الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

بدون مؤاخذة- الصلاة بالعبرية الفصحى

نشر بتاريخ: 17/07/2017 ( آخر تحديث: 17/07/2017 الساعة: 12:11 )

الكاتب: جميل السلحوت

عندما يؤدّي المقدسيّون صلواتهم في شواع القدس على مداخل المسجد الأقصى، رافضين الدّخول إلى المسجد العظيم عبر بوّابات الاحتلال الألكترونيّة للتّفتيش، فإنّهم يدركون تماما ما يخطّط لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشّريفين، من مصائب ستبكي السّماء لهولها. في حين أنّ العالم العربيّ والاسلاميّ يتوضّأ بدماء السّوريّين، العراقيّين، اليمنيّين، الليبيّين، وحتى المصريّين وغيرهم، ويصلّي بعض القادة العرب بالعبريّة الفصحى، متّخذين البيت الأبيض قبلة لهم. ولولا ذلك لما تجرّأت دولة الاحتلال على انتهاك حرمات أحد المساجد الثّلاث التي تشدّ إليها الرّحال.
فالحكومة الاسرائيليّة تعرف تماما أنّ المسجد الأقصى جزء من عقيدة المسلمين، وأنّه صنو الكعبة المشرّفة والمسجد النّبويّ، لكنّها تعرف تماما أيضا أنّ كنوزها الاستراتيجيّة في العالم العربيّ، لا يهمّهم سوى البقاء على كراسي حكم ما عادت الرّشاوي الماليّة كافية لبقائها. ويلاحظ أن لا أحد من الدّول العربيّة حرّك ساكنا بخصوص ما يجري في المسجد الأقصى منذ الجمعة الماضي غير الأردنّ الذي يبذل جهوده مشكورا لحماية المسجد ، ممّا يعني أنّ الأمر لا يعنيهم، ووصلوا درجة عدم اشهار أسلحتهم الفتّاكة المتمثلة بالشّجب والاستنكار. وهذا الصّمت العربيّ يعطي الضّوء الأخضر لحكومة نتنياهو لمواصلة اجراءاتها التّهويديّة في القدس وفي مسجدها العظيم، دون أن تجد من يعرقل اجراءاتها الجنونيّة التي ستدخل المنطقة في حروب دينيّة، لن ينجو من لهيب نيرانها أيّ من دول وشعوب المنطقة، والتي قد تتخطى الحدود الاقليميّة بكثير. فلم يسبق في التّاريخ أن تعرّض المصلّون إلى التفتيش عند دخولهم إلى دور عبادتهم للصّلاة، وهذا ابتكار اسرائيليّ سيسجّله التّاريخ كسابقة لن يتمّ العمل بها أو السّكوت عليها في أيّ بقعة أخرى من الكرة الأرضيّة. وما ادخال عمّال النّظافة في بلديّة القدس يوم السّبت الماضي إلى باحات المسجد الأقصى إلا تأكيد على تصريحات أطلقها وزراء اسرائيليّون من أنّ باحات وساحات الأقصى مجرّد "حدائق عامّة"، أي أنّها ليست جزءا من المسجد. ولم يعد ذلك اليوم الذي سيجري فيه تقسيم المسجد الأقصى وبناء الهيكل اليهودي فيه ببعيد، وفي أبعد الاحتمالات في العام 2020 كما يتمّ الحديث بذلك. وحكومة نتنياهو التي لم تتوقّف يوما في تهويد القدس، ومواصلة التّوسّع الاستيطاني في بقيّة أرجاء الضّفّة الغربيّة لفرض حقائق على الأرض لمنع إقامة الدّولة الفلسطينيّة، تعرف جيّدا كيف تدير الصّراع، وكيف تكسب الرّأي العامّ العالميّ، تدرك جيّدا أنّ كنوزها الاستراتيجيّة في العالم العربيّ ليس لهم ما يقلقهم سوى الحفاظ على بقائهم في الحكم، بغضّ النّظر عن الثّمن الذي سيدفعونه من أوطانهم ودماء شعوبهم.
والسّياسة الاسرائيليّة بخصوص تهويد القدس، والعمل على التّقسيم المكانيّ للمسجد الأقصى بعد تهويده زمانيّا معلنة وعلى رؤوس الأشهاد، فهل تنشط الدّبلوماسيّة الفلسطينيّة مع دول عربيّة وصديقة لدعوة مجلس الأمن الدّوليّ، لتوفير الحماية الدّوليّة للشعب الفلسطينيّ وأراضي دولته العتيدة وفي مقدّمتها القدس والمسجد الأقصى؟ وأين جامعة الدّول العربيّة؟ وأين دول المؤتمر الاسلاميّ؟ وأين مشايخ فتاوي فوائد شرب بول البعير، وفقه الضراط وجهاد النّكاح؟