الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المصالحة ما زالت تحتاج الى مصارحة

نشر بتاريخ: 19/09/2017 ( آخر تحديث: 19/09/2017 الساعة: 15:05 )

ما حدث في القاهرة من اعلان حماس عن حل اللجنة الادارية والاستجابة لبقية الشروط التي وضعها الرئيس عباس قد يكون انجاز مهم على صعيد انهاء الانقسام وبهذا يعود الفضل للدور المصري الذي اتسم وما زال بالاصرار وعدم اليأس رغم كل عوامل الاحباط الذي يواجهونها ويسعون للتغلب عليها.
قد يكون ما جرى حتى الان مجرد اتفاق آخر تنغلق امامه الافق ويداس تحت نعال التفسيرات والتأويلات والاستيضاحات والاستدراكات والاستجلاءات وغياب النوايا الصادقه لنعود مرة اخرى الى نقطة الصفر حيث يستبدل التفاؤل والقليل من الامل بمزيد من التشاؤم والاحباط.
هذا بطبيعة الحال يعتمد على امور كثيرة منها ما هو بأيدي الفلسطينيين انفسهم ويستطيعون التحكم به بارادتهم ومنها من هو خارج عن ارادتهم تتحكم به جهات منها الصديقة التي تتمنى كل الخير لشعبنا وقضيته ومنها المعادية وان كان منها ما يبدو غير ذلك.
مرة اخرى استجابة حماس لحل اللجنة الادارية ودعوة حكومة الوفاق لممارسة صلاحياتها والموافقة على اجراد الانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية هو امر جيد ويساعد في انجاز المهمه اذا ما توفرت الارادة والنوايا الصادقة لانجازها. ارادة لم تتوفر حتى الان منذ اتفاق القاهرة الاول وما تبعه من اتفاقات، والتي كان آخرها اتفاق الشاطئ والذي تمخض عنه تشكيل حكومة وفاق ومن ثم لم يطبق منه اي شيء اخر، بل زادت الامور تعقيدا.
العقدة الرئيسية التي عطلت تنفيذ الاتفاقات السابقة وادامت الانقسام كانت وما زالت التفسيرات الخاطئة والتؤيلات المختلفة ل ( ممارسة الحكومة صلاحياتها كاملة في غزة) . نعم انهاء الانقسام يعني ان تمارس الحكومة صلاحياتها كاملة في غزة وتكون مسؤولة عن كل مجالات الحياة دون اي تعطيل، وخاصة في كل ما يتعلق بالامن.
وهنا يتم الاصطدام بالواقع الذي يحاولون في كل مرة التهرب منه ووضع رأسهم في التراب لكي لا يواجهوه، وهو كيف ستمارس الحكومة صلاحياتها كامله. هل ستمارس كل الصلاحيات دفعة واحدة غير منقوصة ام ان هناك مجال لبسط السلطة بشكل تدريجي؟
وهل سيتم التعاطي مع الموظفين الذين عينتهم حماس سواء كان في المؤسسات المدنية او الامنية ام ان هؤلاء عليهم ان يعودوا الى بيوتهم بعد احد عشر عاما؟ وان عادوا الى بيوتهم، وهذا بالطبع امر اقرب الى المستحيل، هل سيتم استدعاء افراد السلطة الذين اجبروا على الجلوس في بيوتهم منذ ذلك الحين؟ وماذا عن الالاف منهم الذين تم احالتهم للتقاعد، هل سيتم اعادتهم للخدمه او على الاقل اعادة جزء منهم ؟
واذا ما قررت الحكومة الاستعانه بموظفي حماس واجرت عملية دمج ، هل حينها سيتم التعامل معهم بشكل رسمي واعتمادهم في ديوان الموظفين، وهل سيكون الامر بشكل انتقائي وفقا للوثيقة السويسرية حيث جزء سيتم استيعابه وجزء اخر سيتم احالته على التقاعد وجزء ثالث سيتم التعامل معه كمشروع بطاله؟
والاهم من كل ذلك، من الذي سيقرر اذا كانت الحكومة فعلا تمارس صلاحياتها كامله تماما كما تمارسها في الضفة. هل هناك معايير محددة ممكن القياس عليها ام هذا سيعتمد على حسن النوايا؟ وفي اي مرحلة من المراحل سيلغي الرئيس عباس كافة الاجراءات التي اتخذها والمتعلقة بغزة والتي قيل انها اتخذت لاجبار حماس على حل اللجنة الادارية وتمكين حكومة الوفاق من ممارسة صلاحياتها كاملة.
أليس هناك قليلا من الاستخفاف بالعقول وتزوير للواقع الذي يعايشه الجميع عندما يكون الحديث عن سلطة ذات سيادة تمارس صلاحياتها في الضفة ومحرومة من ممارستها في غزة ؟
هل حقا هناك في الضفة حكومة الدكتور رامي الحمد الله تمارس صلاحياتها كاملة غير منقوصة ؟ هل لها سلطة على اي معبر من معابر الضفة ام ان الاحتلال الاسرائيلي هو صاحب السلطة؟ وهل لهذه الحكومة سلطة كاملة على مناطق السلطة التي من المفترض انها مسؤولة عنها ،وخاصة مناطق (سي) التي تشكل ما يزيد عن ٦٠٪ من مساحة الضفة؟
وهل حقا هناك سلاح واحد وسلطة واحدة في الضفة ؟ وماذا عن الجيش الاسرائيلي الذي يصول ويجول في كل انحاء المدن والمخيمات والقرى ويعتقل من يشاء من ابناء الشعب الفلسطيني، هل هذا سلاح شرعي؟ كيف اذن ينجح سلاح السلطة الشرعي التعايش او التأقلم مع سلاح الاحتلال؟
حسنا، وماذا عن سلاح المستوطنين وعربدتهم هناك ؟ الا ينتقص هذا من السيادة الفلسطينية هناك ويقوض من عمل الحكومة؟
والاهم من ذلك هل هناك انسان فلسطيني يملك حريته في مناطق الضفة الغربية بدءا من الرئيس عباس مرورا برئيس وزرائه حتى اخر مواطن فلسطيني، اليس جميعهم يحتاجون الى اذن من الادارة المدنية هناك التي لها مكاتب في كل محافظة من محافظات الضفة الغربية. اذن عن اي سيادة تتحدثون ايها السادة؟
خلاصة القول ودون لف او دوران، اذا سمعتم ان هناك حلول وقبل بها جميع الاطراف تتعلق بالموظفين في غزة فأبشروا خيرا وسوف يكون هناك فرصة لان يسير قطار المصالحة الى الامام. واذا سمعتم ان الحديث يتمحور حول عدم تمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها كاملة فأعلموا ان الامور عادت الى المربع الاول وحرب الكلام وتوجيه الاتهامات ستعود من جديد.
هذا ليس تهميش او تسخيف للقضايا او العقبات الاخرى لكن الاختبار الحقيقي يبدأ من هنا، من قضية الموظفين التي هي البوابة وهي الاداة التي ستساعد الحكومة في ممارسة صلاحياتها.

[email protected]