الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

انتخابات المجالس المحلية الفلسطينية واحتدام العشائرية السياسية

نشر بتاريخ: 18/05/2017 ( آخر تحديث: 18/05/2017 الساعة: 10:05 )

الكاتب: إكرام التميمي

لعلها هدأت سريرة البعض، بعدما "أعلن الدكتور حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية مساء يوم الأحد النتائج الرسمية الأولية للانتخابات المحلية للعام 2017 والتي جرت في الضفة الغربية، وتضمنت عدد الأصوات والمقاعد التي فازت بها كل قائمة".
ورغم أنه هناك مطالبات عديدة بتأجيل الانتخابات ولا سيما من خشية البعض بالتأثير على قضية الحركة الأسيرة وضعف التضامن الجماهيري وشبه الرسمي بالحراك اليومي، إلا أن متحدثين في حركة فتح صرحوا " أن إجراء الانتخابات هو فعل مكمل للنضال الذي يخوضونه الأسرى في سجون الاحتلال، وأن إضراب الحرية والكرامة الذي انطلق في السابع عشر من نيسان (يوم الأسير الفلسطيني) ما زال متواصلا حتى اليوم، والمطالبات بتكثيف فعاليات التضامن هي من أولويات المؤسسات الرسمية والقوى الوطنية " .
هذا وبعدما أُعلنت نتائج الانتخابات، تلاشت بعض الاقاويل هنا وهناك في الشارع الفلسطيني، وعبر صفحات " التواصل الاجتماعي" وأخذ البعض منهم يجهز أسنان المشط ليمشط به رأسه الأصلع، هي مقولة قيلت لمن سبر غور انتخابات المجالس البلدية ولا سيما في انتخابات مجلس بلدية الخليل التي تشهد حراكاً جماهيرياً عشائرياً واسعاً لم تشهده الخليل منذ سنوات.
وبعد أن أعلنت اللجنة خلال مؤتمر صحفي عن "أسماء القوائم التي فازت بالتزكية في 181 هيئة محلية ترشحت في كل منها قائمة واحدة، وطبقا لقانون الانتخابات المحلية، فيحق لكل ناخب أو مرشح أو وكيله الطعن في نتائج الانتخابات المعلنة، وذلك أمام المحكمة المختصة خلال أسبوع من تاريخ إعلان النتيجة، وعلى المحكمة أن تفصل في الطعون خلال خمسة أيام عمل من تاريخ تقديمه إليها، وتكون قراراتها نهائية وملزمة، بحيث يتم بعدها نشر النتائج النهائية، وتسلم إلى وزارة الحكم المحلي"، واشتد الحراك العشائري في خليل الرحمن، وتزايدت الاستفسارات حول منصب رئيس بلدية الخليل، ولا سيما بعد خروج الكثير من الآراء المتشددة والمتعنتة من قبل غلاة المستوطنين وأصحاب الحقد الدفين الذين عبروا خلال تصريحات كثيرة عن تهديداتهم لخليل الرحمن وأبناء شعبنا الفلسطيني برمته .
ولست هنا لأكون ضمن من استشاطوا غضباً، وإنما لأعبر عما جال في ضمائر نفوس الفلسطينيين والفلسطينيات ممن انتخبوا ومن لم ينتخبوا، وكثيرة هي العوامل التي جعلت انتخابات المجالس المحلية في فلسطين المحتلة بين فكي كماشة، أحدهما اشتراط الممولين بأنه لابد من مواصلة العملية الديمقراطية بموعدها ومن ضمنها المجالس المحلية للبلديات والمجالس القروية، ومع أهمية التزام الحكومة الفلسطينية بتطبيق قوانين الانتخابات المحلية والواجبة عقدها كل أربع سنوات، والاحتلال الإسرائيلي المتعنت بالتعاطي مع قضية الأسرى وإضرابهم بمعركة الأمعاء الخاوية، علاوة على حصار قطاع غزة، وسياسة التهميش مع كل ما يتعلق بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو الالتزام بحل الدولتين، والإذعان لما صدر من قرارات دولية برغم المطالبات من المجتمع الدولي بضرورة انهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بل زادت حكومة الاحتلال من إحكام قبضتها على كافة مقدرات الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، مما عزز الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، وجعل فتح وحماس في صراع بغيض، وكلما هدأت النفوس أشعلتها أجندات خفية من جديد بوسائل خفية ومنها المعلن واللبيب بالإشارة يفهم
وأما على المستوى الوطني الفلسطيني في مدينة الخليل، وحيث بلدية الخليل وانتخابات مجلسها البلدي، احتدمت الآراء والمواقف عند" العشائرية السياسية " التي تغولت بعشائريتها الجاهلية لدى البعض على قيمة العمل النضالي والتنظيمي .
ومن هنا، لم أكن ضمن أعضاء اللجنة الذين اختاروا القائمة المرشحة لخوض انتخابات مجلس بلدية الخليل والتي أقرت من قبل كامل أعضاء اللجنة التي تم تشكيلها عبر حركة فتح بالخليل، وبالتالي لم تكن لدي البيانات حول المعايير التي تم اختيار المرشحين والمرشحات في " كتلة التحرر الوطني والبناء"؛ ولكن تصغر في عيوني كافة المكاسب والمناصب أمام هذا الشعار، وهو وحده كافٍ لنرفع به الهامات عالياً ونجتهد بكافة السبل والوسائل لحماية الوطن والإنجازات من أي غموض، وعلينا عدم التهاون و التماهي مع أية أجندات لا تتفق بأن الوطن يستحق التضحيات، والحرية والاستقلال والكرامة "عنوان" و بوصلة توجهاتنا وطموحنا بأن فلسطين فوق الجميع.
أخطأت بعض القامات والهامات في دراسة ما يحاك ضد خليل الرحمن من دسائس، ولم تستطع التغلب من داخلها على "العشائرية السياسية " الجاهلية، ومنهم من وجد أنه يستحق أن يكون ضمن قائمة فتح، ولكنها يا سادة هي فتح، وفيها أيضاً قيادات وهامات وجلهم يجتهدون ويعملون، وجَلَّ مَن لا يخطئ، ولكن أن تتوالى الهفوات وتوجه الضربات لمبادئ وقيم تربينا عليها "ولا يهون القسم " هذا لا يجوز ومن غير المسموح به أن تنتصر لعشيرتك، على مصالح الوطن والحركة الثورية والنضالية وما تحمل من قيم، وأمامها ما زالت الطريق تحتاج كافة الطاقات للوصول للتحرير والحق بتقرير المصير والعيش بكرامة، وتضحيات الشهداء والجرحى ومعاناة الأسرى تستحق منا جميعاً تكثيف الجهود والطاقات وبشتى السبل، وأن نتوحد خلف الهدف الأسمى وخلف أم الجماهير، أفلا تنتصرون للحرية والكرامة وللإنسانية التي تنبذ الكراهية والبغضاء والعام أشمل من الخاص، والإنسان هو أكرم خلق الله الحق والعدل والسلام .
جدير بالذكر: بأن النسبة النهائية للاقتراع، " بلغت 53.4% من أصحاب حق الاقتراع في 145 هيئة محلية، وهذه النسبة صدرت بعد انتهاء كافة المقترعين المتواجدين داخل المراكز من الإدلاء بأصواتهم، وقد صدرت النتائج التالية عن العدد الكلي للأصوات الصحيحة 403,213، بينما كانت نسبة الأوراق البيضاء 1.3% والأوراق الباطلة 2.75% ". ، فهل يطمئن بال من انتصروا للشك والتشكيك بنزاهة وشفافية الانتخابات، وحيث قالت لجنة الانتخابات المركزية بأنها "نظرت في كافة الشكاوى والتقارير المقدمة من هيئات الرقابة، فرأت اللجنة أن أياً من هذه الشكاوى لا تؤثر على نتائج الانتخابات"، وقد أقرت اللجنة النتائج الرسمية الأولية للانتخابات والتي صدرت بعد أن أنهت طواقم اللجنة عملية فرز الأصوات التي بدأت مساء السبت فور إغلاق صناديق الاقتراع، وإدارة البيانات وعملية توزيع المقاعد طبقا لطريقة سانت لوغي وهي إحدى الطرق العالمية والمعتمدة فلسطينيا لاحتساب وتوزيع المقاعد.
وأعلنت هذه النتائج "أن نسبة المقاعد التي حصلت عليها القوائم المستقلة بلغت 65% من العدد الكلي للمقاعد المتنافس عليها، بينما حازت القوائم الحزبية على 35% منها"، ومن هنا ألمس مدى تراجع الحزب أمام العشائرية وأن علينا مستقبلاً التحليل والتخطيط وفق المعطيات والاستثمار الأمثل للخبرات لدى من خاضوا هذا المخاض العسير ولعلها تثمر شجرة وتطعم من خيراتها لمن زرع مراراً وينتظر الثمر ناضجاً، لا حصرماً، فالآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون .