الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

سلاح واحد،وحدة وطنية، مقاومة، وأسئلة على الطريق

نشر بتاريخ: 10/10/2017 ( آخر تحديث: 10/10/2017 الساعة: 13:35 )

الكاتب: عوني المشني

بمفهوم الدولة إنهاء الانقسام يشكل نهاية للمشكلة، حيث الانتخابات الديمقراطية تغدوا الاداة الوحيدة لاختيار أدوات الحكم من رئاسة وتشريعي وهيئات محلية ونقابات ومؤسسات مدنية. بمفهوم التحرر الوطني إنهاء الانقسام لا يعني شيئا ذو أهمية، فالاصل برنامج وطني يمثل القواسم المشتركة لفصائل العمل الوطني ويؤسس لإطار جامع يتشكل على اساس التمثيل الفصائلي، وهكذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية. في الحالة الفلسطينية كلا المفهومين كل بمفرده لا يلبي الحاجة، لهذا فان الدمج الخلاق والجمع الديناميكي بينهما هو الذي يحقق الهدف، نحتاج توحيد اداة الحكم في الضفة وغزة ونحتاج الى برنامج الحد الأدنى كمقدمة لإطار وطني جامع، بدون ذلك سيبقى كل ما أنجز رغم أهميته هشا وقابلا لانتكاسة في اي وقت، وهنا من المفيد الدمج والفصل في ان واحد، قضايا ادارة شئون المجتمع من المفيد دمجها في سياقات الحكومة وهيئاتها، اما قضايا التحرر الوطني والتي لها علاقة بالسلاح والبرنامج السياسي فان اخراجها من سياق الحكم وتحويلها الى منظمة التحرير مع وجود خط فاصل بين المستويين سيكون مجديا اكثر.
ان مقولة حكومة واحدة وسلاح واحد ينطوي على خلط مربك، فسلاح الحكومة ليس سلاح تحرر وإنما سلاح الحفاظ على الأمن المجتمعي او هكذا يفترض وهذا لا جدل فيه، بينما سلاح الفصائل يفترض ان يكون سلاح تحرر وطني رغم شكوك الكثيرون في ذلك، ان التخوف من السلاح الفصائلي له ما يبرره لدى من يدعوا لحكومة واحدة وسلاح واحد، فاستخدام سلاح الفصائل في الصراع على الحكم في غزة اخرج هذا السلاح عن مهمته الاساسية ولهذا بات التخوف مشروعا، كما ان استخدام هذا السلاح في الشارع لفرض مواقف سياسية ايضا يعزز التخوف، لكن ان يصبح هذا التخوف مبررا للحديث عن حكومة واحدة وسلاح واحد فيه مخاطر حقيقية.
ان التشابك المربك حتى في العقل الفصائلي بين الحكم والتحرر جعل السلاح ايضا في وضع غير واضح المعالم ، ان ضمانة طهارة السلاح لا يحكمها قانون بقدر يحكمها مسئولية وطنية واخلاقية ، فشعار القائد الشهيد ياسر عرفات " ديمقراطية في غابة البنادق " كان صحيحا وثبت قدرته على المضي بفصائل فلسطينية مختلفة في الأيدلوجية والبرنامج والشعار عشرات السنوات دونما انزلاق الى مخاطر الاقتتال ، ولكن وقتها كانت معارضة فلسطينية وطنية مسئولة حيث كان الشهيد جورج حبش وغيرة من قادة فصائل المعارضة قادرين على الإبقاء على الخلاف في سياقاته السياسية المشروعة ودونما انزلاق لاقتتال او استقواء بالخارج ، ويسجل للمعارضة حينها انها قاومت وبكل صلابة كل محاولات الهيمنة الخارجية لاستخدامها في الصراعات الإقليمية ضد ياسر عرفات ومنظمة التحرير.
التجربة مع حماس مختلفة الى حد كبير ، حماس استعانت بالخارج واستقوت به ووظفت ذاتها في مرحلة ما في خدمته ، وحماس ايضا استخدمت السلاح في غير موقعه ، هذا ليس نبشًا في الماضي ، وإنما توضيح لتخوفات فتح ورئيس السلطة ومنظمة التحرير من سلاح له استخدام مزدوج ومواقف سرعان ما تتغير وتصبح ورقة في يد الخارج .
مع ذلك ان إيجاد صيغة ما لهذا الوضع هي مهمة الحوار ، صيغة حذرة الى حد ما ، مرنة الى حد ما ، قابلة للتطوير الى حد ما ، صيغة لا تجعل من شعار حكومة واحدة بسلاح واحد قنبلة موقوتة لتفجير المصالحة ، ولا تجعل من مقولة سلاح المقاومة اداة فلتان أمني وسيف مسلط على سيف أدوات الحكم .
ربما البرنامج السياسي هو المدخل ، ففي ظل برنامج سياسي موحد يصبح علاج موضوع السلاح اكثر واقعية ، لكن دون هذا البرنامج الموحد يكون من الصعوبة بمكان الاتفاق على هذا الموضوع ، ومعالجة هذا الملف على نار هادئة وبروية يشكل ضمانة لعدم تفجير ما اتفق عليه ، فأزمة الثقة بين فتح وحماس عميقة الى الحد ان التسرع قد يشكل احد المحاذير التي تهدد بالفشل ، وثانيا لارتباط هذا الملف عضويا بمفهوم الصراع الفلسطيني الاسرائيلي فان التقدم بحلول تتناسب والحد الأدنى الفلسطيني يساهم في إيجاد مخارج لهذا الملف ، بينما استمرار الاحتلال والتهويد والاستيطان لا يشجع احدا حسم هذا الملف لصالح حكومة واحدة وسلاح واحد .
مسألة في غاية الأهمية وهي التجربة في الضفة الغربية ، تم إنهاء ملف سلاح الفصائل بطرق مختلفة ولم يعد سوى سلاح الحكومة الواحدة . ما حصل بعدها ؟؟؟؟؟
بعدها ثلة من المستوطنين يهاجمون اي قرية فلسطينية ويحرقون وينكلون وبدون اي رادع !!!! بعدها يتم اقتحام اي بيت فلسطيني في مناطق السلطة واعتقال او قتل اي شخص دون رادع !!!! سيسألنا سائل : وهل كان سلاح الفصائل سيمنع ذلك ؟؟؟ نجيب ربما لا من حيث التوازنات العسكرية ولكنه كان سيشكل عائق الى حد ما ، وقبل طَي هذا السلاح لم يكن المستوطنين بمثل هذه الغطرسة والبلطجة . لتغمض عيوننا ونتخيل ان غزة بدون سلاح سوى سلاح الحكومة الواحدة ، هل سيكون لجيش الاحتلال ان يدخل اي بيت في غزة ليعتقل اي شخص ؟؟!!! ما هي الضمانة لان لا يكون خمسون الف معتقل فلسطيني جديد من غزة في سجون الاحتلال خلال عام من سحب السلاح ؟؟؟؟؟!!! اما من يسأل اذا ما كان سلاح المقاومة هو الذي يمنع ذلك فعليه ان يختفي خجلا خلف السؤال لان ما يجري في الضفة يؤكد ذلك بدون أدنى شك . واعتقد ان لا يستطيع احد ان يقول ان اسرائيل ستعطي ضمانات بعدم اعتقال احد فقد رأينا ضمانات اسرائيل في الضفة ورأينا ضمانات اسرائيل بعدم اعتقال محرري صفقة شاليط !!!!
ان الموضوع معقد الى الحد الذي يجعل من تبريد هذا الملف هو افضل الحلول ، تبريد هذا الملف للوقت الذي نمتلك فيه اجابات قطعية على أسئلة مصيرية صعبة لا احد الان يمتلك اجابات لها . ولكن التبريد لا يعني التسليم بوجهة نظر احادية ، وإنما الظروف التي ستنشأ هي التي تقرر باي اتجاه سوف يتم علاج الموضوع اياه . ان الضغط الخارجي لعلاج هذا الملف هو الاخطر ، ففي سياق هذا الضغط قد تتعقد الامور وتعكس نفسها على كل موضوع المصالحة ، لكن يمكن اعادة رمي الكرة ثانية في ملعب الخارج ، فرفع شعار علاج هذا الموضوع في إطار الحل النهائي سيكون مفيدا اذا لم يكن لاستقدام حل مشرف فهو ضاغط لكسب الوقت في معالجة هذا الملف ، ان من يسلم سلاحه ثم يفاوض يتجاوز ابسط مفاهيم العمل السياسي الصحيح فالسلاح ومهما كان بسيطا وعديم التأثير يأتي الحديث عنه في نهاية التفاوض وليس في بدايته . كمان ان هناك اوراقا كثيرة يمكن استخدامها لمواجهة هذه الضغوط ، ليس أقلها موضوع الميناء والمطار وعدم اقتحام مناطق السلطة تحت اي مبرر . كل تلك أوراق ربما اللعب بها في الوقت المناسب هو المفيد .
قطاع غزة له خصوصية وعلى كل الجوانب ، سحب ما جرى في الضفة على غزة يشكل خطأ جسيم ، والاستفادة من خصوصية القطاع في السياق الوطني العام مسألة في غاية الأهمية ، كما هو الحال في توظيف كل ما من شأنه التقدم لتحقيق منجزات وطنية .