السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

البديل عن المصالحة!

نشر بتاريخ: 21/09/2017 ( آخر تحديث: 21/09/2017 الساعة: 12:53 )

الكاتب: د.أحمد الشقاقي

حرك قرار حل اللجنة الإدارية بغزة ساحة الفعل السياسي الفلسطيني، ورغم الضجة الكبيرة التى صاحبت اللجنة عند تشكيلها وخلال أدائها لعملها وبعد قرار حلها، فإنها لم تكن العقبة أمام تحقيق المصالحة. ويبدو أن خروج حماس الى القاهرة يأتي في ظل مشهد داخلي للحركة بعد انتخابات أعضاء مكتبها السياسي وتقديمها لوثيقتها السياسية الجديدة.
ما جرى بعد بيان حماس بحل اللجنة يحدد معالم المشهد المقبل ويؤكد أن الرئيس عباس وفتح من جهة وحماس من جهة أخرى يتحركون بمنطق المناورة بشكل أكبر من السعي الحقيقي نحو المصالحة التي ينتظرها الشارع الفلسطيني. وقد أصاب الجمهور المتابع لحظة بلحظة لتفاصيل لقاءات القاهرة احباط أولي بعد أن تجاهل الرئيس عباس وفتح قرار حماس. ولاحظنا تلكؤ حكومة التوافق في التعامل مع الترحيب الحمساوي بحكومة الحمد الله بغزة.
فتح خرجت بعد الإعلان الحمساوي تنتظر صاحب القرار فيها أبو مازن لتحدد موقفها من التحرك الحمساوي، وظهرت وكأنها المرتبك بفعل الحل الحمساوي، غير أن هنية رفع الأجواء الدبلوماسية ليرحب بالجهد الذي يبذله عباس في الأمم المتحدة.
أما حماس فإنها اعتبرت أن حلها للجنة هو أقصى التنازلات التي يمكن تقديمها، وعادت بأعلى صفاتها القيادية الى القطاع دون الاعلان عن تفاصيل اتفاق سياسي، وإنما الإعلان عن استعداد الحركة لزيارة القاهرة مجدداً للتوصل الى اتفاق مصالحة. هذا يعني أن الفيلم المصري الذي بدأ بوصول حماس بكل مكوناتها الجغرافية الى القاهرة يأتي في سياق العلاقة الحمساوية المصرية وليست الحمساوية الفتحاوية.
خروج حماس بأعلى مستويات التمثيل لها الى القاهرة، والعودة دون اعلان مصالحة شاملة يعني أن رفع الفيتو الذي تحدث عنه أبو مرزوق له ثمن سياسي سيدفعه الفلسطيني، وبالتالي فإن التخوفات التي يبديها البعض تجاه ما يجرى في الساحات الخلفية للتفاوض السياسي منطقية ولها مبررها. بل إن بعضهم يذهب للقول إن حماس ماضية في مشروع سياسي جديد يغير الواقع السياسي الفلسطيني برمته تشترك في صياغته أطراف دولية وإقليمية ومحلية.
ان رفع سقف التوقعات تجاه اتفاق طرفي الانقسام يستدعي مؤشرات حقيقية للوصول الى هذه الاستنتاجات، لكن ما يجرى على الأرض هو غياب للرواية وسط توجسات فلسطينية، بالاضافة الى تحركات اقليمية معروفة التوجه تجاه المقاومة والتطبيع مع الاحتلال.
وأمام هذا الواقع الصعب فإن الشارع بكل مكوناته ينتظر المصالحة التي يرى فيها خلاصاً من أزماته المتلاحقة، وتجد التفاؤل يغيب رغم الأماني بعد أن أصبحت الثقة الفلسطينية بمجمل المكونات مهترئة. هذه المصالحة التي ينتظرها الفلسطيني لا تعني بحال من الأحوال القبول بأثمان سياسية واشتراطات دولية رفضتها حماس قبل غيرها من قبيل الاعتراف بدولة الاحتلال، أو غيرها من اشتراطات اللجنة الرباعية التي رفضتها الحكومة العاشرة التي شكلتها حماس والتى على إثرها فرض الحصار على قطاع غزة.
لا يمكن القبول ببديل عن المصالحة الفلسطينية الشاملة التي تحقق المصالح الوطنية والتي تأتي بالتوافق الداخلي البعيد عن المسارات التي يضعها صانع القرار في المنطقة والمنحاز للاحتلال ومصالحه بعيداً عن مشروع وطني فلسطيني حقيقي. وقد توصل المجموع الفلسطيني لعديد الاتفاقات التي تغطي تفاصيل الخلاف الداخلي، وخضنا غمار التوافق من خلال الحكومة وفشلنا، وسنواصل الفشل ان استمرت العجلة تدور بذات الدرب.
الأزمة الفلسطينية بحقيقتها هي أزمة برنامج سياسي وسبيل تجاوز هذه الهوامش هو الذهاب الى منظمة تحرير معبرة عن الخارطة السياسية الفلسطينية التي تناضل في سياق معركة التحرير، وبالتالي فإن عقد الاطار القيادي المؤقت هو الأولي من الذهاب الى انتخابات تشريعية ورئاسية تعيد الصراع على الأصوات وتشعل الخلاف على تسليم السلطات.
نحتاج الى مجلس وطني حقيقي، يقرأ الواقع بعيون الشعب المحتل المثقل بالهموم، الرافض للاشتراطات المعتز بفلسطينيته وبصموده، يعيد ثقة الشارع ويصحح المسار، ويتجاوز أخطاء الماضي ويتخلص من تكاليف التسوية التى أثبتت فشلها.