الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

أعطني الناي وغنِّ

نشر بتاريخ: 15/06/2017 ( آخر تحديث: 15/06/2017 الساعة: 21:58 )

الكاتب: تحسين يقين

هو دور الكلمة واللحن والخط واللون..
هو دور نبيل وإنساني جدا، دور وطني وقومي، فنحن في هذا الفضاء معا بيننا عقد مقدّس للحياة لا للموت.
- هات لي شيئا كبيرا من الأمل..
- بالعامل الذاتي اولا واخيرا ودائما سنفعل شيئا، وأشياء أفرادا وجماعات..
من تفاصيل عيشنا، نتعلم إن أردنا؛ ولي أن أتعلم من عالم النبات وأرضه..
قال الآباء والأمهات عن الأرض الزراعية: اطعمها بتطعمك، لذلك لا سؤال عن مستوى الثمار؛ فالثمرة جواب، وهي نتيجة ما أبدع من عمل.
"العناب"، ثمرة جهده "قطوف العنب"، أو العناقيد التي غنى لها جبران وفيروز:
هل جلست العصر مثلي .. بين جفنات العنب
والعناقيد تدلّت .. كثريّات الذهب
ولا تتدلى العناقيد "القطوف" كثريات الذهب هكذا صدفة؛ فللذهب استحقاقاته، من عمل، وتلك قصة أخرى تبدأ مع أولى حبات المطر على أرض العنب، فالحراثة للتهوية والماء، والتقليم، والحراثة ثانية وثالثة، للتهوية وحتى تتمدد الجذور في التراب الرخو بسهولة أكثر. ثم تبدأ رعاية مستمرة للثمر والورق أيضا..
تقليم الشجر ضروري للحفاظ على شجرة قوية وثمر فاخر، فالزوائد تضعف الشجر، أما التوريق، وهو يأتي في أخر شهر أيار وطول شهر حزيران، حيث إن إزالة الأغصان والأوراق الزائدة من حول القطوف تمنحها صحة أفضل في الحجم والطعم. لذلك قيل أن التوريق يعد تقليما ثانيا.
من فوائد التوريق، التقليم الثاني، منح الشجرة تهوية مهمة، حيث تتدلى فعلا القطوف في فضاء الدالية، التي تصبح كالخيمة كالبيت.
ويقوم العنابون المتميزون بعمل نوافذ-شبابيك في تلك الخيمة، للسماح للشمس بالدخول بأشعتها الذهبية ، فهل لأجل ذلك تصير العنلاقيد ذهبا؟ أم أن جبران كان يصف العنب الأبيض أو الدابوقي!
الشمس والهواء صحة للثمر، فلن تحفظ المبيدات الزراعية الثمر وحدها بل الشمس والهواء!
الشمس والهواء هل هما الشفافية؟ ربما!
ذلك وعي المزارع، والإنسان، ولنا أن نتعلم من الشجر والشعر وجبران.
العامل الذاتي هو أساس العناقيد، السواعد القوية التي تقبل على الأرض بحب وعطاء..
والعامل الذاتي هو نفسه العامل الوطني، الذي يعمل على إيجاد ثمار سياسية وطنية صحيحة غير معتلة، تدوم لا ثمار ضربتها الجراثيم والحشرات.
وهو العامل القومي، والإنساني، إن أردنا فعلا ثمرا جميلا..
أسمع أخبار بلادنا الحبيبة، أأحتار؟ لا أحتار مع أي أجد نفسي، فما إلا مواطن عربي، أحزن حينا وأغضي حينا آخر، لكن وسط الحزن والغضب هناك اسباب كثيرة لنحتفل بفرحنا القادم..
كل بلادنا جميلة، وكل شعوبنا زرعها والموسيقى والأرض، الهواء والماء، والشمس، الثلج، الرياح حتى ولو كانت حارة، فلذكراها، ولمواسمها نحنّ ونشتق، من قال رياح الخماسين غير رائعة؟ ألم يصورها محمود مختار تعبث بقوة بملاءة المرأة رمزا لمصر، متشبثة بها صامدة..كان ذلك في العشرينيات من القرن العشرين..لم يستلم أهل بلادنا لا للحزن ولا لليأس، بل مضوا بسواعدهم/ن ليحرروا الأوطان..
التحرر، كم ارتبط التحرر الوطني والقومي بالتنوير!
فإن لم تتحرر عقولنا، فأي طريق تلك التي سنمضي بها؟
وإن لم تتسع قلوبنا، فأي أسرة سنكون!
- لنتأمل!
- ..............!
- نعم لنتأمل، فلم يات الحال هكذا صدفة، أكان إنجازا أو خرابا!
أسمع وأقرأ، كغيري، وأعتقد بأننا اليوم لا نحتاج رثاء ولا بكاء، ولا اقتتالا على الاقتتال، ولعل الفن والثقافة والإعلام والمؤسسات الفكرية والدينية مدعوة اليوم، لبث روح الأمل، ربما نبكي مع آهات بوشناق في تونس، ربما يقتلنا الحزن والغضب لمشهد أطفالنا، لكن ونحن نسعى للمستقبل، لا مانع أثناء سيرنا نو مستقبل حرّ أن نذرف بعض الدموع..
إذا كان رعاية كروم الدوالي هنا في جبال القدس والشام وكل بلادنا العربية التي تزرع العنب تحتاج هذه الرعاية لتحقيق هدف عناقيد تحاكي ثريات الذهب، فما بال رعاية الأفراد والجماعات والشعوب!
أسمع أخبار بلادنا العربية شرقا وغربا، فأجد نفسي منشدا نحو الغد، فهل الانشغال والاصطفاف هنا أو هناك هو خيار قدريّ؟
نحن لو فكرنا قليلا، لانفقنا كثيرا على احترام كرامة الجميع، ولاكتشفنا بسهولة صناعة الاقتتال وافتعال الأزمات، فإذا كان شيخ الطريقة واحد، فلم يتجادل المريدون؟ ولم يتنازعوا فيما بينهم؟ يمكمن فعلا توفير الوقت والمال ومشاعر الحزن والغضب لو فكرنا فعلا ولو شعرنا من الداخل.
هو التحرر من تناقضاتنا إنما يأتي بالتنوير والمحبة والتعاون، مجلس التعاون هو اسمه، جامعة الدول هو اسمها، المغرب العربي الكبير اسمه!
لنزرع نحو المستقبل القريب والبعيد وما بينهما..
ها أنذا والمزارعون من حولي في جبال القدس الغربية يتابعون توريق أشجار الكرمة، أيادينا على الأوراق والأغصان، وعقولنا هناك بين هذا البلد وجيرانه الأشقاء، نتساءل هل يمكن التتغيير؟
نحتاج للتغيير كي نظل ونبقى!
طالبت القمة العربية الأخيرة في الأردن بتكليف لجنة لإجراء تقييم شامل لما تم في إطار إصلاح وتطوير الجامعة العربية، ورفع توصيات حول الأمور التي لم تنجز بعد إلى اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته العادية في ايلول / سبتمبر المقبل. ولعل اللجنة اجتمعت في القاهرة منذ أيام..
إصلاح وتطوير الجامعة مرهون بنا نحن، فالأمور غير منقطعة ولا منعزلة، ولو اردنا الإنجاز الفعلي، فيمكن بسهولة إعادة أساليب ومناهج زراعة الأفكار داخل كل دولة، وفيما بينها، حيث سنجد أن التغيير الفعلي يبدأ من التعليم والإعلام والثقافة والفنون والمؤسسات المكونة للشخصية العربية في أي قطر وجدت. سنستطيع عمل اختراق فقط إن اردنا، وإن قررنا أمرا واحدا: ألا نورث سلبياتنا ونزاعاتنا للأجيال الجديدة.
حين عقدت القمة، لا بد أن القادة العرب وهم في غور الأردن قد أطلوا على فلسطين الحبيبة، ليمر في خيالهم تاريخ المكان، متذكرين أن من أسباب جامعة العروبة كانت فلسطين..
كانت فلسطين وستظل جامعة مجمعة لكل جهد عربي يرتقي بشعوبنا باتجاه التحرر والرفاهية والاستقرار.
وكل بلد عربي هو فلسطين الحبيبة، تجمعنا آماله وآلامه.
حين يستلقي الحكام والمحكومون واضعي الرؤوس على المخدات، لعلهم ولعلنا نطهّر أنفسنا، باتجاه أزالة أسباب النزاع المفتعلة:
إلا م هذا بينكم إلاما وهذه الضجة الكبرى علام