الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

تأثير الدول العظمى على الوضع الفلسطيني

نشر بتاريخ: 22/09/2017 ( آخر تحديث: 22/09/2017 الساعة: 10:31 )

الكاتب: د. عماد أبو الجديان

لا غنى لكثير من الإقليمية والدول الغربية لا سيما العظمى منها في الشرق الأوسط وان مصالحها تؤثر وتتأثر بهذه المنطقة الحيوية والهامة ومنها فلسطين. حيث ان هذه الدول قادرة على تشكيل أحداث فيها سواء من خلال تدخلات سياسية او علاقات صداقة تربطها معها. فيعتبر الشرق الأوسط مسرحا كبيرا لاستعراض النفوذ وحماية المصالح، وما نراه هو كثرة اللاعبين على هذا المسرح. فأمريكا على سبيل المثال تركز تدخلاتها في دول فضلا عن دول أخرى حسب سياساتها في الشرق الأوسط. فقبل عدة سنوات شهد الشرق الأوسط جهودا أمريكية كبيرة في محاولة حل الخلاف الفلسطيني-الإسرائيلي على الرغم انها مؤخرا باتت تشهد جهودا في الخليج العربي لمحاربة الإرهاب.
وفي كل الأحوال نرى أنها تمتلك مفاتيح الشرق الأوسط وهيمنة كبرى فيه وتبقى على تواصل من فترة الى اخرى بحيث لا ينشأ فراغ يقوم غيرها بشغله. في حين نرى ان الاتحاد الأوروبي ذا دور بارز في الشرق الأوسط حيث يقوم بتنفيذ مشروعات حيوية في عدة دول منها فلسطين في عدة مجالات أبرزها التعليم والصحة والبنية التحتية وحقوق الانسان ومحاربة الفساد والعنصرية داخل المجتمعات. ويعتبر الاتحاد الأوروبي صديق للسلطة الفلسطينية وشريكها الأهم والملتزم تجاهها، حيث كان التزامه تجاهها بارز في عدة نواحٍ في الحياة الفلسطينية. فكان الاتحاد الأوروبي ومازال يوعد دوما بتقديم المزيد من الدعم والمساندة للفلسطينيين والسلطة الفلسطينية بما يتماشى مع رؤية حل الدولتين.
ويمثل دعم الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية بخلاف الشرق الأوسط مساندة كبيرة تمثل دفع رواتب الموظفين المدنيين إلى جانب تنفيذ العديد من مشروعات محاربة الفقر والبطالة بما يساهم في خلق فرص عمل كأحد أشكال المساهمة في تخفيف المعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي. كما ان جهود الاتحاد الأوروبي لا تقف عند هذا الحد فهي تدعو باستمرار جميع الأطراف لاتخاذ خطوات سريعة لإحداث تغييرات إيجابية سياسية واجتماعية واقتصادية في فلسطين ومساعدة شعبها على تخطي أزمته. وليس بعيدا عن هذا يكمن الدور الروسي في الشرق الأوسط حيث ترتبط روسيا بعلاقات صداقة قوية مع السلطة الفلسطينية ودعمها ايضا المتواصل للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة على أساس قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. وتعتبر روسيا دائما ان حل القضية الفلسطينية شرط لازم للتسوية العادلة الشاملة في الشرق الأوسط بأكمله. اما على الصعيد الاقتصادي فان السلطة الفلسطينية ترتبط بعلاقات اقتصادية قوية مع روسيا حيث شكلت لجنة حكومية بين البلدين لتعزيز اواصر التعاون التجاري الاقتصادي بما يساهم في تطوير الشراكة بين الطرفين تشكلت في رفع الرسوم الجمركية على الصادرات الفلسطينية الى دول الاتحاد الأوراسي الرغم من ان حجم التبادل التجاري بينهما لازال متواضعا.
اما الدور السويسري فقد كان بارزا في ملف المصالحة الفلسطينية، حيث شهدت العاصمة السويسرية لقاءات بين قادة فتح وحماس لمتابعة ملف المصالحة وقضايا اخرى متعثرة بعد فشل لقاءات مكة والدوحة والقاهرة التي لم يكتب لها النجاح. شهدت الساحة الفلسطينية نشاطا في الاتصالات السويسرية مع القادة الفلسطينيين في الضفة وغزة من أجل التوصل إلى صيغة لإنهاء الخلاف والتوصل إلى حل لقضية رواتب الموظفين بالدرجة الأولى. ومحاولة وضع الأمور في نصابها الصحيح والخروج من الأزمة وتشكيل حكومة وحدة وطنية. ووصلت الجهود السويسرية في تقديم اقتراح لعلاج الازمة الفلسطينية من خلال ما سمي بخريطة الطريق السويسرية التي مثلت للعديد من الفلسطينيين طوق النجاة من طرف مشهود له بالنزاهة والحيادية وعلاقات صداقة تجمعه مع السلطة والشعب الفلسطيني.
وتركيا ليست بعيدة، فهي بالرغم من خلافها مع مصر، فإن لها مساعٍ في تحقيق المصالحة الفلسطينية لترى بصيص أمل في إنهاء الانقسام الفلسطيني. ان الدور المؤثر الذي تلعبه تركيا مؤخرا في الشرق الأوسط لا يمكن ان يكون بعيدا عن الفلسطينيين. فهي لعبت لصالحه أدوارا هامة في المجالات الإغاثية والتنموية داخل غزة والضفة الغربية، وهو ما كان في محل ترحيب من الشعب الفلسطيني. اما على الجانب السياسي؛ فتركيا تملك نقاط قوة قد تكون في محل ثقل في ملف المصالحة لأنها تعول على علاقات جيدة وقوية مع حركة حماس، كما أنها تعتقد بقدرتها على التأثير على الطرف الإسرائيلي في إزالة العقبات التي يضعها في طريق المصالحة. وخاصة ان المصالحة الفلسطينية باتت قاب قوسين او أدنى ومحل ترحيب من القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بعد المساعي والجهود المصرية في هذا الإطار.