الثلاثاء: 19/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

اضراب الأسرى ما بين الإصرار والأسرار واخيرا الانتصار ..

نشر بتاريخ: 28/05/2017 ( آخر تحديث: 29/05/2017 الساعة: 00:41 )

الكاتب: عبد الله كميل

في أي معركة لا يمكن ان تسير وكالعادة بعيدا عن اسرار هنا وهناك بعيدة عن متناول الرأي العام فما بالكم بمعركة ملحمية كمعركة هؤلاء الأسرى الذين اتسموا بالعناد من ناحية ومن ناحية اخرى فان من قادوا الاضراب يعتبروا من القيادات الذكية ولا سيما القائد الأول للاضراب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي والعضو الجديد للجنة المركزية والأسير الاقدم على مستوى العالم كريم يونس اضافة للأسرى الاخرين ..
فقد خرجت من مروان البرغوثي عدة رسائل قبل الاضراب للقيادة والتي سارعت الى مخاطبة الاسرائيليين وتحديدا في١/٤/٢٠١٧ مطالبة بتلبية مطالب الأسرى خاصة ان هذه المطالب انسانية محضة ولا يوجد لها اي صبغه سياسية وكذلك لا تحتوي اي مساس بالامن ..وطالبت جهة الاختصاص بحوار عضو المركزية مروان البرغوثي الا ان الاسرائيليين لم يتجاوبوا مع مطلب القيادة ، وبوصول التاريخ المحدد كساعة صفر للانطلاق بالاضراب ونتاج عدم التعاطي الجدي مع مطالب الأسرى فقد انطلقوا بالاضراب وبعناد شديد..الا ان مصلحة السجون وبناء على تعليمات مباشره من قبل الحكومة الاسرائيلية عبر وزير الامن الداخلي "أردان" بدأت بعزل المضربين وقادتهم وقامت بالتنكيل بهم عبر عمليات تفتيش جسدية يومية كما قامت بعمليات نقل على مدار الساعة للأسرى المضربين مارست اثناءها ساديتّها من خلال اطالة مدة الانتظار بمحطات انتظار تفتقد لابسط شروط الحياة الانسانية ..اعتدى رجال شرطة السجون بالضرب على عدد من الاسرى .
استخبارت مصلحة السجون استخدمت كل الوسائل من اجل كسر وحدة الأسرى المضربين ..فقامت بفبركة فيديو لشخص مثّل شخص مروان البرغوثي وتم اظهاره على انه يتناول الطعام وقاموا بتوزيع الفيديو على الأسرى الا انهم لم يتعاطوا مع ذلك حيث انهم يدركون الاعيب اجهزة استخبارات مصلحة السجون ..وما يميز هذا الاضراب ان مصلحة السجون قد سلمت الملف للحكومة الاسرائيليه مباشره مما شكل سابقة لم تحصل من قبل .
استمر الاضراب اياما متتالية ما شكل ضغطا كبيرا على الجميع ولا سيما على ذوي الاسرى ..منذ اللحظات الاولى تم تشكيل لجنة خماسية من اللجنة المركزية .
ولم يكن امام فتح الا تبني الاضراب وقيادة الجماهير وتوسيع دائرة الاسناد الشعبي والعمل بكل الامكانات من اجل مساعدة الاسرى في الوصول الى انتصار يحفظ كرامتهم ..وضع الحركة الاسيرة لم يكن كما كان في الماضي حيث تعاني الحركة الاسيره من حالة التصدع والتفسخ نتاج تراكمات واسباب لا مجال لذكرها ولعل ذلك كان سببا باطالة امد الاضراب وكذلك اعادة تنظيم الحركة الاسيرة كان من اهداف هذا الاضراب .
تم خذلان الاسرى المضربين من قبل بعض التنظيمات وعلى رأسها حماس التي منعت في قطاع غزة مهرجانا لدعم الاسرى ..تم تشكيل اللجنه الوطنية لاسناد الاضراب بعيدا عن اللجنه المركزيه بعد ان تداعى العديد من كوادر فتح لاجتماع افرز هذا المسمى ..دخل البعض على الخط وبدأوا باستغلال الحالة النفسية لذوي الأسرى واقاربهم وكذلك المعتصمين بخيام الاعتصام وبدأوا بحرف البوصلة من خلال اتهام القيادة بالتقصير ..القيادة غضبت جدا من حرف المسار عبر الخطاب الذي اعتبرته لا يصب في مصلحة الأسرى ولعل المهرجان الذي تم تنظيمه في ساحة نلسون مانديلا كان اكثر استفزازا للقيادة التي اعتبرت ان هناك اصرارا على ابعادها عن الحالة من خلال عدم افراد كلمة لها في هذا المهرجان لولا تدخل المحافظ ليلى غنام ..بات الخلل واضحا في وحدة القيادة واليات العمل نتاج اصرار البعض على الايقاع بين القيادة والناشطين المساندين للأسرى وكان من ضمن هؤلاء المفسدين بعض من يحملون اجندات سياسية لا علاقة لها بالاضراب حيث كان شغلها الشاغل التحريض على القيادة وعلى رأسها الرئيس .
ولعل بعض من حاولوا حرف البوصله وتشتيت الجهد اشخاصا يكنون الحقد على فتح والسلطه الوطنيه ..واخيرا وفي اليوم الثالث والعشرون من الاضراب قد تمخضت جهودنا في المجلس الثوري الذي شكل خلية ازمة من اعادة ضبط الايقاع من خلال توفير اجواء من التفاهم ما بين اللجنة المركزية واللجنة الوطنية لاسناد الأسرى حيث لا يمكن توسيع دائرة الفعل الشعبي بعيدا عن فتح، والحق يقال ان الاخوه عيسى قراقع وقدورة فارس كمختصين بملف الاسرى كانا مدركين لهذه الحقائق وبالفعل تم ترتيب جلسة دافئه مع عضو اللجنة المركزية د جمال محيسن ضمت خمسة من اعضاء المجلس الثوري وامين السر مع اعضاء اللجنة الوطنية كان نتاجها توحيد الجهد من خلال اعادة صياغة اللجنة ورفع مستوى اعضائها من خلال ادخال الامناء العامين للفصائل وكذلك تطوير الاداء والتنسيق ليصل الى عقد اجتماع هام مع لجنة المتابعه في الداخل وكذلك عقد مؤتمر صحفي ضم اللجنة الوطنية بكافة اعضائها ما ادى الى وصول الرسالة واضحه لا لبس فيها بان هذا الاضراب قد تم تبنيه من قبلجج قيادة منظمة التحرير وعلى رأسها قيادة فتح ولا اخفي ان كل ذلك كان بدعم واسناد من السيد الرئيس ابو مازن الذي كان يستشيط غضبا من تعنت الحكومة الاسرائلية التي كانت تصر على كسر ارادة الاسرى وخاصة ان هؤلاء في غالبيتهم الساحقة هم من كوادر حركة فتح التي يتزعمها..وبالرغم من كل ذلك حاول البعض تمرير اجندته من خلال التحريض على القيادة ودفع الشبان والصبية لاغلاق الطرق الداخلية وخلق حالة الفوضى في مواجهة السلطه بهدف خلط الاوراق ..وفي غمرة كل هذه الاحداث واستمرار الاضراب وتصلب موقف الحكومه الاسرائيليه كانت هناك محادثات امنية من خلال لجنة ثلاثية شكلها الرئيس بهدف الضغط على الاسرائيليين من اجل تلبية مطالب الاسرى ..طرح الاسرائيليين اقتراحا بارسال وفد فلسطيني لقيادة الاضراب محملين بموقف مفاده ان الحكومه الاسرائيلية تتعهد بتلبية الغالبيه العظمى من مطالب الاسرى شريطة وقف الاضراب الا ان الجانب الفلسطيني رفض الصيغه لسببين اولهما ان من الضرورة الافصاح عن المطالب التي ستتم تلبيتها وثانيهما وجود فيتو على مقابلة مروان البرغوثي ..واستمرت المحادثات السرية حتى صبيحة 27/5/2017 حيث هدد الاسرائيليون انهم وفي حالة عدم الاستجابة للموقف الاسرائيلي سيستخدموا وسائل اخرى وحينها عبر الجانب الفلسطيني عن موقفه القاضي بانه وفي حالة استخدام القوة بحق اسرانا المضربين فان الجانب الفلسطيني سيتخذ مواقف غير مسبوقه وانه يرفض ارسال وفد في حالة وضع الفيتو على مقابلة مروان البرغوثي وكل ذلك كان بمتابعة حثيثه واولا باول من قبل الرئيس ابو مازن ...عاد الاسرائيليين بموقف مفاده ان اسرائيل لن تستخدم القوة معهم وبعد نقاش طويل واخذ ورد تم الاتفاق على فتح الحوار مع قيادة الاسرى المضربين من خلال مصلحة السجون .
وفعلا هذا ما تم في نفس اليوم حيث تم تجميع كل قادة الاسرى في سجن عسقلان وتم البدء بحوار استمر زهاء الخمسة عشر ساعة ادى الى الاتفاق على تعليق الاضراب بعد ان تم ابلاغهم بالتعهد بالموافقه على جزء كبير من المطالب على ان يستكمل الحوار بين لجنة حوار قيادية من الاسرى ولجنة من مصلحة السجون علما ان الاسرى وقبل الاتفاق اتصلوا بالاخ حسين الشيخ مستفسرين عن تعهد الحكومة الاسرائيليه للرئيس ابو مازن فاكد صحة ذلك وقال لهم ان القرار قراركم ونحن وعلى رأسنا الرئيس سنكون الداعمين لكم ولن نسمح بكسركم ..وهكذا انتصر الأسرى ومن خلفهم شعبهم وقيادتهم التي لم تتخلى عن واجبها اتجاههم.
ويبقى السؤال الكبير المفتوح لماذا كل هذه المحاولات لجلد فتح وقيادتها بالرغم من ان من خطط وقاد الاضراب هي فتح عبر عضو مركزيتها مروان البرغوثي اضافة للقادة الاخرين ..ومن الهب الشارع هي فتح ..ومن جرحوا واستشهدوا اثناء المعركة هم من فتح ..ولماذا يصر البعض دوما وعندما يتعلق الامر بفتح حرف البوصلة والتجريح بفتح ..فالامر ليس عبثيا انما مخطط له ..