الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الثوابت الفلسطينية والتحرك الدولى

نشر بتاريخ: 21/03/2017 ( آخر تحديث: 21/03/2017 الساعة: 10:17 )

الكاتب: د. جهاد الحرازين

يتناول العديد قضية الثوابت الفلسطينية ومدى التمسك بها باعتبارها حقاً مقدساً للشعب الفلسطينى لا يجوز التنازل او التخلى عنها الامر الذى حافظت عليه القيادة الفلسطينية طوال مسيرة النضال الفلسطينى فتمسك بها الرئيس الشهيد ابو عمار ولم يفرط بها ومن ثم استلم الراية الرئيس ابو مازن ليحافظ على هذه الثوابت دون انتقاص بل عمل على نقلها للمجتمع الدولى باسره فى ضوء المطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى ورغم كل ما يحاك ويقال من احاديث كاذبة وخادعة بهدف الاساءة والتشويه بزعم انه تم التخلى عن الثوابت الفلسطينية من هنا لابد من معرفة ما هى هذه الثوابت وهل فعلا تم التخلى والتنازل عنها فى ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية والدولية من حراك عربى واقليمى ودولى باتجاه اعادة حقوق الشعب الفلسطينى حيث ان هذه الثوابت التى تمثلت بحق الشعب الفلسطينى بتقرير مصيره ، و اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، و حق عودة اللاجئين الى ارضهم التى هجروا وشردوا منها على يد العصابات الصهيونية وفقا للقرار 194 . 
وبالعودة الى مجموعة الثوابت وفق التحرك على كافة الاصعدة الذى تقوده القيادة الفلسطينية سنجد ان هذه الثوابت لم تتضرر ولم يتم التنازل عنها لان القيادة تعمل على مدار الساعة لأجل الحفاظ عليها وحمايتها وتحقيقها على ارض الواقع ، وهنا سيجد المتابع لهذه الامور باعتبارها ثوابت فلسطينية لا يجوز التخلى عنها بانه تم التمسك بها بل زيادة عنها لان اجتماع المجلس الوطنى بالجزائر عام 1988 واعلان الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران وفقا لقرارات الشرعية الدولية 242 و القرار 338 وما حاز عليه هذا الاعلان من موافقة وتأييد كافة الفصائل الفلسطينية المنطوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية وبذلك اصبحت الثوابت تتمثل بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وحق تقرير المصير والحفاظ على حق اللاجئين بالعودة او التعويض او كلاهما .
ومع تطورات الاوضاع الدولية وانتهاء الحرب الباردة وتحول العالم الى احدى القطبية استطاعت منظمة التحرير الخروج من كافة العقبات التى وضعت لإنهاء الوجود الفلسطينى وتمسكت بالثوابت الفلسطينية بل بدأت تعمل لتحقيق ذلك على ارض الواقع بعيدا عن بقائها مجرد شعارات فضفاضة لا يعلم الكثير عنها أي شيء سوى مسمى الثوابت الفلسطينية فعملت القيادة على اعادة القضية الى مربع الاهتمام من خلال اتخاذ خطوات عملية تتمثل بتحقيق الثوابت على ارض الواقع بدءاً بالدولة وهو الامر الذى اعترفت به معظم دول العالم وقطعت شوطاً طويلاً بهذا الاتجاه بدءاً بالاعتراف الأممي بها من قبل اكثر من 138 دولة بالعالم واصبحت عضوا بصفة مراقب بالأمم المتحدة وفق حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس واصبحت هناك مؤسسات فلسطينية وفقا لتقارير المؤسسات الدولية تمثل ركائز للدولة الفلسطينية المستقلة بل تطور الامر للاعتراف الدولى والبرلمانى بهذه الدولة واصبحت عضوا بالأمم المتحدة بصفة مراقب وهناك خطوات للحصول على العضوية الكاملة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة والانضمام الى العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية .
ولم يقتصر عمل القيادة على ذلك بل جسدت هناك حالة الانتخابات التشريعية والرئاسية التى من خلالها تمارس الديمقراطية كأي دولة لها استقلاليتها وكأي شعب له الحق فى اختيار ممثليه وتقرير مصيره حيث تم الحفاظ على هذا الخط فى كافة المراحل الا انه نتيجة للانقسام البغيض الذى نتج عن انقلاب حماس عام 2007 لم تجرى الانتخابات وبقيت معلقة وهذا ليس على صعيد المجلس التشريعى والرئاسة بل على صعيد المجلس الوطنى مما يعنى ان القيادة حافظت على هذا الثابت واما عن الثابت الاخير المتمثل بعودة اللاجئين ففى كل مناسبة تؤكد القيادة على ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ويذكر قرار رقم 194 الخاص بعودة اللاجئين ولا يمكن التنازل عن هذا الحق بل تكون قضية عودة اللاجئين من اولى القضايا التى تطالب بها القيادة الفلسطينية فى كل مناسبة ومحفل . 
وهنا التساؤل الحقيقى اين التنازلات التى قدمتها القيادة الفلسطينية واين هى الثوابت التى تخلت عنها وهنا للمفارقة حتى يعلم البعض بان القيادة تمسكت باكثر من ذلك عندما تمسك الرئيس ابو مازن باكثر من هذه الثوابت وتمسك باطلاق سراح الاسرى ووقف الاستيطان كحق لا يمكن المساومة عليه لاجل استئناف عملية السلام والمفاوضات مع الاسرائيليين والقبول بحل الدولتين بل التمسك بحق المقاومة بكافة اشكالها للشعب الفلسطينى فى مواجهة الاحتلال واختيار الاسلوب الامثل الذى يتوافق مع كل مرحلة هذا الامر الذى يضع مجموعة من علامات الاستفهام هل كل من يخرج ليتحدث عن التفريط بالثوابت يعلم ويدرك ما هى الثوابت وهل لامس ذلك مع الواقع ام هى مجرد اتهامات للاستهلاك الاعلامى والدعائى . 
ولكن على الجانب الاخر اثناء مخاطبة المجتمع الدولى لابد من التوجه نحو اسلوب متجدد لنقل الرؤية والرسالة الفلسطينية وتوضيح حقيقة الثوابت الفلسطينية ومدى اتساقها مع القانون الدولى والاتفاقيات والاعراف والمواثيق الدولية لان هذا الامر ضرورى جدا لان هناك حالة من عدم الفهم الحقيقى نتيجة لما مارسه الاحتلال من تضليل وخداع وكذب خلال المرحلة الماضية بادعاءات لا اساس لها من الصحة حول الحقوق الفلسطينية والثوابت والتى صورها الاحتلال للمجتمع الدولى على انه المطلوب القضاء على اسرائيل ومحاربتها وارتكاب المجازر بحق الاسرائيليين وان ما يمارس من مقاومة مشروعة هو مثيل ومرادف للإرهاب الذى يهدد العالم كل ذلك الكذب والخداع مورس لذلك فى ظل حالة التحضر العالمى وثورة حقوق الانسان والديمقراطيات التى تمارس واصبحت حديث الجميع ومحاولة الحفاظ على الاستقرار الدولى وحمايته وفقا لقواعد القانون الدولى والاتفاقيات يأتي الدور الفلسطينى للتعريف بهذه الثوابت من خلال ربطها بالقانون الدولى وما ورد فى الاتفاقيات والمواثيق والاعراف الدولية خاصة حق تقرير المصير وحق الشعوب فى الحرية والاستقلال وبسط سيادتها على ارضها واقامة الدولة وضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية سواء الصادرة عن مجلس الامن او الجمعية العامة للأمم المتحدة او منظماتها ومجالسها ليعم الاستقرار والرخاء والتنمية على كافة الدول ومواجهة التطرف والارهاب من هنا سيكون الخطاب مختلفا واكثر وضوحا بعيدا عن مواقف او ذكر بنود فقط او مسمى غير معلوم بل يجب ان يكون المدخل متفق عليه دوليا ان كان فى ميثاقا او اتفاقية هذا الامر الذى سيجبر المجتمع الدولى للتحرك والوقوف بجانب الحق الفلسطينى ويواجه العنصرية الصهيونية ويكشف حقيقة دولة الاحتلال ويسقط قناع الخداع والزيف عن وجهها الاجرامى.