السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجُزُر الفلسطينية..

نشر بتاريخ: 20/03/2017 ( آخر تحديث: 20/03/2017 الساعة: 10:19 )

الكاتب: رامي مهداوي

أثناء التنقل الدائم بين محافظات الوطن والخروج من محيط محافظة رام الله والبيرة، أستشعر بأن وطني فلسطين أصبح عبارة جُزُر متبعثرة داخل خارطة فلسطين التاريخية، وربما أصبحت جُزُر في داخل جُزُر أيضاً!!
إذا ما نظرنا بالعين المجردة وبعقل مجرّد من أي إرهاصات كانت، سنجد بأن التواجد الفلسطيني داخل خارطة فلسطين التاريخية أصبح عبارة عن ثلاث جُزُر كبيرة منقسمة ما بين الضفة وغزة والداخل، وكل كيان منفصل عن الآخر بطرق وأدوات مختلفة، ولكل كيان خصوصيته الثقافية والإقتصادية والسياسية وحتى الإجتماعية بشكل مختلف عن الآخر، ومن ناحية أخرى وهذا ما أريد الحديث عنه هنا في هذا المقال هو أن الضفة الغربية أصبحت جزيرة بداخلها العديد من الجُزُر التي بدأت تتشكل بشكل واضح، وفاقد البصر والبصيرة من لا يشاهد كل ذلك!!
التجمعات الفلسطينية التي هي على شكل مدينة، قرية، مخيم وتجمعات بدوية ليست فقط محاطة بدولة احتلال، وإنما نجد المستوطنات في كل الإتجاهات ومغلق علينا أيضاً بجدار، الإحتلال الإسرائيلي يواصل استثمار تدهور الشؤون العربية والفلسطينية لخلق المزيد من الوقائع الملموسة على أرض الضفة الغربية، من أحياء استيطانية يهودية وطرق التفافية تحيط بقرى وأحياء مشتّتة، بما يحول عملياً دون إقامة كيان جغرافي فلسطيني متوحد ومتماسك.
الجُزُر الفلسطينية في الضفة الغربية أصبحت تعاني من مشاكل مختلفة ومتنوعة، تختلف كل جزيرة عن أخرى بإحتياجاتها التنموية، كل جزيرة أصبحت تناضل وحدها في مقاومة أمواج المستوطنات وعاصفة المستوطنين، هل تذكرون كيف كان يتنقل المستوطنين في فترة الإنتفاضة الأولى بالضفة الغربية وكيف يتنقلون الآن بين المدن الفلسطينية ؟! أصبحنا نحن من يشعر بحالة الخوف اذا ما تنقلنا بين المدن والقرى.. أصبحنا نخشاهم ونغير الطرق بناءً على مزاجهم العقائدي!!
وبعد كل هذا تعلن حركة حماس موافقتها على قيام دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، والمبكي أيضاً أننا مازلنا نقف كالأصنام دون أن نتوجه الى المؤسسات الدولية وأن نخوض استراتيجية نضالية ودبلوماسية، وحتى تكون الصورة واضحة نحن لا نقف على أرضية ثابتة وإنما جعلتنا القيادة الحالية ننفذ أوامرهم تحت شعار للخلف دُرْ، مما جعل الموج يأكل أراضينا ويستبيح كل ما بقي منها؛ ومن ناحية أخرى ما يقوم به جيش الإحتلال بحماية قطعان المستوطنين عندما يشنون هجومهم على منازلنا ليلاً خلق حالة من عدم الأمان والإستقرار في الجُزُر الفلسطينية.
إن فعل البناء والهدم كمنهج سياسي عام لجميع الحكومات الإسرائيلية المستند على الإدارات الأمريكية المتعاقبة؛ جعل من حلم التحرير وتقرير المصير الفلسطيني عبارة عن جُزُر متناثرة لا يربطها سوى الشعور الوطني، هذا الهدم الممنهج بأشكال وأدوات مختلفة من خلال التدمير كما حدث ويحدث في قطاع غزة، أو بإسم القانون _الكولونيالي_ القدس نموذجاً، والفكر الإستيطاني الجدار نموذجاً، لم يقابل بفعل فلسطيني لإيقاف عملية البناء في المنظومة الكولونيالية من قبل القيادة الفلسطينية بجميع أطيافها، على الرغم بأن الشعب/الشعوب الفلسطينية لم تتأخر بتضحياتها بآلاف الشهداء والأسرى والجرحى. لدرجة بأنني بدأت أشك بأن الواقع الحالي بنموذج الجُزُر الفلسطينية هو طموح ممنهج لدى البعض، وهذا ما بدأ يتم تسريبه في الإعلام الإسرائيلي واللقاءات الأكاديمية ضمن مفهوم الإمارات الفلسطينية!!