الثلاثاء: 19/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

نور.. تختار تجار البشر هربا من جحيم الحرب

نشر بتاريخ: 25/04/2017 ( آخر تحديث: 27/04/2017 الساعة: 15:25 )
نور.. تختار تجار البشر هربا من جحيم الحرب
بيت لحم- معا - اعداد وجدي الجعفري- "أمامك خياران إما الموت أو البحث عن مستقبل أفضل"، بهذه العبارة وصفت الفلسطينية نور شحادة (22 عاما) مشاعرها قبل السفر في "رحلة العذاب" التي عاشتها عند لجوئها من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق الى اليونان، هربا من جحيم الحرب الدائرة في سوريا منذ ست سنوات.
رحلة لا تزيد مدتها في العادة عن 4 ساعات جوا من سوريا الى اليونان، لكنها تحولت إلى "رحلة عذاب" استمرت لـ 19 يوما، نجت خلالها من الموت بأعجوبة عندما تعرضت للموت في أكثر من موقف.

شحادة لم تحتمل الوضع المعيشي الصعب في مخيم اليرموك واختارت البحث عن مستقبل مشرق تاركة حلما لم يكتمل بدراسة الصناعات الكيميائية والدوائية في جامعة دمشق، وكالة معا التقت شحادة عبر الهاتف وسردت لنا تفاصيل رحلتها المليئة بالمعاناة والقهر.
تقول شحادة: اضطرت عائلتي لمغادرة سوريا إلى لبنان مع احتدام الحرب في سوريا وتحديدا في مخيم اليرموك الذي بدأ يشهد اشتباكات عنيفة بين الجماعات المتصارعة تاركين خلفنا كل ما نملك من منزل وذكريات، استقرت عائلتي في لبنان لكن بعد عامين ونصف قررت أنا ووالدي السفر إلى اليونان من اجل البحث عن فرص عمل لتوفير لقمة العيش لإفراد العائلة.

15 محاولة على الحدود
عدنا الى سوريا يوم 28 شباط عام 2017، وتوجهنا الى مطار دمشق، من اجل السفر الى مدينة القامشلي الواقعة في جهة الشمال الشرقي على الحدود مع تركيا، ثم ذهبنا الى منطقة رأس العين، للدخول بشكل غير قانوني الى تركيا لعدم امتلاكنا وثائق رسمية من جواز سفر وغيرها.
وخروج شحادة عبر الحدود لم يكن مفروشا بالورود، مضيفة: نجحنا باجتياز الحدود بعد 15 محاولة، كنا في كل مرة نحاول فيها نتعرض للقصف الشديد، سقط خلاله العشرات من القتلى.

وكانت شحادة تحمل من الصور والذكريات والاموال لكنها فقدتها مع جهازها الجوال اثناء محاولتها الهروب عبر الحدود.
وتضيف: بعد دخولنا تركيا التي مكثنا فيها أربعة ايام تنقلنا خلالها في اكثر من مدينة، وصلنا خلالها الى "تجار البشر" المسؤولين عن سفرنا عبر القوارب الى اليونان.


"دفعنا نحو 800 دولار من اجل السفر في قوارب تفتقد لمقومات السلامة وتكتظ باللاجئن، لم يكن ذلك الا لوصولنا لمرحلة تصبح فيها الحياة بدون قيمة".
وتضيف: بشكل سريع صعدنا الى القوارب خوفا من القبض علينا من قبل الامن التركي، كان مقررا ان تجلس النساء والاطفال وسط القارب والرجال على اطرافه لكن بسبب ضغط الوقت اختلط كل شيء، كنت اول الصاعدين على متن القارب الذي كان يحمل نحو 40 شخصا من اطفال ورجال ونساء".
وتضيف: انطلق القارب وكانت حينها عاصفة شديدة تضرب تركيا والامطار الغزيرة تتساقط من كل مكان، بدأ شريط ذكرياتي يعود الى عائلتي التي تركتها امي وشقيقي الذين بقوا في لبنان، وشقيقي الاخر الذي غادر الى المانيا، ومنزلي في مخيم اليرموك وحارتي وجيراني".

الموت أو الحياة
"رغم ان الهدوء كان يسيطر على الموقف الا انه كان مرعبا، تشاهد الخوف في وجوه الناس الذين لا يعرفون ما هو مصيرهم على متن القارب هل سنصل احياء او اموات؟، لا خيار امامنا سوى الاستمرار او الموت"، وتقول: "الحمد لله نجح قاربنا في اول مرة بالوصول الى اليونان، وكان الجميع سالمين، على عكس المئات الذين ماتوا غرقا في البحر".

تتابع: وصلنا اليونان في 19 اذار وانضممت الى زملائي في فريق جفرا، حيث كنت متطوعة معهم في مؤسسة جفرا للاغاثة والتنمية الشبابية في سوريا ولبنان.
وشحادة مسؤولة حاليا عن ملجأ خاص بالسيدات، تم تأسيسه من قبل فريق جفرا وهو عبارة عن عمارة صغيرة تعيش فيها نحو 15 سيدة من فلسطين وجنسيات عربية مختلفة، لجان الى اليونان نتيجة الحروب الدائرة.
ويقدم الملجأ الحماية والرعاية للسيدات لحين توفير ظروف معيشية افضل لهن، كما ويقدم المساعدة للسيدات للحصول على الاقامة او الانتقال الى دول أوربية اخرى، اضافة الى الطعام والرعاية الصحية.

وتطمح نور شحادة باكمال دراستها الجامعية التي تركتها في سوريا والعمل في مجال تخصصها وتوفير متطلبات العيش بحياة كريمة، إضافة الى تقديم الخدمات للاجئين بشكل اكبر.
ويتطوع في مؤسسة جفرا نحو 30 لاجئا سوريا، ويرأس الفريق في اليونان حسام عبد القادر ( 25 عاما) من مخيم اليرموك، ويديره محسن نعيم منسق فريق الاطفال، ومعتز محمود مسؤول الاغاثة. كما ويمكن التبرع للمؤسسة من خلال الرابط" 1"

هكذا تم تأسيس جفرا
وعن فكرة الفريق، يقول عبد القادر لوكالة معا انه وصل برفقة مجموعة من أصدقائه من سوريا إلى الحدود اليونانية، وكانوا بين نحو 40 الف لاجئ سوري، حيث أغلقت أوروبا حدودها في وجه اللاجئين، وقرر هو وأصدقائه المساعدة في التخفيف عن اللاجئين من خلال تقديم المساعدات لهم مستفيدين بذلك من خبرتهم بالتطوع في مؤسسة جفرا التي تعمل في مخيمات لبنان وسوريا.

"صحتهم حقهم"
ويقول ان الفريق يتلقى دعم من العديد من المنظمات والأشخاص ومؤسسة جفرا، وخاصة منظمة بذور من اجل الانسانية من الداخل الفلسطيني والتي اشرفت على حملة "صحتهم حقهم".
ووفرت الحملة الممولة من قبل منظمة بذور من اجل الانسانية برئاسة فراس ابو عصبة مجموعة من الاطباء في مختلف التخصصات والمتطوعين والذين قاموا بخدمة اللاجئين طبيا.
اعادة التوطين
ويقول عبد القادر ان فريق جفرا يعمل على مساعدة الفلسطينيين في برنامج "اعادة التوطين" الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على اللاجئين، يتطلب البرنامج من كل لاجئ يود الانتقال والعيش في دولة أوروبية ان يقيم في مخيمات ويجري مقابلات خاصة قد تستمر لسنة لحين الموافقة عليه من قبل الدولة المستضيفة.