السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مؤتمرات القمم العربية عبثية ومضيعة للوقت ولا فائدة ترتجى منها

نشر بتاريخ: 19/03/2017 ( آخر تحديث: 19/03/2017 الساعة: 14:09 )

الكاتب: محمد خضر قرش

مع التئام القمة العربية في البحر الميت بعد نحو أسبوعين، يكون عدد المؤتمرات التي عقدها الحكام العرب 28 مؤتمرا منذ العام 1964، عدا الاجتماعات الاستثنائية والطارئة وغير المتوقعة والسرية والقمم الجهوية (مجلس التعاون الخليجي والمغاربية وغيرهما) واللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية الخ التي تتم بين وقت وآخر. فمن المفترض بعد كل هذه الاجتماعات واللقاءات الدورية والاستثنائية أن تحقق نتائج إيجابية يلمسها المواطن العربي في شتى المجالات. لكن من عادة مؤتمرات القمم العربية ربما عدا الخمس الأول، أن تقرر ما لا تستطيع تنفيذه وتتجنب ما هي قادرة عليه وممكن تحقيقه بقرار بسيط. فالقمم العربية مثلا قادرة على قطع علاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي ووقف التطبيع ودعم نضال الشعب الفلسطيني والتصدي الفعلي لتهويد القدس ودعمها. والقمم العربية قادرة على إعادة توزيع الثروة وردم الفجوة الآخذة بالازدياد بين الدول التي تعاني من خفة سكانية Under Population وتخمة في الموارد المالية ودول أخرى تعاني من فائض سكاني هائل وكبير وعجز متفاقم بالموارد المتاحة. 
والحكام العرب يستطيعون أيضا إعادة توجيه استثماراتهم الخارجية بما يخدم القضايا العربية وخاصة فلسطين وإيداع حصيلة مبيعاتهم النفطية في المصارف العربية بدلا من الأجنبية وخاصة الأميركية منها كما انه بإمكانهم وبسهولة وبقرار بسيط زيادة الاستثمارات فيما بينهم وتطوير القوانين والتشريعات الضامنة لحرية تدفق وانسياب الأموال فكل هذه وغيرها كثير بالإمكان وبسهولة اتخاذ قرارات بشأنها وتطبيقها ووضعها موضع التنفيذ الفعلي. وأخيرا وليس أخرا، فالحكام العرب يستطيعون لو أرادوا ورغبوا بإلغاء التأشيرات للمواطنين والسماح بحرية التنقل والسفر بدون حواجز أو قيود، لفعلوا ذلك وبسهولة ايضا. 
لكنهم عوضا عن اتخاذ مثل هذه الخطوات الممكنة والسهلة يطالبون مجلس الأمن والمجتمع الدولي لتحمل مسؤوليتهما (وكأنها ليست في صميم مسؤوليتهم) والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة وتحقيق الحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني التي أضاعوها هم من البداية. كما أنهم ما فتئوا يطالبون المجتمع الدولي في التدخل لوضع حد لإعمال الإرهاب في ليبيا والعراق وسوريا واليمن والصومال علما بأن هذه هي من أبرز المهمات الملقاة على عاتقهم وعاتق الجيوش العربية التي تتسلح سنويا بمليارات الدولارات، فهذه مهمة الحكام العرب وحدهم وليس مهمة وواجب المجتمع الدولي. فتحرير فيتنام تم من قبل الجيش الفيتنامي وليس من المجتمع الدولي وقس على ذلك نماذج عديدة. 
فإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة مهمة العرب والفلسطينيين بالدرجة الأولى وليس مهمة وواجب المجتمع الدولي. فرغم انعقاد 28 مؤتمرا للحكام العرب إلا أن الوضع العربي يزداد سوءا عاما بعد آخر وتنتشر الفتن والحروب الأهلية ويزداد العداء ويقتل العربي بالسلاح العربي وتقصف المدن والمؤسسات الصناعية العربية بالطائرات العربية ويزداد الحكام تعلقا وارتباطا بالغرب، فحتى مصالحهم المباشرة ضحوا بها لصالح الأخير. فالقواعد الأطلسية باتت تنتشر في العديد من الأقطار العربية ويتم تغطية نفقات وجودها من الأموال العربية بعد ان كانت الدول الغربية تدفع لها مقابل اقامتها للقواعد العسكرية في أراضيها. لقد قتل الحكام العرب روح الابداع والعمل المنتج لدى الشعب العربي ونشروا الفساد والإفساد واحتكروا السلطة واقاموا حكما استبداديا مطلقا في الكثير من الأقطار. فالحكام العرب لم يسألوا أنفسهم مرة واحدة لماذا يبدع مواطنيهم في بلدان الاغتراب ويحققوا تقدما مذهلا وينالون جوائز عالمية وتُهدى وتُقدم لهم الجنسيات وتُمنح لهم الامتيازات بكل ترحاب ويُهتم بهم ويحترمون بينما يُقمعون في بلاد العرب ويلاحقون. فبعد 28 مؤتمرا للحكام العرب ضاعت بقية فلسطين والجولان وقُيدت حرية صحراء سيناء وتم غزو العراق وتدميره وكذلك حصل لسوريا واليمن وليبيا والصومال وتجزأت السودان وانتشر الفقر والمجاعة في أكثر من دولة عربية. ليس هذا فحسب بل أن الحكام العرب أخذوا يتسابقون على إقامة علاقات مع المحتل الإسرائيلي بدون خجل أو حياء. فالمواطن العربي منذ انعقاد أول مؤتمر للقمة وحتى تاريخه لم يلمس سوى التخلف والجوع والقهر ولم يشاهد سوى التراجع في كل الميادين الوطنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. فالعشائر باتت هي المرجع وليس القوانين والتشريعات والنفاق والفساد والمحسوبية باتت هي السائدة، وباختصار شديد وبدون تكرار، فقد تحولت الأنظمة العربية إلى أداة طاردة للكفاءات والخبرات. فكيف يمكن على ضوء ما سلف والواقع المؤلم الذي نعيشه ان نرحب أو نتفاءل باستمرار انعقاد مؤتمرات القمم العربية؟ فقد باتت مضيعة للوقت وللجهد وإهدار للمال وغير مرحب بها من الشعب العربي بالإضافة إلى انها أصبحت عبثية، حالها بذلك حال المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المستمرة أو المجمدة منذ ربع قرن. فانعقاد المجالس الوطنية والمركزية الفلسطينية بما فيها اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لم تحقق للشعب الفلسطيني أية نتيجة إيجابية واحدة يمكن التنويه إليها أو ذكرها ولو من باب رفع العتب، وهو نفس حال اجتماعات القمم العربية.