الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قطاع غزه والكارثة البيئية القادمة!!

نشر بتاريخ: 21/06/2017 ( آخر تحديث: 21/06/2017 الساعة: 10:58 )

الكاتب: عقل ابو قرع

تظهر فحوصات مخبرية تم نشرها حديثا، أن جزأ كبيرا من مياه بحر قطاع غزة هي مياه ملوثة، سواء أكان التلوث بيولوجي أو كيميائي، والسبب الاساسي هو مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر بما تحويه من كل أنواع الملوثات، من مبيدات وعناصر معدنية ومواد غير عضوية ومن بكتيريا وفيروسات وما الى ذلك، وبالاضافه الى الاثار المباشرة لهذا التلوث على من يستخدم هذه المياه من البشر، فإن لها أثار بعيدة المدى على الثروة السمكية وعلى النظام البيئي الذي يحويه البحر.
ومع تخطي عدد سكان قطاع غزة عتبة المليونين، وبالاضافة الى الحصار المتواصل لقطاع غزة، فإن المعلومات الواردة من القطاع من خلال مصادر مختلفة، ومن ضمنها المصادر الدولية، تشير الى وجود وضع بيئي كارثي، أو في الاتجاة نحو كارثة بيئية في قطاع غزة، وبالتالي تدمير النظام البيئي، الذي يحيا فيه أكثر من مليونين من الاشخاص، يعتاشون ويمارسون النشاطات المختلفة من زراعة وصناعة وتجارة وخدمات وما الى ذلك.
ومن المعروف أن عشرات الالاف من الاطنان من المواد المتفجرة قد تم القاؤها على قطاع غزة خلال الحرب الاخيرة على قطاع غزة، التي تشمل العديد من الكيماويات المختلفة، والتي قد تكون وجدت طريقها الى الارض والجو والمياه والطعام والبشر في غزة، في تلك البقعة الجغرافية الضيقة، حيث من المعروف ان قطاع غزة بأكمله، اي من بيت حانون الى جباليا ومدينة غزة ودير البلح وخانيونس ومن ثم الى رفح، لا تزيد مساحتة عن حوالي 365 كيلومتر مربع، وان عدد سكانه يبلغ حوالي مليون و800 الف شخص، وهذا العدد في ازدياد متواصل، وبالتالي هو من اكثر بقاع الارض اكتظاظا بالسكان، ان لم يكن اكثرها، حيث يعيش في الكيلومتر المربع الواحد حوالي 5000 شخص.
ومعروف كذلك ان المصادر الطبيعية الفلسطينية، في الضفة الغربية وفي غزة، من مياه وتربة وارض او حيز هي محدودة، وان هذه المصادر، وبالاخص في قطاع غزة هي ليست بالحال الافضل، سواء اكانت المياه الجوفية، او التربة، او تلوث مياه البحر، أو الحيز الجغرافي من حيث انتشار النفايات الصلبة والمياه العادمة، وانتشار السيارات القديمة، وبالتالي امكانية تلوث الهواء، وكذلك ضعف او غياب القوانين البيئية الملزمة وضعف التوعية البيئية الكفيلة لايلاء البيئة في غزة الاهتمام الكافي.
ومن أثار الكارثة البيئية في قطاع غزة هو تلوث المياه، ومعروف ان اكثر من 95% من المياه في بلادنا هي مياه جوفية، وكانت قد أشارت تقارير ان اكثر من 90% من المياه في غزة هي مياه ملوثة، ولا تصلح للاستخدام البشري حسب المعايير الدولية، وتتلوث المياه في غزة بالمواد الكيميائية، سواء الناتجة من المياه العادمة، او من المبيدات والاسمدة الكيميائية، او من مشتقات البلاستيك والمواد الصناعية الاخرى، ومن ثم تتسرب من خلال التربة الرملية الى مصادر المياه الجوفية، وبعد الحرب الاخيرة يمكن تصور الكميات الكيميائية الهائلة التي تم اضافتها الى التربة في غزة، وبالتالي احتمالات وصولها الى مصادر المياه، ومن ثم زيادة الوضع سوء بالمقارنة ما كان علية قبل الحرب.
وشاهدنا من خلال الصور على التلفزيون وغيره خلال الحرب الاخيرة على غزة، سحب الدخان الهائلة بما ما تحويه من مواد، والتي كانت تتصاعد الى الهواء، اي الى هواء غزة، ومن ثم احتمال تلويثه، وبالاضافة الى ذلك فان معظم بقايا المواد التي تم القاؤها على غزة تبقى في التربة او على الارض، وبالتالي تزيد من معضلة النفايات الصلبة وفي هذه الحالة النفايات الصلبة الكيميائية الخطيرة، وكذلك ومن خلال تراكمها في التربة تحد وبالتدريج من خصوبة هذه التربة وبالتالي تحد من قدرتها على انتاج الطعام او الزراعة فيها، ومن المحتمل كذلك ان تصل هذه المواد الكيميائية بشكل مباشر او غير مباشر الى الغذاء الذي سوف يتم استهلاكة من الناس وما الى ذلك من اثار صحية، وبالاخص اثار صحية بعيدة المدى.
وفي ضوء كل هذه التقارير، فان الوضع البيئي في قطاع غزة، من السهولة وصفه بالوضع الكارثي، وان النظام البيئي الصالح لحياة البشر قد تهاوى أو يتهاوى، أن لم يكن قد أنتهى بعد، وبالتالي فاننا الاحوج الى اعتبار الاوضاع البيئية في غزة من الاولويات الوطنية، سواء اكان ذلك من قبل الجهات الرسمية أو من قبل المنظمات المحلية والدولية الفاعلة في مجال البيئة، وبالادق الاثار البيئية بعيدة المدى والتي لا يمكن الحد من تداعياتها، وبالاخص أننا نشاهد التقارير هذه الأيام عن ازدياد حالات أمراض السرطان وغير ذلك من الامراض غير السارية في غزة.