الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المساواة والعدل بين الجنسين وتفكيك (القبيلة الغابية)

نشر بتاريخ: 22/08/2017 ( آخر تحديث: 22/08/2017 الساعة: 16:48 )

الكاتب: موفق مطر

ما معنى القوانين والدساتير والتشريعات ما لم تحقق مبدأي المساواة والعدالة بين جنسي الانسان.
فالأصل أن الانسان واحد، ولكن بصورتين، الأولى انسان مؤنث، والأخرى انسان مذكر، وقيمة هذا الانسان واحدة، لا تخضع لمعيار النوع، او اي معيار آخر كاللون والعرق، وإلا اعتبر ذلك جريمة تمييز.
لا يقبل عاقل ذكرا كان أم انثى أن يكون مُستَعبدا للآخر، او ظالما، يغتصب ولو جزء يسير من الحق الطبيعي لكل منهما، فالإنسان بجنسيه قد مُنح العقل والتفكير والجسد والقدرة والارادة، ومنح كل ما يلزم لإثبات جدارته في السيطرة على المخلوقات وتوظيفها، اما فكرة سيطرة الانسان على الآخر فإنها بكل بساطة نقض لمبدأ الخلق، وإنكار لحكمة العادل سبحانه وتعالى.
بعد ملايين السنين ما زال على الأرض بشر يعتقدون ان الاستعباد والعبودية قانونا طبيعيا، ومشروعية السيطرة على حق الآخر واغتصابه بعض حقوقه، بحجة الضرورة للحفاظ على توازن المجتمع، لكن هؤلاء في الحقيقة ضحايا مفاهيم موروثة فرضتها السلطة الذكورية، وثبتتها كجذور في الوعي الفردي والجمعي ابتداء من مجتمع القبيلة الغابية، مرورا بالصحراوية والجبلية، وحتى الحضرية التي طغى عليها الشكل العصري فيما بقي المضمون في معظم دوائره شبيها جدا بسلطة ذكور القبيلة بذريعة، ان الذكور يتحملون وزر ومسؤولية الحرب والانفاق وتأمين استمرار السلالة، وكأن الانثى ليست اكثر من وعاء للانجاب، فيشرعن الذي بيده السلاح والسلطان ما يسميها ظلما حقوق فيمنح نفسه مزايا كثيره، فيما يَمُّن عليها بما قلّ.
لا يقبل مؤمن بالحرية والحقوق الانسانية والمساواة والعدالة، شد انماط المجتمع وربطها في نماذج تقليدية سادت عبر القرون الماضية، ذلك أن الأمثلة الحية المعاصرة كفيلة بتكذيب كل المقولات التي يرتكز عليها اصحاب (القراءات المسيسة) لمعاني المساواة والعدالة، والتي نراها مقطوعة ابدا بالمنطق الانساني والواقع الفعلي الذي تجسده مجتمعات انسانية باتت اقرب إلينا من باقي دوائر مجتمعاتنا بحكم تكنولوجيا التواصل والاتصال حتى بتنا نعيش تفاصيل تلك المجتمعات الانسانية الراقية، لنكتشف حجم الأوهام التي كان يسوقها اصحاب الرغبات الذكورية لضمان سيطرتهم حتى حق الانسان الآخر في الحياة، فكيف اذا تحدثنا عن حقه في الميراث والعمل والتعلم، والزواج بمن تشاء وتراه مناسبا لتكوين اسرتها السعيدة، بعد ان عمل هؤلاء على اعدام فكرة الخيار عند الانسان الانثى الى درجة انها باتت تتقبل موت عقلها وفكرها وجسدها وعواطفها وابداعاتها ببطء. عبر جماعاتهم المنظمة وكتبهم التي احاطوها بهالة من القداسة، رغم انها ليست اكثر من انعكاس لمفاهيم (القبيلة الغابية).
قلت لابنتي الشابة: "لا أدري حتى الآن خياراتك في الحب والزواج ولكني اتمنى فعلا أن يحدث في ظل قانون يحمي ويصون ويضمن حقوقك كإنسان حتى لو جار عليك المجتمع وأدعياء التدين".
المساواة والعدل في الحياة.. فقد خلق الانسان بجنسيه ليحيا كريما حرا، وخلق الانسان من نفس واحدة، والمساواة والعدل في الواجبات والجزاء، المساواة والعدل في التعقل والعمل والايمان (المؤمنون والمؤمنات، الصالحون والصالحات، الصادقون والصادقات)، وأكثر ما نحتاجه تفكيك طلاسم (القبيلة الغابية) وسطوتها وسلطتها الذكورية الرغبوية.