الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الغانم الصوت الحر

نشر بتاريخ: 22/10/2017 ( آخر تحديث: 22/10/2017 الساعة: 10:37 )

الكاتب: علي قباجه

اخرجوا من القاعة يا قتلة الأطفال.. أنتم لا تستحون ولا كرامة لديكم ، كبيرة في معناها رغم قصر عباراتها؛ حيث صدح بها ضمير عربي؛ لتعبر عن وجدان الأمة وعراقتها... كلمات قالها رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، لوفد صهيوني احتلالي في المؤتمر السابع والثلاثين بعد المئة ل الاتحاد البرلماني الدولي ، المنعقد في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية. هذا الصوت الحر جاء معبراً عن موقف عربي أصيل متضامن مع القضية؛ حيث نشأ كغيره على حب الأرض والتحرر والانعتاق من كل ظالم، رافضاً هيمنة الاحتلال الإسرائيلي على أولى القبلتين وثالث الحرمين، وتزامن مع حملة شرسة يقودها نتنياهو؛ لإسكات الأصوات الإعلامية المقاومة الداعية لنبذ الإرهاب الصهيوني الغاشم في الأراضي المحتلة، وحملة استيطانية محمومة لابتلاع الضفة.
كلمة الغانم، جاءت لتؤكد أن الاحتلال مهما عتا وتجبر، فلن يتمكن من إسكات الأصوات العربية الحرة، التي طالما فضحت ممارساته في فلسطين، ودعمت حقوق الشعب الأعزل في كل محفل دولي. الاحتلال يغلق ثمانية مقرات لشركات إنتاج فلسطينية في الضفة؛ لكن في المقابل هناك من يرفع الصوت عالياً في المنابر الدولية، ويصفعه ويفضح همجيته، التي لا حدود لها.
الغانم لم يعبر عن موقفه وحسب؛ بل كان صوتاً للشعوب العربية وموقفها من الاحتلال. كلماته لم تستغرق غير ثوانٍ؛ إلا أنها زلزلت مندوب الاحتلال لينكفئ على نفسه وينسحب ذليلاً، كما شكل صوته حالة إنعاش لكل العرب، بثت الأمل في قلوبهم؛ بعدما أدمتهم عشرات المؤتمرات الداعية إلى التطبيع مع إسرائيل . الغانم تحول إلى بطل قومي عربي، وهو يستحق ذلك بجدارة.
لن يتمكن الاحتلال من بلوغ غايته مهما حاول حرف البوصلة، فالشعوب العربية رضعت ألبان الحرية، والدعايات التي أنفقتها إسرائيل للتحالف معها، عادت حسرة وندامة عليها، فلا يمكن لشعوب تحمل قضية عادلة أن تتعايش مع مجرم مغتصب، فشتان بين الثرى والثريا، وحتى ولو كان هناك تطبيع على المستوى الرسمي، فالشعوب قالت كلمتها، وحددت بوصلتها، وأكدت أن العدو الوحيد هو الاحتلال الغاصب، الذي ما فتئ يبث الفتن في العالم كله.
المقاومة ليست محصورة في أرض فلسطين، فبضعة كلمات قد تشكل فارقاً مهماً، وتحرج الاحتلال وتفضحه على رؤوس الأشهاد. فالدبلوماسية العربية لها القدرة إن وحدت الصف، ووضعت الخطط لنبذ الاحتلال، ورفضت أي محاولات للتدجين وإقامة العلاقات معه، عندها يمكن أن يتحقق شيء لفلسطين، وأن تستعيد بعضاً من حقوقها، في ظل الحملات الإسرائيلية المتفاقمة لتدمير القضية وابتلاعها.
علي قباجه
[email protected]