الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مصادر عبرية: اصابة مستوطن بعملية طعن واطلاق النار على المنفذ قرب الرملة

مصالحة.. لعلها الأخيرة

نشر بتاريخ: 22/09/2017 ( آخر تحديث: 22/09/2017 الساعة: 10:36 )

الكاتب: علي قباجه

أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً، وصول لطالما ترقبه الشعب الفلسطيني المنهك من عدوان "الإسرائيليين" المتواصل الذي ما فتئ يمارس أعتى جرائم الإنسانية، مستغلاً اقتتال الإخوة؛ ليزيد من إجرامه وصلفه. لكن وبإرادة فلسطينية، ومن رحم الألم والمعاناة، بارك الفلسطينيون على امتداد الوطن وفي الشتات ولادة مصالحة إخوة الدم الواحد؛ لكن المصالحة رغم ما فيها من أمل وتفاؤل، إلا أن الحذر والترقب هما سيدا الموقف، فالشعب لن يؤمن بصدقها إلا بعد أن يرأها ماثلة أمام عينيه واقعاً يعيشه بكل تفاصيل حياته، فهو لن يلدغ من جحرها مرة أخرى، بعد أن أدمته سنوات عشر عجاف. فطرفا الانقسام لطالما التقيا واتفقا على الخروج من هذا الوحل، الذي أعاد القضية سنوات وسنوات للوراء؛ لكن في نهاية المطاف كانت اللقاءات كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء؛ حيث إنها كانت تذهب أدراج الرياح مصطدمة بعوائق لا حصر لها، ويزيد الطينة بلة العداء المستفحل الذي كانت تخلفه في كل مرة؛ لكن مع ما مر لا بد من النظر للنصف المملوءة من الكأس دون إهمال أن هناك نصفاً آخر ما زال فارغاً بمعنى أن التشكيك حق في ظل معطيات منطقية عدة، من خلال مسارات التسويات الداخلية السابقة؛ لكن ربما حظوظ النجاح في هذه المرة مغايرة لمحاولات عشر خلت للم الشمل.
أسباب كثيرة دفعت المتخاصمين للجلوس إلى طاولة الحوار، منها –على سبيل العد لا الحصر- الأزمة الداخلية وانعدام الأفق. فالسلطة حوصرت سياسياً، ومبادراتها في تقديم إنجازات ملموسة للشعب على صعيد إنشاء دولة قوبلت بالفشل بعد أن عصفت بها الضغوط "الإسرائيلية" المتنامية عليها، كما أن المتغيرات الإقليمية والدولية وأولوياتهم أصبحت مغايرة لما كانت عليه سابقاً، وهذا ما أفقد قيادة رام الله الزخم والقدرة في التأثير والمبادرة، وبالتالي أفقدها الثقة داخلياً، بينما على صعيد "حماس"، فإنها كانت تحمل عبء الغزيين؛ لأنها مطالبة بتوفير كل أسباب المعيشة لهم؛ كونها حكومة الأمر الواقع في القطاع، إلا أنها عجزت عن ذلك؛ بل ربما الأصح أنها فشلت في كسب رهان تلك الجولة، كما أن إجراءات السلطة الأخيرة ضدها دفعتها للتنازل، وبالتالي أجبرت على السعي لمبادرة لإنهاء عمل اللجنة الإدارية في القاهرة، بعدما كانت في السابق تصر على أنها باقية حتى تتراجع السلطة في رام الله عن قراراتها، وتقر بحكومة وفاق تستلم مهامها؛ لتدير زمام الأمر.
معطيات داخلية وخارجية عدة ادت للتوصل إلى صيغة توافقية مبدئية، على أن يتم لاحقاً بحث التفاصيل. و"مكمن الشر يبرز في التفاصيل"، وهذه (التفاصيل) كثيرة، وتحتاج إلى عزم أكيد ونية صادقة لتجاوزها، والتوصل لصيغ مشتركة ترضي الشعب، المتضرر الوحيد من هذا التشظي. كما لا بد من النظر بعين متبصرة، لإنشاء حكومة خدمية ترعى مصالح الفلسطينيين الحياتية بعيداً عن المناكفات السياسية على أن تقودها نخبة من المستقلين تنأى بنفسها عن التدخل في القضايا السياسية العميقة. بينما تقوم منظمة التحرير بإعادة بناء ذاتها وإدخال الفصائل كافة ببرنامج تحرري نضالي يواجه الكيان وتغولاته، على أن تكون المنظمة غطاء للحكومة. وربما نجاح هذا الطرح يعد أمراً صعباً في ظل وجود برنامجين بخطين متوازيين غير متقاطعين بين "حماس" والسلطة، فالأولى تؤمن بالكفاح المسلح والأخرى بالتسوية السلمية، إلا أن الحل ليس مستحيلاً، خاصة إذا تمت صياغة خطة تجمع بين الطرحين، طاولة مفاوضات مستديرة تناضل لكسب الحقوق تحت مظلة البندقية الفلسطينية الواحدة. ولكن ذلك يبقى نظريا إلى أن يتم تغليب المصلحة الوطنية على الفئوية.
[email protected]