الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراقع: جرائم الاحتلال وانتهاكاته تشكل خطرا على السلم

نشر بتاريخ: 21/09/2017 ( آخر تحديث: 23/09/2017 الساعة: 10:41 )
قراقع: جرائم الاحتلال وانتهاكاته تشكل خطرا على السلم
رام الله- معا- بدعوة من الحملة الدولية للتضامن مع الاسرى وعلى هامش اجتماعات مجلس حقوق الانسان في مقر الامم المتحدة في جنيف شارك عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الاسرى ووالدة الطفل الاسير شادي فراح وبحضور السفير ابراهيم خريشة مراقب دولة فلسطين الدائم لدى الامم المتحدة في جنيف ونشطاء ومؤسسات حقوق الانسان، عقدت ندوة حول انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي لحقوق الاسرى في السجون. والتي قام بادارتها احمد ابو النصر منسق الحملة في اوروبا، وبحضور اكرم عطاالله العيسة مدير العلاقات الدولية في هيئة شؤون الاسرى.
والدة الاسير الطفل ام شادي فراح المحكوم 3 سنوات شرحت خلال الندوة عن معاناة الاطفال الاسرى ومعاناة اهاليهم مطالبة الامم المتحدة ومؤسسات حقوق الانسان التحرك والتدخل لانقاذ الطفولة الفلسطينية مما تتعرض له من تدمير بسبب حملات الاعتقال الواسعة بحق الاطفال وما يتعرضون له من تعذيب ومعاملة مهينة.
وناشدت ام الاسير شادي فراح كافة الجهات الى توفير الحماية الدولية والقانونية للاطفال الاسرى والزام حكومة اسرائيل بتطبيق المعايير والقوانين الدولية في التعامل مع المعتقلين خاصة الاطفال، واعتبرت ان مقياس العدالة الانسانية في كل مكان يرتبط بمدى توفير الحماية للاطفال وانقاذهم من المخاطر المستقبلية التي يتسبب بها وجود الاحتلال وممارساته القمعية بحق اطفال فلسطين.
ومن جانبه تطرق قراقع خلال الندوة الى جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الاسرى المعتقلين في السجون، محذرا قراقع من الخطر الذي يمثله استمرار الاحتلال الاسرائيلي منذ خمسين عاما للأراضي المحتلة على السلم والامن في العالم بعد ان اصبح هناك اجماع دولي وقانوني والتي تعززها اصوات قادة ومفكرين وقانونيين ومراقبين داخل المجتمع الاسرائيلي بأن اسرائيل اسست لنظام ابرتهايد يهيمن على الشعب الفلسطيني باجمعه وارتكاب جريمة الفصل العنصري وهي جريمة ضد الانسانية ، وقد عكس ذلك نفسه من خلال هيمنة الخطاب اليميني المتطرف في اسرائيل والتحريض على الاسرى والدعوات لقتلهم واعدامهم من قبل المستوى السياسي في اسرائيل، ووضع كل الجرائم بحق الاسرى تحت غطاء سلسلة طويلة من القوانين والتشريعات الانتقامية العنصرية والمعادية لحقوق الانسان وللديمقراطية ، حيث وصف البرلمان الاسرائيلي انه في الفترة الواقعة بين 2014 -2017 بأنه الاكثر عنصرية في تاريخ اسرائيل،إذ منذ عام 2015 طرح امام البرلمان الاسرائيلي 156 قانونا عنصريا وداعما للاحتلال والاستيطان والمعادية لحقوق الاسرى.

كما حذر قراقع من بروز سمات نظام الحكم الفاشي في اسرائيل والذي حوّل اسرائيل الى دولة دينية كولونيالية، عنصرية فاسدة اخلاقيا وقانونيا بتفشي النزعة القومية المتطرفة والاستهتار بقيمة حقوق الانسان، وبالنزعة العسكرية الطاغية وقمع الحريات مما يجعلها تشكل خطرا على الثقافة والقيم والعدالة الانسانية،ليبقى سؤال الضحايا الى متى تظل اسرائيل كسلطة محتلة تتصرف كدولة فوق القانون ودولة منفلتة من العقاب الدولي؟
وتطرق قراقع في كلمته الى اهم الانتهاكات الجسيمة بحق الاسرى والتي ترتقي في بعضها الى مستوى جرائم حرب وهي:
اولا: اعتقال الاطفال القاصرين، حيث تنتهك سلطات الاحتلال الاسرائيلي العهود والاتفاقيات الدولية لا سيما اتفاقية حقوق الطفل الدولية باستمرارها باعتقال الاطفال وتعرضهم منذ لحظة اعتقالهم للمعاملة القاسية والمهينة والحاطة بالكرامة وتعرضهم للمحاكمات الجائرة غير العادلة.
ان المعايير الدولية لقضاء الاحداث التي التزمت اسرائيل بتنفيذها من خلال التوقيع على اتفاقية الامم المتحدة لحقوق الطفل عام 1991 لم تنفذها حيث لازال الاطفال يتعرضون بشكل منهجي لمعاملة مهينة من تعذيب وتنكيل وايذاء نفسي وجسدي، وان اسرائيل تجاهلت كل المعايير الدولية في معاملة الاطفال، وأكثر من ذلك شرعت في عام 2015 قوانين تسمح باعتقال اطفال في عمر 12 عام وقوانين برفع الاحكام بحقهم لتصل الى 20 عام.
واتضح لنا من خلال شهادات مشفوعة بالقسم من قبل القاصرين المعتقلين ان نسبة 100% من الاطفال تعرضوا لأشكال مختلفة من التعذيب والتنكيل والمعاملة المهينة ، وأن 95% منهم قد ادينوا وصدرت بحقهم احكام في المحاكم العسكرية الاسرائيلية مصحوبة بغرامات مالية باهظة وهذا يعني لائحة الاتهام ضد قاصر تضمن الادانة في كل ملف تقريبا، وبالتالي لم تلتزم سلطة الاحتلال الاسرائيلي بالمعايير الدولية التي تطالب بعدم حرمان الاطفال من حريتهم الا كملاذ اخير وان مصلحة الطفل الفضلى يجب اخذها بعين الاعتبار.
لهذه السياسة الاسرائيلية أبعادٌ كثيرة وكارثية على القاصرين من ناحية نفسيّة وتربوية ومن ناحية تطوّرهم، الاعتقال والتحقيق هما إجراءان قاسيان للإنسان البالغ، فكم بالحريّ عندما يكون الحديث عن أولاد صغار، حيث يتضح أن اعتقالات القاصرين الفلسطينيين في الضفة الغربيّة والتحقيقات معهم، التي تُمارس أحيانًا بشكلٍ منافٍ للقانون أيضًا، تؤثّر بشكلٍ ملحوظ على الأولاد، حيث يظهر على بعضهم بعد الاعتقال الخوفُ الدائم من قوات الأمن والمعاناة من الكوابيس، الأرق، تراجع في تحصيلهم الدراسيّ وتغيّر إلى الأسوأ في تعاملهم مع المحيط والمجتمع.
ثالثا:
التعذيب والمعاملة المهينة يعتبر سياسة دائمة ومستمرة بحق الاسرى خلال اعتقالهم واستجوابهم على يد المحققين وانتزاع اعترافات منهم بالقوة والتهديد مما يخالف المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف الرابعة (المادة 147) واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة لعام 1984 والتي تعتبر جميع اعمال التعذيب جرائم حرب.
لقد استشهد 71 اسيرا داخل السجون جراء ممارسة التعذيب منذ عام 1967، بالإضافة الى مئات آخرين تسبب التعذيب لهم بإعاقات جسدية، ويحظى التعذيب بغطاء قانون اسرائيلي تحت حجة مكافحة الارهاب ، ويحظى المحققون بحصانة قانونية ، وقد سجل ارتفاع حاد في ممارسة التعذيب خلال التحقيقات منذ حزيران عام 2014 ، حيث تضاعفت نسبة التعذيب عام 2016 الى 400% عن عام 2014.
ووفق مؤسسات حقوق الانسان وتقرير نشرته لجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (اسكوا) فإن مصير أكثر من 1000 شكوى تتعلق بالتعذيب او سوء المعاملة منذ عام 2001 هو عدم اجراء اي تحقيق جنائي بشأنها وتم اغلاق هذه الملفات مما دفع مؤسسة بتسيلم لحقوق الانسان في اسرائيل الى الاعلان يوم 25/5/2016 عن التوقف بتوجيه الشكاوي الى جهاز تطبيق القانون العسكري في اسرائيل متهمة هذه الجهاز بأنه منظومة لطمس الحقائق.
وخلال شهادات مشفوعة بالقسم سجلت الكثير من حالات التعذيب بحق الاسرى واستخدام اساليب الشبح، الضرب، اعتقال افراد العائلة، التحرش الجنسي، العزل، الحرمان من لقاء المحامين، التهديد والضغط النفسي وغيرها.
ويذكر ان قانون العقوبات الاسرائيلي لا يتضمن اي محاسبة على ارتكاب جرائم حرب كجريمة التعذيب ، وان هذا القانون لا يحاسب اي مسؤول اسرائيلي بسبب ارتكابه لجريمة التعذيب بل يمنح القانون حصانة للمحققين ، وقد تعزز ذلك من خلال القانون الذي شرعه الكنيست الاسرائيلي في حزيران 2015 والذي ينص على إعفاء جهاز المخابرات الاسرائيلي والشرطة من توثيق التحقيقات بالصوت والصورة.
ثالثا:
الاعدام الميداني التعسفي بديلا عن الاعتقال، وقد استمرت الاعدامات خارج نطاق القضاء بحق الفلسطينيين ، واصبح القتل العمد بديلا عن الاعتقال في سياسة سلطات الاحتلال والتي تصاعدت منذ أكتوبرعام 2015.
وبالرغم من ان القانون الدولي الانساني يعتبر الاعدام الميداني جريمة حرب ويحظر جميع عمليات الاعدام خارج نطاق القانون والاعدام التعسفي والاعدام دون محاكمة او التحريض على ذلك الا ان سلطات الاحتلال تجاهلت ذلك بالمطلق، وقد اعدم العشرات من الشبان اعداما ميدانيا في حين لم يكونوا يشكلون اي خطر على حياة الجنود وبالامكان اعتقالهم و تحييدهم وقد تحول الجنود والشرطة الاسرائيلية لقضاة وجلادين في آن واحد.
بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين منذ تشرين اول 2015 (345 ) شهيدا من بينهم 83 طفلا اعمارهم اقل من 18 عام ، و32 امراة وفتاة، وحسب تقارير حقوقية موثقة فقد أعدم 183 شهيدا على يد جنود الاحتلال خلال مظاهرات واحداث رشق حجارة اضافة الى اصابة المئات بجروح بعضهم اصابتهم بليغة.
وتستمر حكومة الاحتلال بعدم محاسبة المسؤولين عن هذه الاعدامات ، وان جرت اية محاسبة فإنها تكون محاسبة صورية وشكلية كما حدث مع الجندي الاسرائيلي اليئور ازاريا الذي اعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف يوم 24/3/2016 في الخليل بعد ان كان مصابا وملقى على الارض، وقد حكم على الجندي بالسجن 18 شهرا فقط، ثم اخلي سبيله بوضعه تحت الاقامة المنزلية .
ويلقي القتل العمد والاعدام الميداني تأييدا وتشجيعا من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي والمستوى السياسي ويتم الاحتفاء بالقتلة واعتبارهم ابطالا قوميين مما جعل التستر على القتلة جزء من آلية التستر في منظومة التحقيقات العسكرية الاسرائيلية.
رابعا:
احتجاز جثامين الشهداء: لا تزال سلطات الاحتلال الاسرائيلي تحتجز 251 جثمانا لشهداء فلسطينيين في ما يسمى مقابر الارقام العسكرية الاسرائيلية بعضهم منذ ستينات القرن الماضي وحتى اليوم، إضافة الى استمرار احتجاز 5 شهداء في الثلاجات الاسرائيلية وترفض سلطات الاحتلال الافراج عن الجثامين وتسليمها لعوائلهم كشكل من أشكال العقاب الجماعي وكحلقة في سلسلة الانتهاكات الاسرائيلية الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي.
وتمتنع سلطات الاحتلال الاسرائيلي السماح بتشريح الجثامين وفتح منح شهادات وفاة لذوي الضحايا، وترفض الافصاح عن قوائم اسماء تحتجز جثامينهم واماكن وظروف احتجازهم الامر الذي يعتبر مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الاولى والثانية والرابعة والتي تؤكد على احترام كرامة المتوفي ومراعاة طقوسهم الدينّية خلال عمليات الدفن عبر تسليمهم لذويهم.