الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ارهابيون هنا وأبطال هناك والعكس صحيح

نشر بتاريخ: 23/06/2017 ( آخر تحديث: 23/06/2017 الساعة: 07:48 )
ارهابيون هنا وأبطال هناك والعكس صحيح
بيت لحم – معا- ترفض ابداعية الحكومة الاسرائيلية عموما وإبداعات نتنياهو على وجه الخصوص ان تتوقف فبعد ان طالب الرئيس محمود عباس بالاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي يتمسك هذه الايام بذريعة مفصلة تماما لتداعب الاوتار العصبية للإسرائيليين "على السلطة الفلسطينية ان تتوقف فورا عن دفع المخصصات الاجتماعية لأسر الشهداء والأسرى الفلسطينيين فكيف يمكننا ان نتحمل وضعا يجري فيه تحويل اموال الخزينة الفلسطينية لمن الحقوا الاذى باليهود ، انه لمن السهل والخطير في ذات الوقت اجراء مفاوضات مع من يشجع الارهابيين ؟ "

من المعلوم ان عباس ليس هو من ابتدع وأوجد هذه الطريقة، فقد كانت موجودة وتعمل في عام 2003 بعد القانون الذي سنته السلطة الفلسطينية في الانتفاضة الثانية لذلك يحق لنا ان نتعجب ونتساءل ماذا حدث حتى قرر نتنياهو تفجير هذا الموضوع في وجه الرئيس الان بالذات بعد 14 عاما؟ وفقا لكاتب هذا المقال الدكتور "تسفي برائيل" المحلل المختص بشؤون الشرق الاوسط المنشور اليوم الخميس في صحيفة "هارتس" الناطقة بالعبرية.

وفي المقابل يدعي الفلسطينيون ان هؤلاء "الارهابيين" لا يختلفون من حيث مكانتهم الاجتماعية عن جنود الجيش الاسرائيلي ، الذين يقتلون الفلسطينيين الابرياء ، او عن الارهابيين اليهود من اعضاء منظمات "لحي ، اتسل ، الهغناه " ، الذين حظوا بشوارع عديدة حملت اسمائهم .

"هذا الادعاء الفلسطيني يخدم تحديدا نتنياهو ويلعب لصالحه فهو يهز الاوتار الحساسة والناعمة المغروسة عميقة داخل الوعي الجماعي الاسرائيلي المتعلق بحرب التحرير من الاحتلال البريطاني وبالتالي يعزز المشاعر المتعلقة بعدالتهم مقابل العدو الفلسطيني الظالم" .

لكن اسرائيل اختارت لنفسها الطريقة السهلة حين رفضت المساواة بين اليهود الذين يقتلون الفلسطينيين والفلسطينيون الذين يقتلون اليهود ، نعم ، على سبيل المثال ، فقد اعفت اسرائيل نفسها من مسؤوليتها عن المساس وإلحاق الاذى بالمدنيين الفلسطينيين من قبل الجيش الاسرائيلي وذلك من خلال تعديلها قانون "الاضرار" الذي يعفي الجيش الاسرائيلي من المسؤولية عن اية اضرار خلال أي عملية عسكرية بما في ذلك الاصابات والقتلى الذين يسقطون في "منطقة القتال " وبات وفقا لهذا القانون قتل المواطنين الفلسطينيين الابرياء امرا شرعيا ومشروعا لا يستوجب دفع اية تعويضات وفي المقابل ، فان قتل الفلسطينيين لإسرائيليين ابرياء يعتبر عملا ارهابيا .

كل من يسعى للتمييز بين جنود الجيش الاسرائيلي ومنفذي العمليات الفلسطينيين استنادا لمنطق الشرعية سيجد نفسه داخل مصيدة التناقض . وفقا لهذا المنطق ، ماذا لو كان منفذو هذه العمليات "الارهابية " ضد اليهود من رجال الشرطة الفلسطينية او لو اقام ابو مازن وحدات اغتيال رسمية تعمل من قبل السلطة الفلسطينية وبالنيابة عنها بهدف تنفيذ عمليات ضد الاسرائيليين بذريعة الدفاع عن النفس ضد الاحتلال - فهل سيتمتعون بالمكانة ذاتها التي يتمتع بها جنود الجيش الاسرائيلي وهل يعتبر قتلاهم " ارهابيين "؟ لكن ابو مازن لا يسعى للإرهاب كما ان اجهزته الامنية متعاونة مع الجيش الاسرائيلي في مجال اعتقال "المطلوبين " وتبادل المعلومات الاستخبارية الحيوية.

تخصص ميزانية السلطة الفلسطينية مبالغ كبيرة لصالح العائلات الفلسطينية التي تضررت نتيجة عمليات الجيش الاسرائيلي وتقديم العلاج الطبي لمن اصيبوا بنيران الجيش الاسرائيلي وباتوا معاقين اضافة لترميم المنازل التي هدمت خارج سياقات العمليات العسكرية وهي مساعدات كان يتوجب على اسرائيل تمويلها لو لم تعف نفسها بنفسها عبر تعديل قانون " الاضرار ".

صحيح ، تدفع السلطة ألاف الشواقل شهريا لعائلات الشهداء والأسرى ، لكن اسرائيل تكذب حين تدعي ان العمليات ستتوقف فقط اذا اوقفت السلطة الفلسطينية رواتب منفذي العمليات . فسواء حصلوا على الرواتب والتعويضات ام لا فالشهداء والأسرى يعتبرون لدى كل شعب خاضع للاحتلال ابطال قوميين . لقد مر ألاف الفلسطينيين على السجون الاسرائيلية قبل وجود نظام دفع الرواتب لعائلاتهم بسنوات طويلة .

على اسرائيل ان تعترف قبل أي دولة اخر في العالم ان الصراعات القومية ليست خالية او نظيفة من " الارهاب " وان هذه الصراعات لا تجري لأجل المال او بسبب دفع التعويضات لذلك فان طلب اسرائيل وقف دفع المخصصات المالية كوسيلة رادعة يشبه الطلب من ابو مازن اعتبار الشهداء قتله مأجورين ومرتزقة والنظر للأسرى الفلسطينيين على انهم " زبائن " لخطط مالية يهتمون بمستقبلهم الاقتصادي بما يعني مسح رموز النضال الوطني الفلسطيني في اشارة للكاتب الى عبثية هذا المطلب وعبثية نظرية الردع من خلال وقف الرواتب والمخصصات المالية .