الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لإنهاء الانقسام: وضع الخطط مهم وأساسي ولكن التنفيذ أصعب

نشر بتاريخ: 09/10/2017 ( آخر تحديث: 09/10/2017 الساعة: 12:45 )

الكاتب: د.سمير ابوزنيد

لإنهاء الانقسام: وضع الخطط مهم وأساسي ولكن التنفيذ للخطط أصعب وأعقد بكثير
لقد شهد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده يوم الاثنين 2/10/2017، عرساً فلسطينياً وطنياً بامتياز حيث وصلت حكومة الوفاق الوطني وعلى رأسها دولة رئيس الوزراء د.رامي الحمد الله إلى قطاع غزة، وكان في استقبالهم قيادة حماس والفصائل الفلسطينية وأبناء الشعب الفلسطيني في القطاع تحت أنظار العالم واشراف ورقابة مصرية وأممية. هذا العرس الوطني أثبت للعالم أن الأقصى والقدس وفلسطين أكبر من كل الخلافات. لقد تغلبت المصلحة الوطنية العليا على كافة المصالح وفاءً لدماء الشهداء الابرار ولأسرانا البواسل القابعين في سجون الاحتلال والمعتقلات الاسرائيلية وسط اجماع من الكل الفلسطيني على انهاء الانقسام البغيض الذي أحدث اختلالات عميقة في المجتمع الفلسطيني والنظام السياسي.
لقد أكدت الحكومة الفلسطينية مراراً وتكراراً جاهزيتها لتسلم مهامها بشكل رسمي في جميع الوزارات والهيئات الحكومية هذا ما سمعناه أبضاً عندما وصلت حكومة الوفاق الوطني قطاع غزة. وأنا لا أشك في جاهزية الحكومة وقدرتها على تطبيق بنود المصالحة وانهاء الانقسام، ولكن أقول للجميع أن عملية تنفيذ الخطط ليس سهلاً رغم أن عملية الاستلام والتسلم للوزارات والمؤسسات تمت بشكل سلس وبدون معوقات وتعقيدات حيث لوحظ الوزراء وهم في وزاراتهم مجتمعين بموظفيهم مما أشعرنا أن عجلة المصالحة بدأت.
ومن هنا لا بد من التأكيد على أن عملية التنفيذ للخطط وتحقيق الانجازات على أرض الواقع ليس بالسهل وهذا معروف في علم الإدارة والتخطيط الاستراتيجي، حيث إن مرحلة التنفيذ للخطط وهي المرحلة التي تلي مرحلة إعداد الخطط هي الأعقد والأصعب أكثر بكثير مما يتصور البعض وبالتالي علينا أن نتعامل مع الموضوع بحكمة وروية.
لماذا الصعوبه في التنفيذ ؟
عملية التنفيذ لخطط إنهاء الانقسام قد يعترضها الكثير من المعوقات الداخلية والخارجية وللتوضيح والمقارنة عملية إعداد الخطط تعني وضع القوى قبل التنفيذ. بينما عملية التنفيذ للخطط تعني إدارة القوى أثناء التنفيذ كما أن وضع الخطط وإعدادها يتطلب الكفاية المتمثلة في سلامة القرارات وتوفير الموارد بينما في عملية التنفيذ للخطط يتم التركيز على الفاعلية والتنفيذ للقرارات حيث تعني بالتكلفة وسلامة التنفيذ من حيث الجهد والمال.
وضع الخطط وإعدادها يتطلب المهارات التحليلية بينما التنفيذ للخطط يتطلب الدافعية والمهارات القيادية ومن هنا يبرز دور الحكومة وقدرتها على الأداء في ظل ظروف صعبة.
عملية التنفيذ للخطط عمل ليس بالسهل لأنه يتطلب تعديل السياسات والاجراءات بما فيها من حدود ومعوقات ومحددات، عملية التنفيذ تتطلب توفير الموارد وإعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات، كما ويتطلب إعادة توزيع الموارد حسب الأولويات والأهداف.
عملية التنفيذ تتطلب القدرة على مواجهة حالات معارضة التغيير، تتطلب وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وإيجاد ثقافة مجتمعية داعمة ومشجعة لتنفيذ الاستراتيجيات من كافة الأطراف.
عملية التنفيذ تتطلب مراحل عمل جديدة وتوفير الموارد المالية والمادية والبشرية والتكنولوجية.
عملية التنفيذ تتطلب إعادة الهيكلية للوزارات والمؤسسات والتقليل من حجم العاملين في الوزارات من حيث العدد وكذلك الأقسام والوحدات والمستويات الإدارية.
كما وأن عملية التنفيذ للخطط تتطلب إعادة هندسة العمليات (الهندرة)، أي بمعنى إعادة تقييم للمراحل والوظائف والاجراءات بغرض تحسين الأداء وتقليل التكلفة وتحسين جودة الخدمات والسرعة في الأداء.
إضافة لذلك تتطلب عملية التنفيذ القدرة على التعامل مع الخلافات والصراعات التي قد تنشأ أثناء التنفيذ وعلى كافة القضايا لا سيما في ظل وجود توقعات وتطلعات مختلفة وقد تكون غير متناقضه أحياناً.
عملية تحديد مواعيد زمنية للتنفيذ شيء أساسي ومهم في أي خطة غير أن تحديد برامج وجداول زمنية أو سقف زمني للتنفيذ قد يخلق ضغوطات كبيرة و ارباك على الأطراف وعلى طواقم التنفيذ وقد يؤدي ذلك إلى حدوث سوء فهم أحياناً حول العديد من القضايا . ومن هنا أتمنى على الجميع تفهم حالات الخروج عن المواعيد والجداول الزمنية للتنفيذ حرصاً على إنجاح واتمام المصالحة كما أتمنى على الجميع الابتعاد عن أي شكل من أشكال الخلاف وأن نضع المصالح الوطنية العليا على رأس الأولويات وصولاً إلى الخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال .
هذا ونظراً لتعقيد عملية التنفيذ قد تظهر حالات خلافية وهذا شيء طبيعي جداً في علم الإدارة ولكن الأهم أن لا تقف هذه الحالات الخلافية إن وجدت حجر عثرة أمام إنجاز وإتمام هذا الحدث التاريخي الهام. وأنصح الجميع اتباع الاستراتيجيات التالية في التعامل مع أي خلاف أو نزاع حال ظهوره لا سمح الله :
أولاً:- استراتيجية التجنب، بمعنى أن يلجأ الجميع إلى تجنب المشاكل وحالات سوء الفهم على أمل أن تحل الأمور تلقائياً وأن يتم فصل الأشخاص وابعادهم عن المشكلة أو المشاكل.
ثانياً:- استراتيجية نزع الفتيل والتقليل من شأن الخلاف حال حدوثه مع التركيز على نقاط الالتقاء والاتفاق والتقليل من شأن النقاط الخلافية .
ثالثاً:- استراتيجية اللقاء المباشر من خلال هذه الاستراتيجية يتم عقد اجتماع لكل الأطراف المعنية يقدم من خلاله كل طرف عرض وتوضيح لنقاط الخلاف من وجهة نظره مع التركيز على النقاط الايجابية للطرف الآخر والابتعاد عن السلبيات بمعنى أن يكون الانتقاد للطرف الآخر داخل ساندويشة من المديح.
هذا وللتغلب على النقاط الخلافية حال ظهورها أرى ضرورة أن تتنازل الأطراف عن بعض مطالبها مقابل أشياء وامتيازات أو انجازات وطنيه أخرى .
ومن هنا وفي نهاية مقالتي أقول أن القيادة الحكيمة والإدارة بالحكمة التي يتمتع بها الرئيس محمود عباس والذي أعطى تعليماته وتوجيهاته إلى حكومة الوفاق الوطني للذهاب إلى قطاع غزة وذهاب حكومة الوفاقوعلى راسها دوله رئيس الوزراء بكامل طواقمها الى القطاع وحفاوة الاستقبال والاستعدادات التي أبدتها قيادة حماس ودعم الفصائل وقادة العمل الوطني والتغطيه الاعلاميه الايجابيه التي لمسناها وشاهدناها من خلال وسائل الإعلام والأجواء الايجابية التي سادت عملية الاستلام والتسليم ما هو دليل على حرص الجميع على إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام وصولاً بمشروعنا الوطني إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.