الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

اسرانا القدامى داخل أقبية النسيان

نشر بتاريخ: 21/02/2017 ( آخر تحديث: 21/02/2017 الساعة: 09:52 )

الكاتب: تمارا حداد

اسرانا يا نوارس الجنان ، يا طهارة دمائنا ، يا شموخ سمائنا ، في زمن النفاق اصروا على نضالهم احرار وشرفاء ، صبروا على التنكيل والتعذيب ليعطونا مثال الصبر في اذهاننا . يا اسرى الرباط يا اسودا شامخة خلف القضبان ، شباب في عمر الزهور ذابت ولكن رفضوا الانكسار . يا من دفعتم حياتكم ضريبة العز والانتصار ، تحملون ارواحكم على اكفكم من اجل تحرير الاوطان ، اسرانا القدامى ستظلون خناجر مغروسة في خاصرة الاحتلال .
يعرف في قاموس الحركة الاسيرة الفلسطينية مفهوم " الاسرى القدامى " بأنهم المعتقلين منذ ما قبل " اوسلو " وقيام السلطة الفلسطينية وعددهم 30 اسير . ويعتبر ملف " الاسرى القدامى " من الملفات المؤلمة لأنه ملفا فاق الخطوط الحمراء في اللا إنسانية ، لذلك هو ملفا حاضرا وسيبقى مفتوحا للكل الفلسطيني وعلى كافة الاصعدة والذي يحظى باهتمام الجميع والذي يحتاج هذا الملف الى الضغط من كافة المستويات من اجل الافراج عنهم .
يقبع الاسرى القدامى في السجون الاسرائيلية في ظروف اعتقالية صعبة حيث ان الاحتلال الاسرائيلي لا يعتبر لأعمارهم أي اعتبار ولا يراعي اوضاعهم الصحية ، حيث ان قصص الاسرى القدامى تحتاج الى الآلاف من المجلدات لتصبح رواية لكل اسير فلسطيني يتناقلها الاجيال لتروي معاناتهم مع السجان والظلم الواقع عليه . وإظهار حرمانهم من ابسط حقوقهم الانسانية والتي كفلتها الشرائع السماوية والأرضية .
رغم ان هناك صفقات تبرم مع الاحتلال لإخراج الاسرى القدامى إلا ان الكيان الصهيوني لا يفي بعهوده ، فهناك (16 ) اسير مضى على اعتقالهم اكثر من ربع قرن وبشكل متواصل ويقف في مقدمتهم الاسيران كريم يونس وابن عمه ماهر يونس واللذان اعتقلا من عام 1983 . ومن بينهم ( 21 ) اسير حكمهم السجن المؤبد ( مدى الحياة ) لمرة او لمرات عدة . ( 9) اسرى يقضون احكاما متفاوتة ما بين ( 30 – 45 ) سنة . ومنهم ( 14 ) اسير من المناطق المحتلة .
وللأسرى القدامى حكايات صبر ومعاناة ، فمنهم من امضى من عمره في السجن اكثر مما مضى خارجه ومنهم من ترك اطفاله صغارا ومنهم من كبر ابنائه وتزوج دون أن يحضر حفل الزفاف . ومنهم من فقد والديه او احدهما دون ان يلقي نظرة الوداع ومنهم من نسي ملامح اصدقائه وجيرانه وأقربائه ومنهم من حرموا من زيارة الاهل .
داخل السجون ذابت اجسادهم في ظل الظروف القاسية والمعاملة الغير انسانية والاستفزازات من مداهمة الغرف ومن عمليات التفتيش وعزلهم في الزنازين الانفرادية . وناهيك عن معاناة التنقل من سجن لآخر ومؤخرا كسرت ذراع الاسير الفلسطيني عميد الاسرى نائل البرغوثي اثناء تنقله من سجن الى اخر عبر البوسطة والذي يقبع في السجون منذ 34 عاما .
الاسرى القدامى يعانون من امراض كثيرة نتيجة الاهمال الطبي المتعمد فمثلا الاسير علاء الدين احمد بازيان ويعتبر سادس اقدم اسير مقدسي والذي فقد بصره داخل السجن ناهيك عن الامراض الاخرى . والكثير من الاسرى القدامى يحتاجوا الى اجراء عمليات جراحية وخطيرة ولكن هناك مماطلة من قبل الاحتلال في اجرائها وإجراء الفحوصات اللازمة ومماطلة في تقديم العلاج . ويتم الاعتداء على الاسرى القدامى بالغاز اثناء مداهمة غرفهم التي تملأ الرطوبة والتي تؤذي صدورهم .
قضية الاسرى القدامى شاهدة على ممارسة الاحتلال وانتهاكاته الصارخة بحق الاسرى القدامى والتي تتغافل عن حقوقهم بزيف ديمقراطية اسرائيل والتي تغذيها عنصرية همجية ولا تحسب للأبعاد الانسانية والقانونية أي حساب . اعمارهم تحترق لأجل حريتهم . على الجميع الالتفاف حولهم كواجب انساني وديني وأخلاقي يحتم على كل ضمير حي تبني هذه القضية العادلة ومن اجل اطلاق سراح الاسرى القدامى .
الاسرى القدامى قدموا الغالي والنفيس من اجل انجاز المشروع الوطني الفلسطيني والحصول على دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
هم الاسرى القدامى صامدون في وجه الاعادي لا يركعون ، شموخهم عالي ، اسود رابضة ، جرح نازف لأرض البوادي ، احترقوا لأجل الوطن الغالي ، نسجوا خيوط المجد من ارض فلسطين وقلوبهم تنادي ، يا مفخرة الشرفاء والغوالي .