الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

بدون مجاملات او رتوش ،،، هذه حالنا

نشر بتاريخ: 29/03/2017 ( آخر تحديث: 29/03/2017 الساعة: 12:34 )

الكاتب: سامر عنبتاوي

بمناسبة انعقاد القمة العربية التي لا اعلم رقمها, دار في ذهني شريط سريع عن تراجيديا عالمنا العربي و الإسلامي يتخلله الكثير من القمم التي لم تتمكن من رفع مستوى و أداء مؤسساتنا السياسية و لا من يحكمون بفتح الياء و لا من يحكمون بضمها , الى مستوى الاحداث العظام التي مرت بمنطقتنا و لا زالت ,, قمم ببروتوكولات و مراسم عالية التجهيز زارت معظم العواصم العربية و لكن لم تدخل قلب و لا أعماق أي مواطن عربي له ما له و عليه ما عليه ,, و لم تشكل أرضية حلول لقضاياه و اهتماماته .
و تساءلت : منذ متى و نحن نخطيء ؟ و متى راجعنا اخطائنا و تعلمنا منها ؟ بل منذ متى يخطط لنا ضد مصالحنا و التنفيذ بأيدينا ؟ وخلصت الى ان هناك مراحل عديدة مرت بأمتنا شابها هذه المظاهر، و لكن وجدت ان التسارع الأخير في الانحدار قد تأثر كثيرا بحقبة تناهز الاربعون عاما ألقت بظلالها على حياتنا بشكل كبير و لعل ما نشهده اليوم و نتوجس منه خفية غدا مرده الى هذه الحقبة و اقصد هنا ذاك الزمن منذ الحرب العراقية الإيرانية و التي سبقها التمهيد في زج الامة الإسلامية في حرب أفغانستان التي أسست و رعت و دعمت التطرف و العنف - احد أدوات تخريب العالم العربي و الإسلامي - و سأقفز هنا عن حرب أفغانستان لأستعرض ماذا حصل لنا و ماذا خطط لنا و كيف ننفذ سيناريو الخراب منذ حرب العراق - ايران .
حرب بين أكبر قوة عربية في تلك الفترة عسكريا وعلميا واقتصاديا - بلاد ما بين النهرين - و اكبر قوة ناشئة إسلامية بعد الثورة في ايران .. و هي ما وصفها كيسنجر بسياسة الاحتواء المزدوج بضرب هاتين القوتين ببعض و عندما سئل عن مصير المنتصر في الحرب أجاب : نستطيع التعامل مع النتائج وتطويق المنتصر، نعم لقد تورط الطرفان في حرب مدمرة قتلت الملايين وزجت كل دول المنطقة في أتونها بالمال والسلاح واستمرت سنوات أخرجت العراق ( منتصرا ) شكليا و متورطا حتى النخاع في نتائجها الاقتصادية وتبعاتها، حتى طالبه من ساهم في توريطه بالالتزامات واستدرج للخروج من مأزقه بحرب جديدة و هذه المرة مع ( المخطط والمايسترو) الولايات المتحدة وذلك بعد استدراجه لاحتلال الكويت ولا ابالغ ان قلت ان عالمنا العربي و الإسلامي لا يزال يدفع و سيدفع ثمن التورط و المساهمة في تنفيذ ما خطط و بأيدينا مرة أخرى .
لا أريد الإطالة في السرد التاريخي لأن ما حصل يحتاج الى مجلدات و لكن أقول ان الذي حصل أسس و رعى و بنى التشدد الديني و الصراع الطائفي ليتحول تقسيم المنطقة من الجغرافيا الى الطائفية و الاثنية، و يعاد استدعاء سايكس و بيكو من تحت التراب لصياغة خارطة جديدة تختفي فيها الجيوش و الدول ليؤسس الى احتراب طائفي يعيد تكوين المنطقة بنبات متزمت متشدد تكفيري، ويعلو وسطه نبات شوكي ناشز يسمى الدولة اليهودية وما في حد احسن من حد طالما دول طائفية دينية، فلماذا ينكر على اليهود ( حقهم ) في دولتهم الدينية ؟!
هو مخطط قديم يستعمل المال و السلاح و الفكر ليعبث بالمنطقة و يقنع كل منا بالدفاع عن حدود سجنه بل زنزانته لتدفع شعوب المنطقة أثمانا باهظة جدا من الدماء و المقدرات و الممتلكات و لتذوب ما تبقى من مكامن القوة و يسود الوهن و الضعف فنصبح لقمة سائغة، و لتدجن الشعوب و ل( تنعم ) دولة الاحتلال في عصر ذهبي يسهل تنفيذ المشاريع التوسعية و تحقيق الحلم .
و اذا تابعنا المسار منذ الحرب العراقية الإيرانية و حتى اللحظة، فبعد الحرب و آثارها و احتلال العراق للكويت تحالف الجميع للتحرير و ضرب العراق . ثم احتل العراق بذرائع السلاح الكيماوي و اوجدت قاعدة أمريكية تهدد الجوار و تعبث بالنسيج الداخلي و بدأت حرب التحرير التي لم تخلص من الانجذاب الطائفي و خرجت أمريكا عسكريا و بقيت استخبراتيا و نفوذا و عبثا في مكونات المجتمع العراقي و أول ( الإنجازات) اتفاقية أوسلو بعد مؤتمر مدريد الذي عقد على نتائج الحرب و اسفر عن مفاوضات مباشرة فالاستفراد بالفلسطينيين و استمرار المشروع الصهيوني .
و عندما ارادت الشعوب المطالبة بالحريات و العدالة فيما يسمى ب ( الربيع العربي ) الذي انطلق في اتون الطائفية و الاستقطاب الحاد للتحول ( الثورات ) لوسائل تمزيق و تفتيت للجيوش و المجتمعات فعم الإحتراب و التشدد و ظهرت مكونات جديدة و خطيرة تحمل مسميات مختلفة فسقطت ليبيا و سوريا و اليمن في المستنقع الدموي و لم تسلم مصر من شظاياها و تحول العالم العربي الى ساحة للتدخلات و النزاعات الإقليمية و الدولية و عادت سياسة المحاور و التحالفات و برز محور ( سني ) في مواجهة محور ( شيعي) و الهدف ليس إعادة بناء الامة او تحرير الأراضي المغتصبة فلم يكن التنازع على هذا بل لحماية مصالح الطبقات الحاكمة بل ان ما يسمى بالمحور ( السني ) لم يجد حرجا في فتح قنوات مع دولة الاحتلال و تطبيع العلاقات بل و الاتفاق على العدو المشترك انهم شعوب المنطقة و في مقدمة القضايا قضية فلسطين و اقولها للمرة المليون ان فلسطين توضع على مذبح المصالح و التوازنات الإقليمية و الدولية .
و بعد هذا كله قمة عربية !! تحاول استعادة مكانة القضية الفلسطينية و لكن ضمن الرؤى و التحالفات الجديدة اذا فالصراع اللامنتهي في عالمنا العربي و الإسلامي سينتج دويلات الطوائف و يسمح بالانقضاض الكامل على فلسطين لتكون الدماء في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و غيرها و الثمار و النتائج في صالح دولة الاحتلال و على حساب فلسطين كل فلسطين مع الامتداد الإقليمي .
هذا هو حالنا و من لا يراه اما انه لا يريد ان يرى او ان الطائفية و التعصب قد اعمى بصره و بصيرته، نعم لقد خطط لنا و كنا الأبرع بالتنفيذ فأعمانا الجهل و التعصب، و شاركنا في وضع الافخاخ لشعوبنا و وقعنا في الشباك و المصائد ، فلا حمينا دينا و لا وطنا و لا شعبا و لا سلاحا و انما سرنا في دهليز مرسوم للسقوط في وهم الخلاص .
ان الاحتلال يعمل ليل نهار لتنفيذ مشروعه و سيظل يسعى ل تدمير ما تبقى من قوى مقاومة و معارضة و هو يحاول استدراج قطاع غزة لمواجهة تضعف و تدمر القطاع بعد سنوات الحصار تمهيدا لفرض الحل و الواقع كما يريد و يعد العدة لمواجهة كبيرة مع المقاومة اللبنانية بعد ان زرع مخالبه و انيابه في سوريا .. و كل ذلك لاستغلال كل ما يحصل لفرض السيطرة على كل فلسطين و امتداد النفوذ و المصالح خارجها .
هذا هو المخطط الذي ارتمينا في أحضانه و لكن و رغم كل الظلام المحيط فما زال الأمل طالما وجد من يرفض ما يحصل و يقاومه و ما وجد المطالبون بالحق و الحرية و ما وجد من يعاكس تيار الطائفية و تسهيل و مقاومة الانخراط في مشاريع الانهاء و هي معركة شرسة طويلة قد نخسر مقدماتها و نفقد الكثير على طريقها و يكسب أعدائنا بعض جولاتها على المدى القريب و لكن و بقناعة تامة فالنصر حليفنا في النهاية و يا شعوبنا و أهلنا المطلوب هو الوعي و فهم المحافظة على القدرات و نبذ التفرقة و هذا لا يتم بمؤتمرات و لا قمم بل بوعي و نهضة شعبية شاملة .