الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

إرهابيون يشوشون على القضية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 29/05/2017 ( آخر تحديث: 29/05/2017 الساعة: 15:51 )

الكاتب: د. حسن عبد الله

القضية الفلسطينية، قضية وطنية وإنسانية عادلة، وعلى ذلك تتفق دول وشعوب العالم، وهذا مدعوم بتعاطف وإسناد أممي، تم التعبير عنه بقبول فلسطين "عضو مراقب" في الأمم المتحدة، إضافة إلى ما تحقق من قرارات وإنجازات من اليونسكو وغيرها من المؤسسات الثقافية والحقوقية الدولية، بمعنى أن القضية ليست على هامش التاريخ وليست بمنأى عن الضمير الإنساني العالمي، بل هي تتبوأ الصدارة، مع أن هذه الإنجازات لم تأت تلقائية، وإنما بنضالات وصمود على الأرض وحراك دبلوماسي سياسي انطلق منذ عقود، إلى جانب السلوك الثوري الواقعي للفلسطينيين، أي أنهم يسعون الآن إلى الحصول على دولة مستقلة ضمن ما تقره الشرعية الدولية، وهم بذلك يتناغمون مع القرارات والمواثيق الدولية.
وبالرغم من معاناة الفلسطينيين إلا أن بوصلتهم واضحة الاتجاه، ولا يقودهم الإجحاف والظلم الواقع عليهم، إلى مناصبة العداء للمؤسسات والمصالح الدولية، لأنهم يعملون من أجل توسيع نطاق التعاطف معهم وتأييد قضيتهم ومطالبهم العادلة بالاستناد إلى هذه المؤسسات وفي ظل تطور الموقف الدولي من حقوقهم، غير أن الحروب والصراعات التي تفجرت في السنوات الأخيرة في عدد من الدول العربية، قد أسهمت في تشتيت الجهد الشعبي والرسمي العربي وتدمير مقومات الدول، وتهجير الشعوب، وبالتالي حرف الانتباه عن قضية اللاجئين الفلسطينين، ليصبح هناك لاجئون سوريون وعراقيون وليبيون ويمنيون، لذلك فإن الإرهاب الذي يضرب في عمق الدول العربية تصيب شظاياه وارتداداته القضية الفلسطينية.
كما أننا لم نسمع أية جملة للتنظيمات الإرهابية عن فلسطين، لأنها في الأصل لا تهمهم، وهي ممسوحة من أجنداتهم، التي هي تآمرية وتدميرية وتكفيرية، تعمل ضد كل ما هو وطني وقومي وإنساني، والأنكى من ذلك أن الإرهابيين يضربون في كل مكان ويفجرون داخلياً وخارجياً، مسيئين للإسلام والعرب، مشتتين الانتباه في اتجاهات بعيدة كل البعد عن القضية الفلسطينية، إضافة إلى أنهم يختارون توقيت عملياتهم بالتزامن مع فعاليات فلسطينية مهمة كما حصل في العمليات الإرهابية التي تزامنت مع إضراب الأسرى.
ولأن الفصائل والقوى الفلسطينية مجتمعة ومن بينها الفصائل الإسلامية، أدركت مبكراً مرامي وتوجهات هؤلاء الإرهابيين، فإنها تعتبر أن العمليات التخريبية الخارجية، وبخاصة في الدول الأوروبية، مسيئة وتآمرية وقذرة كالتي حدثت في مانشستر، وخيمت على قمة الرئيسين عباس وترامب، ليأخذ المؤتمر الصحفي المشترك بينهما نصيباً مهماً من المساحة الزمنية المخصصة له، لإدانة هذا العمل الإرهابي الرخيص، على حساب طرح مزيد من القضايا والأفكار المتعلقة بالقضية، وليقدم الإرهابيون فرصةً لنتنياهو ليهاجم الفلسطينيين، وإن كان ذلك بشكل فج وغير منطقي، حينما قال لو ان الذي قام بالعملية فلسطيني، لتم تخصيص راتب لأسرته من السلطة، وقد كان الافتراض خيالياً ولا علاقة له بالمنطق، لكن في إطار الحملة الإسرائيلية الرسمية التي تستهدف رواتب الأسرى.
إن كل عمليات الإرهاب التي تستهدف المواطنين في أوروبا والعالم هي مدانة فلسطينيناً، لأن الشعب الفلسطيني المناضل وصاحب القضية، يرفض المساس بأي مواطن آمن، تماماً كما ينشد الأمن والأمان لنفسه بعد أن اكتوى طويلاً بنار الاستهداف إنساناً ووجوداً، وهو يرى في أي عمل إرهابي حلقة في مخطط متكامل يستهدف تهميش دوره وقضيته، بجعل الإرهاب سلوكاً يومياً وكأنه حدث عادي، في محاولة لتسويق ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل وتنكيل، في سياق أنه يأتي ضمن سلوك عام وليس استثنائياً.
لا دين للإرهاب ولا ضمير، فمن يقتل طفلاً آمناً أو امرأة أو رجلاً في السوق أو من يقتل طفلاً في مدرسته أو يحرقه في بيته كما حدث مع عائلة "دوابشة" هو معدوم من الإنسانية، ومجرد من كل المعايير والاعتبارات الأخلاقية، وبالتالي لأننا شعب يحب الحياة فإن فلسفتنا تقوم على أساس الافتراق والتناقض مع كل من يستهدف إنسانية الإنسان مادياً ومعنوياً، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال مساواة من يتطلعون إلى الحرية، بأولئك الذين يتبنون استراتيجية التقتيل.
وعليه، فإن أي عمل إرهابي ضد أبرياء أو منشآت اجتماعية أو اقتصادية أو أماكن عبادة، هو مدان فلسطينياً، فكيف يمكن لشعب يعاني القهر والاستلاب، ألا يرفض ويستنكر استهداف الإنسان في كل مكان، فيما يكون الرفض والاستنكار مضاعفاً، عندما يتأكد الفلسطينيون مرة بعد أخرى، أن الإرهابيين بصرف النظر عن شعاراتهم وتسترهم بالدين، ينفذون برامج معادية وتجهيلية، ويطمسون إعلامياً بما يفعلون ويمارسون ما يجري على الساحة الفلسطينية من حصار وتجويع.