السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صائب الفلسطيني

نشر بتاريخ: 25/09/2017 ( آخر تحديث: 25/09/2017 الساعة: 11:48 )

الكاتب: د.هيثم إبراهيم عريقات

دَخَل مُعترك الحياة السياسيّة متمسكًا بمبادئه التي بنيت على عقيدةٍ ثابتةٍ وراسخةٍ، مستمدّة من إيمانه المُطلق بقضية شعبه، وحقه في الوجود، فوقف في الصّفوف الأولى مدافعًا عَن القضيّة الفلسطينيّة في مَطلع التسعينات، من ينسى ذلك الرجل العنيد الذي شارك في مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991، حينما شكّل الأردنيون والفلسطينيون وفداً مشتركًا من خيرة وأعلام وسياسيي ومثقفي البلدين، فكانَ د. صائب عريقات ضمن أعضاء الوفد ندًا قويًا، يجادلُ على أسسٍ تاريخيّةٍ وعلميّةٍ متينة، حاله كَحال زملائه أعضاء الوفد، شَخصٌ رفض أن يُنزل الكوفية عن كَتفيه في أروقة المفاوضات، مما جعل الطرف الإسرائيليّ يحتجّ على ذلك، لكنه أصرّ على إبقاء هذا الرمز ، الذي يمثل شعباً لطالما حلم بالحرية، هذا الرمز الذي يمثل قضية تٙسري في عروق كل فلسطينيّ وعربيّ حر، وفي روحِ كلّ مَن ينشد الحريّة والاستقلال في العالَم.
الدكتور صائب عريقات، الذي ولد في مدينة القدس عام 1955، قبلَ أن يكونَ رجلَ سياسَة، ورجل مفاوضات، هو أستاذُ جامعة تلقى علمه في أعرق الجامعات ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، العلم الذي نٙهل الطّلبة من بحرِه ردهًا من الزّمن، صائب الذي اجتهد في حياته العلميّة والعملية كأيّ فلسطينيٍّ في تلك الفترة، صَبَر، وثَبتَ، وناضَل حتّى نال شهادته العلمية التي جنّدها لخدمة شعبه، وقضيّة بلاده، ووقف سدًا منيعًا أمام كلّ المُحاولات الهدامة، هو الإنسان الذي أراد للسّلام أن يعمّ وَطَنه، فبدأ مَسيرته السّياسيّة حاملًا همّ السّلام عام ١٩٨٢، عندما أطلق اسم (سَلام) على أكبر أبنائِه، فنقش طريق السّلام بيَديه، وإصراره، ونشرَ عبقًا فلسطينيًا في جَميع أنحاءِ العالم، وأصبحت حياته مُلاصِقةً للقضية الفلسطينية، كما أنّه واكب المُفاوضَات منذ بدايتها، وأعدَّ وقدّم العَديد مِن الأبحاثِ، والمَقالات، والكُتب، والمُحاضرات التي نذكر منها: كتاب ( الحياة مفاوضات ) و كتاب(بن علي وروجر)، وهما كتابان أكاديميان خصصهما بالأساس لطلبة الجامعات، والمهتمين بمجال المفاوضات، وكان ريعهما للطلبة الجامعيين؛ ايماناً منه بضرورة مد العلم والمعرفة جسورًا للاجيال.
"اللّي بتنكسر رجله بحط جبصين، وأنا انكسرت رئتي حطيت اكسجين"، بهذه الجملة العامية بدأ د. صائب عريقات بسرد حقيقة مرضه " التليف الرئوي" لأهله وعزوته، أبناء الشعب الفلسطيني، ومحبيه في أرجاء العالم، ووضع الجميع بتفاصيل الإجراءات والسير نحو العملية متوكلًا على الله، وهو سعيد ويحتفل؛ لأن الله تعالى شرفه وكرمه، بأنه ولد من الشعب الفلسطيني، رغم الضنك والألم، وجرائم الاحتلال.
ووجه رسالة - ومن خلال خدمته كجندي لبلده - إلى الأجيال مختلفة وقال: " أقول للجميع: كونوا بعزة وكرامة، وكونوا على ثقة أنّ دولتنا المستقلة سنحتفل بها يومًا؛ لأنّ ذلك حتمية تاريخية"، كما ودعا الشعب الفلسطيني إلى الوحدة والوقوف جنباً إلى جنب؛ لمساندة القيادة الفلسطينية في المرحلة المقبلة، وأكد أنه لا تنازل عن الثوابت الفلسطينية، وعن حقوق الشّعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه.
لقد أثبت بأنه رجل فلسطيني أصيل، حمل هم القضية على أكتافه، وكان حريصاً على أن يجعل فلسطين حاضرةً بقوة في المحافل الدولية، من خلال الصّورة التي نقلها دومًا أنّ الشعب الفلسطيني شعبٌ يسعى نحو السلام، واستطاع بحنكته وعلمه أن يكون رجلاً صعب المنال، ومفاوضاً متمرساً من الطراز الأول.
ننتظرك أيها الفارس(أبو علي)؛ لتعود إلى وطنك، بين أهلك وعشيرتك الفلسطينية، ننتظر عودتك برئتين تمنحانك القوة والطاقة، وتبعثانِ في نفوس من يحبوك الأمل والفرح، ننتظر أن تعود بيننا لننشد معًا بحناجرنا القوية النّشيد الوطني الفلسطيني، وقد تحقق حلمنا بالدولة.
أمّا لمن يبثون السموم هنا وهناك، نقول لكم أنت لستم أقوى من رحمة رب صائب على صائب، فكفوا السنتكم التي تنطق وتسير بأجندات خارجة عن مجتمعنا،وثقافتنا، وعاداتنا؛ لأننا شعب كالجسد الواحد اذا اشتكى مِنه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمّى، وأبو علي هو أحد أنسجة هذا الجسد الفلسطيني القوي، فشفاؤه شفاؤنا