الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس ما بين القيادة والعناصر

نشر بتاريخ: 15/08/2017 ( آخر تحديث: 15/08/2017 الساعة: 21:41 )

الكاتب: أ.انس صلاحات

حماس ما بين القيادة والعناصر..التزام ام خضوع ام انفصام يتبعه انفجار داخلي مرتقب؟؟

خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الثورات العربية، وحركة حماس قد اتخذت ولا تزال قرارات مفاجئة ومعاكسة لفكرها ونهجها وتعبئتها المعلنة، وخاصة لدى عناصرها وأنصارها بتحالفاتها الإقليمية. هذه القرارات بها تغيرات كبيرة وغريبة و في بعض الأحيان غير مفهومة. كل هذه التغيرات تعامل معها عناصر وأنصار حركة حماس دون أي ضجة داخلية تُذكر، ودون أي اعتراض منهم مسموع، رغم أن قادة حماس في بعض الأحيان تنقلوا من مربع الى مربع آخر خلال أشهر قليلة فقط، دون حدوث متغيرات حقيقية لدى من تدخل في تحالف معهم او تخرج من تحالفها منهم. نذكر في هذه المقالة بعض الأمثلة المهمة بحالة التغير في محيطنا الإقليمي وبشكل مختصر، ونعرض عليكم حالة التجاوب أو الانفصام أو الكبت الداخلي لدى أنصار وقواعد حماس مع بعض هذه التغيرات والمتغيرات، وأهمها الثورة المصرية والسورية، وفيما يخص الموقف من إيران وحزب الله، وآخرها فلسطينياً مع النائب محمد دحلان :

الثورة المصرية وحركة حماس : نلاحظ تعامل حماس إبان الثورة في جمهورية مصر العربية التي أدت الى انتخابات عامة توجت محمد مرسي المنتمي للإخوان المسلمين رئيساً لمصر، هذا النصر لمرسي ولجماعة الإخوان المسلمين أخذ تأييداً كبيراً لدى قادة حماس وعناصرها ومؤيديها والمحسوبين فعلاً كجزء من تنظيم الإخوان. حصلت الثورة المعاكسة والتي توجت الرئيس السيسي بانتخابات لاحقة رئيساً لمصر، لكن جماعة الإخوان قالوا ما حصل هو انقلاباً، وحركة حماس كجزء من الإخوان أيضاً تعاملت مع الأمرعلى انه انقلاب، ونظمت العروض العسكرية في غزة، ورفعوا بها صور الرئيس المسجون محمد مرسي، وأطلقوا العنان لدى فضائياتهم للتهجم والتحريض على النظام المصري الجديد مما أدى الى توتر العلاقات مع الدولة المصرية الذي أثر بالتأكيد على مجرى الحياة لكل مواطن فلسطيني يعيش في قطاع غزة. هنا رأينا كافة قواعد حماس تخوّن وتلعن وتكفّر النظام المصري الجديد. وحسب تقارير مخابراتية مصرية أن بعض عناصر حماس والقسام اتهموا بالتحريض والتمويل والتنفيذ لبعض العمليات الأمنية داخل الأراضي المصرية. ونرى اليوم أن هناك مسعى لدى حركة حماس في التعامل مع الدولة المصرية بقيادة السيسي وحصل تقارب وتعاون كبير بينهما، وهنا نرى حالة التجاوب غير المعترض عليها وغير المفهومة لدى عناصر حماس الذين كانوا قبل فترة زمنية قصيرة بل وقبل لحظات من إعلان التفاهمات المصرية مع حماس يقومون بتكفير وتخوين النظام المصري في كافة وسائل التواصل والإعلام المكتوب والمرئي، وقد أصبحوا يشيدوا بدور مصر والتعويل عليه وبضرورة نسج علاقات متينة مع الدولة المصرية؛

هذه الدولة التي اتهمتها حماس بالانقلاب، وأنها غير شرعية، والتي زجت غالبية قادة الإخوان في سجونها، والتي تعتبر حماس جزءا من هذا التنظيم !

لم يحصل تغيّر في مواقف الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي ، بل التغيّر قد حصل لدى حماس في تغيّر موقفها المعلن.

سوريا وإيران وحزب الله : قبل أحداث ما يُسمى بالثورة في سوريا كانت إقامة قادة حماس في دمشق التي استقبلتهم بعد أن أُغلقت اغلب العواصم العربية أبوابها في وجوههم، وأصبحت دمشق هي الثقل السياسي والمالي لدى حركة حماس، بل وكانت حسب اتهام الاحتلال الإسرائيلي لها بانها تمول و تقوم بتسيهل تمويل إيران وحزب الله ماليا وعسكريا لدى كتائب القسام في قطاع غزة. كانت سوريا في محور ما يسمى المقاومة والممانعة، والتي كانت إيران، وما زالت على رأس هذا المحور ومعها حزب الله كأحد أهم مكوناته. كان عناصر حماس ومناصروها، وعبر كافة وسائل التواصل المكتوبة والمسموعة وعبر إعلام حماس لا تكف عن التمجيد والتهليل والترحيب والثثناء لقادة سوريا وإيران وحزب الله ، لكن بعد أن بدأت الأحداث في سوريا، واتخذت حماس موقف الحياد ،حسب ما أعلنت في حينه، مما أدى الى استياء سوريا وإيران وحزب الله من هذا الموقف؛ حيث كانوا يُعوّلون على موقف مساند من حركة حماس -على الأقل- كنوع من رد الجميل. خرج قادة حماس من سوريا، وتم مهاجمتهم من الإعلام السوري، وتم اعتبارهم خونة، وحين اشتدت المعارك في سوريا، رأينا وسمعنا موقف عناصر حماس وإعلامهم بالتحول من لغة الثناء على سوريا وإيران وحزب الله الى لغة التكفير والتخوين لهم، بل الى لغة أكثر من ذلك كوصفهم للرئيس السوري بالقاتل والمجرم والسفاح، ووصفهم لإيران بمرتكبة الجرائم بحق أهل السنة والمواطنين السورين، ووصفهم للسيد حسن نصرالله وحزبه بما أسموه حزب اللَّات وحسن نصراللات وغيره من الاوصاف التخوينية. هذا التحول بُدأ بالرجوع عنه مؤخرا؛ حيث تسرب بعد زيارة وفد حماس بقيادة العاروري لطهران، ومباركتهم للرئيس روحاني توليه الرئاسة من جديد، أن علاقة حماس عادت جيدة مع إيران، وهذا التحسن سبقه ايضا تحسن بالعلاقة مع حزب الله، حيث أقام العاروري عضو المكتب السياسي للحركة وبعض قادة الحركة في معقل حزب الله جنوب بيروت ولبنان. وهنا بدأنا نسمع عن بعض مواقف الثناء من قبل عناصر حماس وإعلامها لحزب الله الذي كان يسمى بحزب اللَّات، وكذلك عاد الثناء من جديد لإيران ودعمها لحماس وللقسام، وربما في المنظور المستقبلي ستعود العلاقات مع سوريا ورئيسها بشار الأسد، وستتغير لغة التخوين من قبل عناصر حماس وإعلامها الى لغة الثناء والمديح !! هنا نلاحظ أنه لم يحدث أي تغيّر في المواقف لدى إيران وحزب الله، بل بقيا على موقفهما كما كان قبل الثورة السورية وما بعدها الى الآن، التغيّر حصل لدى حماس فقط .

التحول في المواقف يحدث بلمحة بصر، ودون أي ضجيج أو اعتراض داخلي مسموع !.

النائب محمد دحلان : قبل الانقلاب أو الانقسام في غزة أو ما يُسمى بالحسم لدى عناصر وقيادات حماس، عملت حماس على تمهيد أرضية خصبة لاستيلائها على الحكم في القطاع، وكانت هجماتهم على حركة فتح والسلطة الفلسطينية متوالية ومكثفة. و قد كان احد أسبابهم لذلك، كما قالوا في حينه، النائب محمد دحلان، وقد اتهموه بشكل مباشر، وحصل ما حصل؛ من إراقة دماء، وقتل، وتعذيب، وسجن من يخالفهم الرأي أو الانتماء، وخاصة من أبناء حركة فتح المستهدفة الأولى لديهم. وقد برروا ذلك بعدة أسباب من أهمها كما ذكرت اسم النائب محمد دحلان، واتهموه بالخيانة وبتشكيل المجموعات المسلحة لقتلهم وتعذيبهم وسجنهم. ولقدأصبح في حينه، والى وقت قصيرمن كتابة هذه المقالة اسم محمد دحلان يستخدم من قبل قيادات وعناصر من حماس، وعبر كافة الوسائل والمساجد والإعلام اسم كخائن وعميل وقاتل على حسب ادعاءاتهم. قبل أسابيع قليلة فوجئ الجميع باتفاق حمساوي مع محمد دحلان والإعلان عن خطوات لحل غالبية الأزمات في غزة سواء المتعلقة بالحصار أو على مستوى المصالحات والتي سيعملون على إجرائها بسبب حالة الانقسام، وما تركت من آثار سلبية لدى غالبية أبناء شعبنا هناك، وخاصة من فقدوا أبناءهم في هذا الصراع المقيت. هنا لاحظنا مؤخراً تغيّر في لغة الحديث عن النائب دحلان، ورأينا تحول الموقف ليس فقط بالتوقف عن مهاجمته، بل الى وجود المدافعين عنه لدى بعض قيادات وعناصر حركة حماس، ولقد خصصوا له شاشة عرض في المجلس التشريعي يلقي بها خطابه ورؤيته أمام قادة حماس، وعلى الهواء مباشرة عبر إعلام حماس الذي كان من أكثر المهاجمين له سابقاً، وتحول اسم النائب محمد دحلان لدى قادة وعناصر حماس من العميل والقاتل والخائن الى الأخ المناضل والنائب .

في هذه المقالة، التي شرحت بها بعض المتغيّرات المهمة والمعروفة لدى الكثيرين، يظهر لنا حجم ونوع التغير الهائل جدا في التحالفات لدى حركة حماس، وبالتأكيد فان حركة حماس قد قامت بذلك حسب رؤيتها ومصالحها في المنطقة، وخاصة بالنسبة لمن يقيم منهم في الخارج، ومن ينتظر منهم التمويل بالداخل. لكن الغريب هنا نرى كل هذا التقبل وبلا اعتراض و بشكل غير مفهوم لدى قواعد وعناصر وأنصار الحركة من حجم ونوع هذا التغيّر الحاصل. كيف لي أن أتهم اليوم دولة أو حزب أو شخص بالخيانة والعمالة وأقوم غداً بالمديح والثناء عليه/ عليها وأتحدث عكس ما تحدثت به الأمس ؟! هنا أتساءل عن عناصر وأنصار الحركة ؟

هذه الحالة غريبة وعجيبة وتقودنا لعدة تساؤلات !.

1- هل عناصر حماس تعتمد الثقة العمياء لدى قادتها لهذه الدرجة التي تجعلك تغير قناعتك وفكرك الذي كنت عليه بموقف ما، والذي كان قد ثَبت هذه القناعات السابقة هم القادة أنفسهم الذين صنعوا هذا التحول المفاجىء والجديد ؟.

2- هل عناصر حماس – فعلاً- أصبح لديهم انفصام عام بما جرى ويجري وأصبحوا لا يملكون الموقف الثابت حسب قناعاتهم ؟

3- أم أن عناصر حماس تعيش في حالة كبت تنظيمي يُفرض عليهم القرار وليس عليهم إلا الطاعة وإلا ؟.

4- أم أن هذه المتغيرات جعلت عناصر حماس تعيش في كبت تنظيمي وعدم الرضا لمثل هذه المتغيرات التي تخالف قناعتهم الوطنية والدينية خاصة، وننتظر هنا مفاجئة انفجار قريب داخل أروقة الحركة، قد يؤدي الى حالات انشقاق أو صراع داخلي أو عزوف عن الحركة ؟.