الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

دوافع وأسباب رفع الفيتو عن المصالحة

نشر بتاريخ: 20/09/2017 ( آخر تحديث: 20/09/2017 الساعة: 13:13 )

الكاتب: د.حسام الدجني

أهم وأخطر خبر توقفت عنده خلال الأيام القليلة الماضية هو تصريح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس د. موسى أبو مرزوق لصحيفة القدس الفلسطينية في عددها الصادر يوم 17/9/2017م، وملخص نص التصريح: "أن مسئولين غربيين أكدوا لحركة حماس أن الإدارة الأمريكية وإسرائيل رفعت الفيتو عن المصالحة الفلسطينية، وهو ما أكدته أيضاً تقارير صحفية أمريكية، وهذا يعطي مساحة وفرصة للرئيس عباس للتقدم في هذا الملف دون تردد أو خوف من قطع المساعدات الأمريكية أو فرض عقوبات على السلطة".
حماس في السابق كانت تتهم الإدارة الأمريكية وإسرائيل بوضع فيتو على المصالحة الفلسطينية فقد جاء على لسان موسى أبو مرزوق لصحيفة العربي الجديد بتاريخ 16/11/2016م بأن فيتو أميركي-إسرائيلي يعطل المصالحة الفلسطينية.
وحتى لا أقع في شرك التصريحات من طرف واحد توجهت بالسؤال لأحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح حول صحة كلام موسى أبو مرزوق فأكد لي صحتها.
يبقى السؤال الأهم: ما هي دوافع وأسباب رفع الفيتو عن المصالحة...؟
ما الجديد يا ترى، ما الذي تغير في السياسة الأمريكية والصهيونية كي ترفع الفيتو عن انقسام لطالما رأت فيه إسرائيل بأنه يحقق مصالحها....؟ ، أسئلة نطرح إجاباتها ليس على قاعدة بث أجواء تشاؤمية وسط الأمواج الشعبية المتفائلة في إنهاء هذا الانقسام الأسود من تاريخ شعبنا.
ثلاثة سيناريوهات محتملة وراء رفع الفيتو الأمريكي والإسرائيلي عن المصالحة الفلسطينية هي:
1. تمرير صفقة سياسية، قطاع غزة جزء أصيل منها، وملامح هذه الصفقة أي كانت تسميتها (صفقة القرن – الحل الإقليمي – السلام الاقتصادي)، هو تمكين الاحتلال الصهيوني من السيطرة على (مناطق C) في الضفة الغربية، وبذلك ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل، والإبقاء على مناطق أشبه بكنتونات حكم ذاتي أو روابط قرى، وهذه المناطق ترتبط بكونفدرالية بالأردن، أما قطاع غزة الذي سيتعاطى معه المجتمع الدولي على قاعدة السلام الاقتصادي بعد هذا الحصار المشدد، وصولاً لكونفدرالية مع مصر. وقد يكون مطروحاً ملف توسعة قطاع غزة يميناً أو شمالاً لترسيخ كيانية فلسطينية في قطاع غزة قابلة للحياة.
ما سبق هي أحاديث وتسريبات إعلامية، وجزء منها صادر عن شخصيات رفيعة مثل طوني بلير، والوزير الليكودي أيوب قرا، وآخرون... ولكن ليس كل ما يطرح دقيق، أو ممكن تطبيقه.
2. تبريد جبهة قطاع غزة للتفرغ لتوجيه ضربة إما لحزب الله وترسانته العسكرية في الجنوب اللبناني أو للتغيرات الجيوسياسية في سوريا والنفوذ المتزايد لإيران وحزب الله في منطقة الحدود السورية الإسرائيلية، ونجاح إيران في فتح منفذ بحري لها على المتوسط بعد السيطرة على الموصل في العراق.
3. إدراك كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية أن كسر حركة حماس عبر القوة الخشنة فشلت، وحان الآن موعد الاحتواء.
ونختم المقال بالإجابة على التساؤل التالي: بما أن رفع الفيتو الأمريكي الصهيوني عن المصالحة هو تهديد استراتيجي للقضية الفلسطينية بينما المصالحة هي أولى خطوات مواجهة هذا التهديد، كيف من الممكن تحويل التهديد إلى فرصة...؟ الإجابة على السؤال من خلال تبني خطوات متعددة لعل أهمها:
• لابد من أن تجتمع العقول الفلسطينية بكل أماكن تواجدها للتفكير والتفاكر فيما سبق، ووضع الرؤى والاستراتيجيات للتعاطي معه وفق قواعد المصلحة الوطنية.
• تجاوز القضايا الصغيرة بما يخدم التحديات الكبرى التي تواجه مشروعنا الوطني التحرري.
• لابد أن يدرك المواطن الفلسطيني مخاطر المرحلة فتعزيز الثقافة الوطنية مسألة بالغة الأهمية في تحصين جبهتنا الداخلية.
• توقيع ميثاق شرف من الجميع للتأكيد على حرمة الدم الفلسطيني وعدم تكرار مآسي الماضي، والتفكير بالمستقبل.
• ضبط الخطاب الإعلامي وشرعنة قوانين متوافق عليها لمنع التوتير وإثارة النعرات والتكفير والتخوين، من أجل تعزيز ثقافة مدنية لدى الجيل لترسيخ وتعزيز مبادئ الديمقراطية والشراكة والتداول السلمي للسطلة وسيادة القانون.
• إفشال كافة نظريات المؤامرة عبر سحب صاعق التفجير من جيب الجميع ووضعه في حيازة الوطن، وهذا يتطلب رؤية لضبط العلاقة بين الأمن وفصائل المقاومة، بحيث يصبح كل طرف مكمّل للطرف الآخر وخادم له، فما أخشاه أن تتدفق شحنات السلاح للجميع، وتتحكم إسرائيل بصاعق تفجير الأوضاع لنعود إلى دائرة الصراع الداخلي من جديد.
• نعم، ما حصل بالقاهرة فرصة لتوحيد الوطن والتفكير في سبل النهوض بالمشروع الوطني، فينبغي استثمارها والعمل على تحصينها من أيدي العابثين.