الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس ..عباس ...من تراجع ومن نجح..!!

نشر بتاريخ: 17/09/2017 ( آخر تحديث: 17/09/2017 الساعة: 16:48 )

الكاتب: عماد عفانه

قد يحلو لمناصري حركة حماس القول إن حماس بوفدها الرفيع نجحت في حشر عباس في الزاوية، وألقت بإعلانها حلّ اللجنة الإدارية التي شكّلتها لإدارة شؤون قطاع غزة بالكرة مرة أخرى في ملعب عباس، لاختبار نواياه تجاه مصالحة حقيقية تنهي الحصار والعقوبات المفروضة على غزة، والذهاب إلى انتخابات شاملة متزامنة.
في ذات الوقت لا نستطيع منع مناصري حركة فتح من القول إن عباس هو الذي نجح عبر العقوبات القاسية التي فرضها على غزة في إجبار حركة حماس على التراجع خطوة إلى الوراء وإلزامها بحل اللجنة الإدارية وبجرها إلى مربع المصالحة الفلسطينية، والذهاب نحو حكومة وحدة وطنية.
من جانب شعبنا فلسان حاله يقول كلاكيت خامس مرة، فمشهد المصالحة الفلسطينية مكرر من مكة إلى القاهرة إلى قطر إلى الشاطئ ثم إلى القاهرة مرة أخرى، فالشعب يفرح لأي اتفاق يعيد اللحمة إلى الصف الفلسطيني، لكنه جد قلق على جدية ومصداقية التطبيق، عملا بالمثل الشعبي القائل "الملدوغ من الثعبان يخاف من جر الحبل".
عودة حماس للمراهنة بقوة على المصالحة مع عباس وفريقه لإنهاء حصار غزة يعني بالضرورة فشل رهانها على دحلان وتياره في انهاء حصار غزة، ودفع عباس للمصالحة خوفا من أن يأخذ دحلان وتياره دوره في قيادة حركة فتح.
فدحلان وتياره رغم قربه الكبير من النظام المصري إلا أنه لم ينجح في فتح معبر رفح بصورة اعتيادية للمسافرين والبضائع بعد عيد الأضحى كما كان يقال.
كما لم ينجح في تزويد محطة كهرباء غزة بالطاقة، ولم نر حتى ولو بوادر لإقامة محطة كهرباء بالطاقة الشمسية في الجانب المصري من معبر رفح لتزويد غزة بها بتمويل اماراتي كما كانت يقال.
عدا عن أنّ المصالحة المجتمعية التي وعدت الإمارات، عبر دحلان، بدفع 50 مليون دولار لإنجازها ما زالت تواجه عقبات جمّة، جراء تحريض عباس وفريقه لذوي الشهداء وتهديدهم إن هم صالحوا وقبلوا الديات.
تلبية حماس للاشتراطات والطلبات المصرية لرعاية اتفاق جديد للمصالحة، ولعب دور الوسيط في صفقة تبادل جديدة للأسرى، وقبول النظام المصري بذلك عقب التعاون الأمني لحماس في حفظ الحدود وأمن سيناء، لا يعني بالضرورة أن النظام المصري بات راضيا عن حركة حماس التي ما زالت ترفع السلاح في وجه حليفه "اسرائيل"، أو أنه كف عن اعتبارها امتدادا وجناحا مسلحا لجماعة الاخوان المسلمين الذين يشن عليهم حربا بلا هوادة.
أو أنه لم يعد يعتبرها حركة إرهابية حسب تصنيف حلفائه بدءا من أمريكا مرورا بالسعودية والامارات، لكنه اتفاق المصالح وتنفيذ مخطط الاحتواء لتمييع المقاومة والامعان في إشغالها في معارك جانبية وفض الناس عن الوثوق بها، وإضعاف لخيار الذهاب إلى جولة حرب جديدة مع "اسرائيل".
وفي هذا السياق وضمن المقاربات التي مارستها حركة حماس لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة يمكن اعتبار أن دحلان وتياره حقق بعض المكاسب بإعادة تثبيته مكوّنا أساسيا في الحالة السياسية الفلسطينية عبر بوابة "حماس" وقطاع غزة، بعد أن أصبحت الخيارات أمام حماس تنحصر بالاصطفاف حول أحدهما، فاختارت حماس أخيرا ألا تخسر أيا منهما، حيث أعلنت أن اتفاقها مع عباس وفريقه لا يعني القطيعة مع دحلان وتياره.
كما أن مقاربة وثيقة حماس السياسية الجديدة بإعلانها الاستقلالية عن جماعة الاخوان المسلمين ربما ساهم في اقناع النظام المصري بفتح ذراعيه لحركة حماس في إطار الخلاف الخليجي القطري والذي تصطف فيه مصر ضد قطر، فدخلت مصر بقوة على خط الاتصالات مع حماس ربما للحد من نفوذ قطر، وإبعاد حركة حماس عن جماعة الإخوان المسلمين.
الحصار المفروض على قطاع غزة هو بالأساس حصار للمقاومة وللبندقية التي تتخذها حماس خيارا وبوصلة.
وهو حصار مفروض بقرار قوى كبرى وبأيدي عربية صهيونية.
وقرار رفع الحصار كليا عن قطاع غزة ليس بيد مصر وحدها، ولن تستطيع مصر فتح معبر رفح بشكل يومي دون موافقة "اسرائيل" التي ترتبط معها باتفاقات أمنية ملزمة ومصالح متبادلة.
أرأيتهم كيف ينجح العدو الصهيوني ومن يدور في فلكه في جعل الكل الفلسطيني يدور في حلقة مفرغة، وهي دائرة عاجزة عن التقدّم أي خطوة إلى الأمام، حتى لو أُلّفت حكومة وحدة وطنية جديدة.
أرأيتهم كيف ينجحون في تقزيم القضية الفلسطينية وحشرها في بعض المطالب الإنسانية كرفع الحصار وتوفير الكهرباء والرواتب والدواء..الخ.
فالخلاف الحقيقي بين حماس وعباس ليس على تشكيل او حل لجنة إدارية، بل على برنامج المقاومة واستراتيجية التحرير.
فأي وحدة وطنية قد تكون في ظل غياب البوصلة السياسية الموحدة..!!.
وأي وحدة وطنية بين الأضداد في ظل غياب المشروع الوطني..!!.
وهل بالمصالحة سيتخلى عباس وفريقه عن كارثة أوسلو وما جرته على قضيتنا من نكبات..!!.
أم هل يتصور أحد أن حماس قد تغير جلدها وتتخلى عن بندقيتها وتضيع بوصلتها من أجل مصالحة مع فريق عباس الذي تخلى طواعية عن 78%من الوطن..!!.
المصالحة استراتيجية في إطار التكتيك، وتحقيق الوحدة الوطنية تكتيك في الإطار الاستراتيجي، والوطن هو الهدف النهائي والقدس هي البوصلة، عدا ذلك يمكن وضعه في خانة لزوم ما لا يلزم.