الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما بعد داعش والقاعدة!!!!

نشر بتاريخ: 21/08/2017 ( آخر تحديث: 21/08/2017 الساعة: 10:33 )

الكاتب: عوني المشني

ربما ان نهاية كابوس داعش والقاعدة قد باتت قريبة ، فالإجهاض عسكريا عليهما قد بات في متناول اليد لكن هذه ليست نهاية الحكاية ، فالأسباب الكامنة خلف تكون هذا الفكر التكفيري ما زالت كامنة ولم تزول ، وحتى اصحاب نظرية المؤامرة الذين يعتقدون ان تكوين داعش والقاعدة جاء بفعل الرغبة الامريكية بإنشاء اجسام تساهم في تفتيت المنطقة ولصناعة عدو جديد بعد تحلل الاتحاد السوفييتي ، حتى هؤلاء لا ينفوون ان هناك اسبابا جعلت الآلاف بل ربما مئات الآلاف ينخرطون بحسن نية في اغلبهم وبسوء نية في الأقلية منهم بتلك الأفكار والممارسات الاجرامية التي عكستها تلك الأفكار ، هذه الأسباب ما زالت موجودة وربما تعمقت وترسخت اكثر مع استمرار الظلم وغياب العدالة الاجتماعية من جهة ومع استمرار الهجمة الاستعمارية وبشتى الواسائل عسكرية واقتصادية وجيوسياسية على المنطقة، وبات الاستهداف لها ليس سرا ولا بشكل غير مباشر ، بات الاستهداف مفضوحًا وعلانية وبشكل مباشر واضح وجلي. هذا يعني ان كل الأسباب متوفرة لان ينشأ ما يشابه داعش والقاعدة وللتذكير قبل داعش كانت التكفير والهجرة في مصر بالتحديد وكان مثلها في الجزائر وبعض أقطار المغرب العربي، هذا يعني اننا امام نهاية لمجموعات لتولد مجموعات جديدة انطلاقا من نفس الأسباب الموضوعية التي ما زالت قائمة بل تتعمق باستمرار.
حتى الان هذا ليس جديدا فهذا التوصيف قد اقدم عليه عشرات المقكرين وبات معروفا لدوائر القرارات الإقليمية والدولية ، وليس مرفوضا لبعض اصحاب القرار ان تتوالى العملية اذا ما بقيت تحت السيطرة بمعنى ان تخلق أجساما جديدة وتعطى الضوء الأخضر لتواصل عملها حتى اذا ما أصبحت قوية وتهدد بالخروج عن السيطرة يتم القضاء عليها ، وهكذا مع كل اعادة للمشهد يتم تفتيت المنطقة اكثر واحكام النهب والسيطرة اكثر واضعاف قوة المنطقة اكثر ، فمصر لم تعد مصر بدورها التاريخي حتى بعد أسقاط حكم الاخوان المسلمين وسوريا أضحت خرابا وفقدت قوتها حتى لو هزمت داعش كاملا ، والعراق بات الشرخ المذهبي هو الاخطر على قوته ووحدته وان حررت الموصل واليمن هكذا ، وإعادة المشهد بعد بضعة سنوات في أمكنة اخرى وبطرق اخرى يشكل استمرارا لهذا التدمير وتلك السيطرة وهكذا ، اذن المطلوب هو اكثر من الانتصار العسكري المطلوب معالجة يقظة وواعية للاسباب.
الأسباب كثيرة ومتعددة وتحتاج الى علاج متعدد الطرائق، منها ما هو أساسي وما هو ثانوي، ما هو عاجل وما يحتاج الى علاج طويل الأجل ، بمعنى لا حسم عسكري لعلاج الظاهرة ، وها نحن نرى ان هزيمة داعش في العراق وسوريا جعلت من العمليات الإرهابية في أوروبا من دهس وتفجير وإطلاق نار على المدنيين وتفجيرات ، جعلت أوروبا جميعها مسرحا لعملياتها، لان الأسباب لا زالت قائمة، ولان حالة اليأس والاحباط في نفوس الجماهير في العالم الاسلامي تتعمق باستمرار ، فالعمل اليائس يشكل خطورة في اكثر الأحيان اكثر من العمل الهادف.
اننا في العالم العربي في مرحلة تحول خطيرة ، واذا ما أقفلت أبواب العدالة السياسية والعدالة الاجتماعية فان التحولات ستكون منطلقة من اليأس والاحباط وحينها فان الاستسلام للواقع هو ابعد الحلول الممكنة ، ومن يستسلم للذل والقهر والفقر وتدنيس المقدسات وإهانة الكرامة ؟؟!!!!!
لطي صفحة الاٍرهاب الأيدلوجي في منطقتنا يفترض البدء فورا بتحقيقه نمو مبني على عدالة اجتماعية ، وكف يد الغرب الاستعماري عن المنطقة ، هذه عملية طويلة ولكنها ممكنة وهذا يجفف منابع الاٍرهاب ويحد من توسعه وانتشاره ، ان الانسان في الشرق لا يهزم وان بدا عليه الاستكانة ، سيتحول الى قنبلة متفجرة اذا ما زادت الضغوط عليه ، ويوجد دوما تفسيرات دينية وتبريرات مجتمعية لذلك .
ان حل القضية الفلسطينية هو المدخل الحقيقي لكف يد الاستعمار ، لتعيد أوروبا موقفها من هذا الموضوع ولتنتقل أمريكيا من موقع الداعم لاضطهاد الفلسطينيين وسلب حقوقهم الى موقع المحايد على اقل تقدير ليكون بمقدور الواقع ان يسحب مبررات الاٍرهاب من عقول الشباب الذي يشعر بإهانة كرامته وتدنيس مقدساته.
ان الجهد الاسرائيلي الذي يريد ان يجند أوروبا في حربها ضد العالم العربي تحت مبرر الحرب على " الاٍرهاب " هو صب الزيت على النار وإضافة أسباب اخرى لدفع الشباب نحو الارهاب، وهو عمل مجنون لا يعكس سوى نزعة عدوانية مريضة.