السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

محمّد صبيح: ثقافة الهبل وتربية الجهل

نشر بتاريخ: 22/08/2017 ( آخر تحديث: 22/08/2017 الساعة: 11:51 )
محمّد صبيح: ثقافة الهبل وتربية الجهل
جديد الكاتب المقدسي جميل السلحوت "ثقافة الهبل وتقديس الجهل" الذي صدر مؤخّرا عن مكتبة كلّ شيء الحيفاويّة، كتاب متميّز ولافت شكلا ومضمونا. فقد أطلّ الكاتب في بانورامية غير مسبوقة على جلّ مناحي الحياة الاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية، للمجتعات العربية بشكل عام وللمجتمع الفلسطيني بشكل خاص.
وكان واضحا بشكل جليّ أن السلحوت بذل جهدا كبيرا في تقديم هذه المادّة من خلال خبرته وثقافته الواسعتين، إضافة إلى تنقيبه وبحثه في أمّهات الكتب، واستخدامه عشرات المراجع؛ لتعزيز نصّه وطرحه الجريء لعشرات الظواهر الاجتماعية المتكلسة، والتى يتعامل معها البعض وكأنها مقدّسة لا يجوز الخوض فيها، مع تأكيده أن لا مقدّس في ثقافتنا غير القرآن الكريم والسّنّة النبويّة الشّريفة، ونجح السلحوت بأسلوبه السهل الممتنع في طرح تلك القضايا الموجودة أصلا في ثنايا حياتنا الاجتماعية والسياسية، وغيرها من مناحي الحياة، واقترب منها ولامسها وتعمق في جوهرها، وفنّدها وعلّل سببها ومسبباتها بالدّليل القاطع والبرهان السّاطع.
ولعل الكاتب كان يهدف إلى اطلاق صيحة غضب وتحذير لكلّ من يهمه الأمر، بأنّه قد آن الأوان للبدء في اعادة تفكيرنا بأمور تسيطر على حياتنا، وهي بالأساس أمور خاطئة ومعيبة وسبب رئيس في تخلفنا وهزائمنا.
الحامل والمحمول
عادة ما يسأل الناس التى تصطدم بحالات الهبل المجتمعي هو أين يسكن الهبل؟ ويكون الجواب: يسكن في رؤوس البشر. وهذه إجابة تخفّف من وطأة الخيبات.
الحامل للهبل هو انسان، والمحمول وأقصد الهبل هو غالبا ما يكون مكتسبا من المحيط كنتاج لتراكمات ومفاهيم وعادات موروثة أبا عن جدّ.
وهنا لم يغفل الكاتب هذا الجانب ولم يكتفِ بذكره فقط، بل طالب بشكل واضح إلى التسريع في التخلص من هذا الموروث كيفما اتفق.
عنزة ولو طارت؟
ويقدّم السلحوت في كتابه هذا عشرات الأمثلة على تصرّفات خاطئة وسائدة ويبيّن عدم جدواها وتفنيدها، إلا أن جمهور هذه الثقافة لا يرعوون، ويصرّون أن هذا جزء من عقيدتهم .
عودة على بدء.
مرّة أخرى نحن أمام كاتب مثقّف وجريء، طرح في كتابه هذا الكثير من "ثقافة الهبل" السّائدة في مجتمعاتنا العربيّة، وعالجها بمنطق ودراية، ليبيّن بطلانها ونتائجها الكارثيّة، وهو بهذا يعلّق الجرس في ساحات الوطن الكبير والوطن الصغير. فهل يقوم أولو الأمر منا بقرعه والبدء في إعادة تأهيل لقناعات ومفاهيم بالية، كانت وما زالت السبب في تخلفنا وجهلنا وهزيمتنا ، وذلك من خلال المناهج الدّراسيّة ووسائل الاعلام، أم أنّنا استطيبنا المسير في صحاري التّيه؟
يبقى أن نقول بأنّ كتاب "ثقافة الهبل وتقديس الجهل" كتاب غير مسبوق، ولتحقيق الفائدة المرجوّة منه، فإنّني أقترح على مؤسساتنا الثّقافيّة تبنّي هذا الكتاب، وعقد ندوات حوله لتعمّ الفائدة.