الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مئة عام على وعد من لا يملك لمن لا يستحق..

نشر بتاريخ: 11/10/2017 ( آخر تحديث: 11/10/2017 الساعة: 10:46 )

الكاتب: وجيه زكريا شعت

في الحقيقة لم يكن وعد بلفور المشؤوم بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين البداية الاولى لتشجيع اليهود في جعل فلسطين مطمعا لهم في إقامة وطنهم فيها، وفي سبيل تحقيق هذا المطمع قامت بريطانيا وعلى مدار السنين الى البحث في العديد من الافكار لتوطين اليهود في فلسطين، حيث سبق هذا الوعد العديد من المحاولات الصهيونية لإقامة وطنهم في فلسطين بمساعدة بريطانيا حيث كتب الفايكونت بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا عام 1840 إلى سفير بريطانيا في آستانيا بأن عودة اليهود إلى فلسطين قد إقتربت وبعد ذلك تبعها برسالة مفادها ان بريطانيا قد أصبحت مسؤولة عن تحقيق مشروع إسكان اليهود في فلسطين وفي ظل هذه الوعود والإجراءات استمرت الصهيونية في السعي نحو السيطرة على فلسطين والإستيطان فيها وكل ذلك كان بمساعدة حكومة بريطانيا ولم تقتصر هذه الإجراءات على الوعود فقط بل قامت بريطانيا عام 1865 بتأسيس صندوق إكتشاف فلسطين والذي كان يهدف لتسهيل إستيطان اليهود في فلسطين.
وهنا لابد أن نعرج على موقف اليهود من الحرب العالمية الأولى وإصطفافهم الى جانب الحلفاء حيث دعا قادة الصهيونية إلى تشكيل وحدات تقاتل في صف الحلفاء للمساهمة في إحتلال فلسطين وتكون نواة الجيش اليهودي وبعد ذلك إنحلت هذه الوحدات واندمجت مع قوات الهاغاناه الصهيونية لتعيث في الأرض الفساد وترتكب الجرائم ضد صاحب الأرض والهوية الشعب الفلسطيني .
ولم تقف المساعي الصهيونية الى هذا الحد فقد قدم هربت صموئيل عام 1915 مذكرة لرئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت أسكويث مطالبا فيها بإحتلال بريطانيا فلسطين وتأسيس الدولة اليهودية، حينها وبعد عام ردت بريطانيا على رسالة صموئيل بأنها تنظر بعين العطف للمساعي الصهيونية من اجل إقامة وطنهم في فلسطين.
وفي تاريخ 2 نوفمبر من العام 1917 كان ذلك الوعد المشؤوم والذي أرسل فيه وزير خارجية بريطانيا رسالة إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية والتي عرفت باسم وعد بلفور حيث نصت هذه الرسالة ..
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص
آرثر جيمس بلفور
إن حصول الحركة الصهيونية واليهود على هذا الوعد كان بمثابة الإنتصار للحركة الصهيونية والتي كانت تسعى للحصول على وطن يجمع اليهود فيه ويؤسسون لدولتهم العنصرية .
وها هي تأتي 2017 وفي تشرين الثاني يمر على هذا الوعد المشؤوم 100 عام .
حين اعطت بريطانيا ذلك الوعد لم تلتفت ولم يكن حينها في حساباتها أن هناك وطن وشعب حر أبي يعيش على أطهر وأعظم بقعة عرفها العالم يؤمنون بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ويرفضون كافة اشكال الإستعمار ، ففي فلسطين وطن لا يكون إلا للفلسطينيين وفي فلسطين شعب يأبى إلا ان يكون حرا.
إن هذا الوعد والذي إستغلته الحركة الصهيونية وباشرت في تشجيع اليهود إلى الهجرة لفلسطين وإقامة وطنهم المزعوم فيه على أرضها كان بمثابة الضوء الاخضر لإقامة وطن لليهود في فلسطين، أي وطن ذلك الذي يأتي الغريب ويطرد صاحب الأرض ويرتكب المجازر بحق شعب ضعيف أعزل ليستوطن مكانه في أرضه ويؤسس لدولته المزعومة !!!
لم تكن الحركة الصهيونية لها الجرأة على إرتكاب المجازر في فلسطين وبحق شعبها الأعزل لولا إعطائهم هذا الوعد المشؤوم وتسهيل وتشجيع الهجرة لفلسطين.
وبعد 100 عام على ذلك الوعد تسببت بريطانيا في قتل وتشريد وشتات شعبا بأكمله .
أما آن الآن أن تعتذر بريطانيا لشعب عانى الإحتلال والتدمير والإضطهاد على مدار قرن من الزمن ؟؟!!
لقد شهدنا سابقا قيام أحد عشر الف بريطاني حر بتقديم طلب للحكومة البريطانية للإعتذار الرسمي للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور المشؤوم، ولكن للأسف حكومة بريطانيا ردت بالرفض الشديد عن تقديم إعتذارها ، بل واعتبرت عن فخرها بظهور دولة إسرائيل على يدها ،
فكيف لدولة عظمى مثل بريطانيا وهي أحد الدول الدائمة العضوية بمجلس الامن والتي تدعم حقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق الشعوب في دستورها أن تعطى وعد من لا يملك لمن لا يستحق ؟؟