهديد كل من كان فيها بالقتل.

وهنا وقعت الخطيئة الثانية عندما وافقت السلطة على نقل الأمين العام ورفاقه من مقاطعة رام الله إلى السجن في أريحا تحت رقابة أمريكية بريطانية مقابل رفع الحصار من جديد عن الرئيس والمقاطعة، وهذا أيضاً لم يستمر طويلاً حيث تم حصار الرئيس من جديد بعد شهر واستمر حتى استشهاده عام 2004.

هذه الأحداث الكبيرة لم تحدث بمحض الصدفة، بل استمرت السلطة بالتنسيق الأمني، وظل هذا البند الوحيد من اتفاقيات أوسلو الذي يتم العمل به، وهو ما يخدم السياسة الصهيونية وأجهزتها الأمنية، فكانت عملية اجتياح سجن أريحا عام 2006 بعد أربع سنوات من اعتقال الرفيق الأمين العام ورفاقه فيه واقتيادهم إلى السجون الصهيونية عنواناً جديداً لهذه الجريمة التي تواطأت فيها كل من بريطانيا وأمريكا الراعيتين لصفقة اعتقال الرفاق في سجن أريحا، وفي ظل صمت السلطة والتي لم تتحرك ساكناً واكتفت بالشجب والاستنكار.

وعلى الرغم من هذه الأحداث والاخفاقات والخطايا التي وقعت بها السلطة، وفي ظل الانتهاكات المستمرة للاحتلال من قتل للشباب والأطفال بدم بارد، وتدمير البيوت، ومصادرة الأراضي، وتمدد الاستيطان، وتهويد القدس، واستمرار الاعتقالات بالجملة، والاجتياحات المستمرة لمناطق نفوذ السلطة، ما زالت السلطة تتمسك بالتنسيق الأمني كخيار واحد ووحيد للحفاظ على أمن المواطن كما يدعون، والذي لم ولن يجلب الأمان والامن لأي مواطن فلسطيني، وكأن كل الدروس والعبر والانتهاكات والاتفاقيات لم تكفي بعد لتستفيق السلطة من سياساتها ومراهناتها على هذا النهج من العمل!!.

آما آن الأوان لرجالات السلطة أن يراجعوا أنفسهم ويقفوا أمام هذه التجربة الأليمة التي كانت وما زالت خنجراً مغروساً في خاصرة الشعب الفلسطيني والقضية.

أما آن الأوان أن تقف السلطة إلى جانب أبناء شعبنا، وتبحث عن مصادر الأمن والأمان للمواطن قبل البحث عنها لمغتصبي أرضنا ومصادري حقوقنا.

أما آن الأوان أن تنحاز هذه السلطة لخيارات شعبنا، وتؤمن بقدراته وتعززها، وتدعم نضاله ومقاومته كبديل عن التنسيق الأمني الذي لم ولن يجدي نفعاً.

أما آن الأوان أن ندرك أن قوتنا تتجسد في وحدتنا وتماسكنا ووحدة برامجنا وسياستنا ومقاومتنا.

وفي الختام، نتوجه للقيادة الفلسطينية الرسمية بأن تقف أمام مسئولياتها، وأن تعمل على مراجعة أولوياتها والضغط على الأطراف الراعية لاتفاق نقل الأمين العام ورفاقه إلى سجن اريحا، وتطالبهم بتحمل مسئولياتهم وأخذ دورهم من أجل الإفراج عن الأمين العام ورفاقه فوراً، ولو كان ذلك من خلال التوجه للمحاكم الدولية.

عاهد أبو غلمى
عضو ل.م.ع