السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

في عيد الام أنتن مصدر فخرنا واعتزازنا

نشر بتاريخ: 20/03/2017 ( آخر تحديث: 20/03/2017 الساعة: 15:07 )

الكاتب: عباس الجمعة

هو ليس كباقي الأيام رغم أن الأم في كل يوم لها عيد إلا أن هذا اليوم يحمل عنوان للتضحية والفداء، الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق , هي ليست مجرد كلمات عابرة أو مطلع قصيدة وطنية هي حقيقة وأمر واقع في وطني هي فكر ونهج , حيث أثبتت الأم الفلسطينية والعربية أنها إنسانة عظيمة، عظيمة في عطائها، عظيمة في تضحياتها، عظيمة في وفائها، لم تعد الأم مجرد امرأة تربي أبنائها أو تهتم بهم وترعى شؤونهم، لقد تحولت الأم الفلسطينية إلى رمز للعطاء والتضحية , كيف لا وهي تربي أولادها على أن حب فلسطين من الإيمان وأن الشهادة هي طريق النصر وأن لا شيء أغلى من تراب الوطن.
نعم من موقعنا نرى ان الانقسام الفلسطيني ترك آثاره على كافة جوانب الحياة وبخاصة الجانب الاجتماعي، فمن يتصفح كتب التاريخ يجد بأن المرأة الفلسطينية قد سطرت نفحات يشهد لها الزمن على مر العقود ,فاستحقت أن تكون حجر الزاوية في بناء مجتمع قد اعترف بأحقية دور المرأة في مشاركة الرجل فالبيئة الاجتماعية في فلسطين قد تطورت , حيث عرف المجتمع الفلسطيني المرأة الفلسطينية المناضلة والمقاتلة والمرأة العاملة في الحقل وفي المنشأة الإنتاجية كما عرفها طبيبة وقاضية ومهندسة واعلامية ونائبة ووزيرة وقائدة وسيدة أعمال أيضا، وشاركت في الحياة السياسية واندمجت مع بيئتها جنب إلى جنب مع الرجل، وعرفت المرأة الفلسطينيةبالمرأة المقاومة , فحملت السلاح وكثيرات هن من استشهدن وبقيت المرأة والام الفلسطينية محور الأحداث.
الأم الفلسطينية التي ربت أولادها على القيم السامية والأخلاق الحميدة تقف اليوم لترسل أبنائها إلى ساحة النضال عبر الانتفاضة والمقاومة ، لأنها آمنت بأن لاشي أغلى من الوطن، من هنا الف تحية لآلاف الأمهات الأسرى الفلسطينيين ونطبع على جبهاتهين الف قبله لعلها تصبر لهيب قلبها وتخفي تجاعيد وجهها المشتاقة
ومن هنا لايمكننا ابدا ان ننسى دور الام في التضحية وما تقدمه من اجل ابنائها فهي المنبع الكبير للحنان و الحب ولا يمكن لاي عائلة ان تشعر بالامان بدون وجود الام التي هي دائما ما تكون الصدر الرحب و مخفف الصدمة لكل المشاكل و حافظة الاسرار لجميع الاسرة وتتحمل هموم الدنيا لكي ترعى ابنائها و تصارع كل مصاعب الحياة و تتحدى كل نزوات الرجل ومتطلباته ليكون البيت في جوء هادي لينعم الابناء بالطمأنينة والراحة .
مع تقدم الزمن تشعر الام بمدى ترابط علاقتها الروحية وحبها لابنائها وتشعر بكل ما يشعرون به قبل ان يحدث مما يجعلها بقلق كبير وطبعا هذا القلق مشروع من حق اي ام لانها غريزة الامومة ولكن هل يعي الابناء هذه المحبة وهذا الحرص عليهم .
الام التي عانت وضحت الكثير من اجل ابنائها فهي لازالت تقدم كل حياتها وما تملك لابنائها والامهات اللواتي تحملن فقد أغلى مافي حياتهن – بل كل حياتهن – وفلذة أكبادهن فمنهن من فقدت ابنها وهو يدافع عن أمن وطنه وكرامة قومه ويمنع يد الأرهاب أن تعبث بمستقبل الوطن ومنهن من فقدت ابنها وهو يثور ضد الظلم والفساد والطغيان ليؤمن لجيله وللاجيال اللاحقة مستقبل أفضل تملؤه نسمات الحرية وترفرف عليه روائح العزة والكرامة ومنهن من فقدت ابنها وهو يؤدي دوره الوطني من اجل وطنه.
فالأم الأسيرة تقبع في سجون الاحتلال وحيدة في عالم موحش يحكمه الجلادون تعانى أقسى أنواع الحياة، ومحرومة من ابسط الحقوق. فهي تعيش مرارة السجن المليئة بالمضايقات والاسى.
لذلك فتحية إلى أمي فلسطين وتحية إلى الأم الفلسطينية صانعة الرجال وهي ترسم البسمة على شفاه أفراد أسرتها جميعا، وتأبى إلا أن ترسمها على شفاه وطنها الجريح، الذي ينزف وجعا من الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة، وتتصدى للاحتلال وقطعان مستوطنيه في الضفة بمواجهة سياسة القتل والاعتقال والارهاب وتهويد الارض والمقدسات و الإذلال والإهانة التي تلحق بأمهاتنا على الحواجز العسكرية،حيث التفتيشات المذلة والمهينة والتي تنتهك الخصوصية والكرامة,
وامام هذه الظروف نقول ان امهاتنا بنات فلسطين وحارسات حلمها،فعلينا ان نجلهن ونحترمهن،وأن نقيم لهن التماثيل وأقواس النصر،وان نصونهن أيضاً بحدقات عيوننا،فهن من نعتز ونفخر بهن دائماً،فهن صانعات الرجال والأبطال،رجال فلسطين وحماتها،منهم الشهيد ومنهم من ينتظر،ومنهم الأسيروالجريح،ومنهم المناضل والعامل والفلاح والمثقف والمتعلم والقائد الوطني والسياسي وغيرهم،هؤلاء هم رجال فلسطين الذين انجبتهم امهاتنا، كما انجبت الام العربية ،فمثل هؤلاء الأمهات،من يستحقن النياشين والأوسمة عن جدارة وإستحقاق،كما لا بد أن ننحني لها إجلالاً واحتراماً وتقدرياً ومحبة للأم الإعلامية التي سطرت وما زالت تسطر أروع عبارات الصمود .
ان دمعة الأم التي تشتكي فيها إلى ابنها بجروح القلب المثقل بالوجع والأنين بطول الفراق وفقدان الأحبة، بالصبر الذي رسم على صفحات وجهها الثمانيني حكايات وحكايات عاشتها منذ صباها مع الاحتلال، فكانت حرة وبقيت حرة وأنجبت احرارا هي أم الشهداء كل الشهداء.
رغم كل ذلك من حق الام الفلسطينية والعربية ،أن تفرح وان تحتفل بعيد الأم،فهي الأحق بهذا الإحتفال،فهي من يدفع الثمن أضعاف اضعاف،ما تدفعه اي ام اخرى في العالم،فتكريم الأمهات الفلسطينيات والعربيات واجب وحق علينا،كما هو واجب وحق علينا تكريم شهدائنا واسرانا ومناضلينا وعائلاتهم.
اليوم اقول لامهاتنا لا أريدكن أن تكن كباقي الأمهات، فأنت من علمنا العزّةُ للوطن والفخر للأمّة والتّاج على الرّؤوس، وألف ألف كلمة شكر لامهاتنا لا تفيهنّ حقهنّ في عيد الام، لا بد من الاضاءة على دورهن وأثره في المجتمع و قلوبهن تتسع لهموم الحياة والأبناء معاً ، وتظل كل قواميس اللغة العربية بحروفها وكلماتها عاجزة في أن تفي الأم حقها .
في ظل هذه الاوضاع اقول، أنتن مصدر فخرنا واعتزازنا، أعتز بكل أم ضحّت وتضحّي من أجل وطنها وأسرتها، من أجل أداء رسالة قيمية وأخلاقية وتربوية ونضالية ووطنية. أفتخر بكل أم تفني حياتها من اجل أسرتها وأطفالها بعد فقدان الزوج، واعتزّ بوالدتي التي قدمت ابنائها الثلاثة ، ودفعت ثمناً باهظاً في حياتها ، حيث سهرت على تربيتنا سنين طويلة، تعرضت للذل والمهانة من قبل الاحتلال اثناء الغزو الصهيوني للبنان ، فرحلت بشكل مفجأ ، فطوبى لكل أمهات شهدائنا وأسرانا، وألف تحية لكل نساء امتنا الماجدات، الصابرات في عيد الأم على طول وعرض جغرافيا وطننا العربي.
فألف تحية للمرأة الفلسطينية والعربية الصامدة، التي رغم تجرعها لكل أشكال وأنواع القهر والظلم، ،حيث تبقي ايها الام المثل الأعلى والرمز الأغلى , وكلنا ننحي لك يا أم الشهيد لنقبل يدك التي ربت الأبناء على حب الوطن والفداء فلك منا السلام ، لأنك تبقين وردة مشرقة متفتحة تأبى الذبول رغم الوجع والمشقة المتواصل عليها، وان اقدم باقات من الزهور والمحبة الى كل ام في الدنيا ، و كل عام وانتم بخير.