الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ذكرى سعادة.. سيرته تسكن عقول المناضلين

نشر بتاريخ: 09/07/2017 ( آخر تحديث: 09/07/2017 الساعة: 18:11 )

الكاتب: عباس الجمعة

لا شك عندما نكتب قادة عظام نقف امام ذكرى انطون سعادة، لان مسيرة الشهداء القادة ستبقى متجددة تسكن العقول قبل القلوب لكل شرفاء الأمة المقاومة وأحرار العالم، فهي مسيرة مناضل وقائد ومؤسس حركة النهضة العربية ، فمآثره الكفاحية والفكرية القومية تبقى متجددة في وجدان الأجيال، وهذا يتطلب استكمال مسيرته الكفاحية الخلاقة الحافلة بالدروس والعبر النضالية
من هنا نقف امام ذكرى الشهيد انطون سعادة مؤسس الحزب القومي السوري الاجتماعي، حيث تتكالب المؤامرات على فلسطين، فهذا الزعيم الشهيد هو من استشف الخطر الصهيوني ودعا الى التنبه منه، ونشر الوعي المبكر لاهداف المشروع الصهيوني الذي قال عنه انه يسير بخطى دقيقة وثابتة ، واذا لم تقم في مواجهته الخطة النظامية القوية المعاكسة ، فاننا مقبلون على كوارث ، وبالفعل توالت علينا الكوارث.
فهو لم يترك مناسبة ولا منبرا الا وتحدث فيه عن فلسطين حتى غدت القضية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من مشروعه القومي ، ولا سيما انه اعتبر ان فلسطين هي الجزء الجنوبي من دولة سوريا الكبرى.
القائد انطون سعادة ركز بمواقفه على البعد القومي للقضية الفلسطينية، فاعلن ان ارادة القوميين الاجتماعيين هي انقاذ فلسطين من المطامع اليهودية ، وان انقاذ فلسطين هو امر لبناني في الصميم ، كما هو امر شامي في الصميم كما هو امر فلسطيني في الصميم، والخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على سوريا كلها ، وهو خطر على جميع هذه الكيانات ، كان يدعو دائما الى انقاذ جنوب سوريا من الخطر ، مؤكدا على مركزية القضية الفلسطينية ، والقضية القومية في الصراع ضد الاستعمار الصهيوني.
أدرك الزعيم سعادة منذ البداية ان الاستعمار الامبريالي كان يبغي من وراء قيام الكيان الصهيوني غرز خنجر في خاصرة الشرق العربي للحؤول دون قيام اي شكل من اشكال الوحدة العربية تؤدي في النهاية الى نشوء نهضة عربية شاملة تنقل المنطقة من السيطرة الاستعمارية الى الحرية والاستقلال الحقيقي.
لذلك اليوم نرى ما تحدث فيه الزعيم سعادة حيث ارادت القوى الاستعمارية العمل على استعادة معاهدة سايكس – بيكو بهدف تقسيم دول المنطقة الى كيانات سياسية، ولكن ها هي خريطة سايكس – بيكو تتمزق من جديد، ولكن ليس في اتجاه وحدة الامة كما هو مفترض ومنطقي ومنسجم مع حركة التاريخ، بل تتمزق في الاتجاه السلبي المعاكس الاكثر تشظياً وتفتيتاً.
امام كل ما يجري نؤكد على اهمية اخذ مواقف سعادة ، ونحن نقدر عاليا دور الحزب السوري القومي الاجتماعي في تطوير علاقته مع مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية، ونقدر عالياً توجهات الحزب من أجل توطيد الوحدة الوطنية الفلسطينية، وحيث أن الحزب يشكل امتدادا طبيعيا لتاريخ الامة والعالم العربي، ويسترشد بالفكر القومي والتراث وقيم الحرية، مستلهما في ممارساته النضالية والعملية الثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني، مثبتاً دوره على الساحة الفلسطينية من خلال مواقفه السياسية والاجتماعية المتميزة، والتي يعبر عنها الحزب السوري القومي الاجتماعي .
إن الأحداث الدائرة بالمنطقة فرضت أوضاع جديدة وخطيرة، وأبعدت الأنظار عن مركز الصراع العربي الصهيوني، حيث استطاعت الأحداث الخطيرة أن تخرج فلسطين من دائرة الاهتمام الدولي والعربي، سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي، وشكلت فرصة ذهبية وغير مسبوقة للكيان الصهيوني وقيادته، لتوظيفها بما يخدم الكيان الصهيوني.
وفي ظل هذه الظروف نقول ان التمسك بمبادئ سعادة وكل الشهداء العظام تستدعي الاستمرار في المسيرة الطويلة من الكفاح والنضال والمقاومة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني الى عدوان متواصل و إلى محن وابتلاءات ومؤامرات وحصار وتجويع وحروب، وتدمير للبيوت وقتل للشباب وللنساء والشيوخ والأطفال، من قبل الاحتلال الصهيوني ، وهذا الاجرام الصهيوني لن يثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة نضاله ، بل يزيده قوة وإصرارا على مواصلة الطريق، مما يتطلب من كافة الفصائل والقوى الفلسطينية انهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية باعتبارها السبيل الوحيد والأمثل للوصول الى تحرير الارض والانسان.
ختاما نقول ان حزبا متمسكا بنهج سعادة سيبقى حزبا مقاوما ، فكيف لا وهو جزء من المقاومة العربية وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية قاوم وقاتل وما زال مستمر في نضاله بمواجهة الإرهاب والعدو الصهيوني، وفي مواجهة مخططات التقسيم والتفتيت والبنى الطائفية والمذهبية والعرقية، ينطلق من قاعدة صلبة ثابتة وراسخة، مما يستدعي من كافة الاحزاب والقوى العربية إعادة الاعتبار للمفاهيم والمصطلحات والقواعد التي تؤكد أن الكيان الصهيوني، عدو يحتل أرضنا ويغتصب حقنا، ويعمل على تصفية القضية الفلسطينية بواسطة الإرهاب والاستيطان والتهويد والقتل والتهجير، وهذا يتطلب مقاومة ونضالا مستمر في دعم صمود الشعب الفلسطيني وأن تبقى فلسطين هي البوصلة، وأن من ينأى من العرب عن فلسطين، يثبت تخلفه.