الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

للسفر خمس فوائد .. الا في فلسطين خمسة مضار

نشر بتاريخ: 28/01/2017 ( آخر تحديث: 28/01/2017 الساعة: 12:26 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

بخلاف سكان المعمورة، يعتبر السفر من الأمور التي تخيف الفلسطينيين وتجعل حياتهم في مهب الريح، فكم من مواطن سافر خارج فلسطين ولم يستطع العودة طوال حياته بسبب منع الاحتلال أو فقدان وثيقة، أو أنه جرى الزج به في السجن حتى ضاعت زهرة شبابه . وكم من مواطن خسر وظيفته أو دراسته لانه عاد في العطلة الصيفية فمنعه الاحتلال من العودة الى جامعته، والأغرب من ذلك ان هناك أخوة وأخوات لم يلتقوا منذ عشرات النسنين بسبب اجراءات السفر التي تحوّلت الى امتياز بدلا من كونها حق مكفول في الدستور لكل انسان .

والقول هنا للأمام الشافعي رحمه الله :
تغرّب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هـــــــــــمًّ واكتساب معيشــــــة وعلـــــــــم وآداب وصحبــة ماجـــــــــد

وعند العرب إن فوائد السفر سبع، وبالاضافة الى انفراج الهم والتخلّص من الملل حيث يرغب الانسان في التجديد، والبحث عن نصيب أفضل ومعرفة مختلفة . والمرء حين يسافر يذهب همه وينشرح صدره ويؤكد علم النفس ذلك. هناك ايضا البحث عن عمل اخر، وتحصيل العلم ، واكتساب الادب من خلال مخالطة العلماء والعقلاء، وتكوين صداقات مع الامجاد من البشر لا سيما الغرباء، ويقول العرب أن السفر يزيد من ايمان المرء بدينه وبره لوالديه ، ويقوي صلته بأقربائه .

وبما أن الوضع في فلسطين مختلف تماما عن الظرف العادي، فيمكن القول أن أهم دوافع السفر هو الهروب من الظلم والقهر والذل والهوان ... وان الفلسطيني يتمنى منذ الصغر أن يسير في شوارع لا حواجز عسكرية فيها، وان يضحك من دون أن يسأله جندي او شرطي : لماذا تضحك؟ وأن يرى اشياء بسيطة مثل القطار والسفينة والسينما والانتقال من مدينة الى مدينة من دون تصريح عسكري ومن دون تدقيق أمني وتفتيش عاري .


والانكى من كل هذا اننا في العام 2017 لا نزال نرى في السفر همّ كبير، وذلّ وقهر وقوائم منع، حتى تحوّلت حياتنا الى سجان يمسك سجّان، وسجّان يسلمنا الى سجّان اخر. فصرنا نؤثر البقاء في سجن البيت أهون علينا من سجن السفر والمعبر والجسر والمطار .


فلا نفع معنا هذا ولا نفع معنا ذاك . وضاع العمر ونحن نفكر أيهما أفضل هذا السجّان أم ذاك السجّان ؟

والى الشافعي مرة أخرى :
ارحل بنفسك من أرض تضام بها ولا تكن من فراق الأهل في حُرق
مـن ذلّ بيـن أهاليه بـبلدتـــــــــــه فـالاغتراب له من أحسن الخلق
فالعنبـر الخـام روث في مواطنه وفي التـغرب محمول على العنــــــــق
والكحل نوع من الأحجار تنظــــــــره في أرضه وهو مرميٌّ على الطرق
لما تغرب حـاز الفضل أجـمعه فصار يحمل بين الجفـن والحـــــــــــــدق