الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

تيارات المصالحة.. ونهر الوطن ..!!!

نشر بتاريخ: 21/11/2017 ( آخر تحديث: 21/11/2017 الساعة: 09:18 )

الكاتب: عماد عفانه

المراقب لحالة الحركات الفلسطينية كافة وخاصة حركتي فتح وحماس يلمس استجابة لكل الجهود المصرية لاستكمال طقوس المصالحة، وآخر هذه الطقوس الاجتماع الذي دعت له القاهرة، يوم (21/ 11/ 2017) والذي سيكون محطة أخرى على طريق تطبيق اتفاق المصالحة الذي يستند الى مرجعيات أبرزها اتفاق المصالحة 2011، حيث لا تختص هذه الطقوس بقطاع غزة فقط بل تشمل الضفة الغربية أيضا كما تشمل إعادة صياغة وبناء المؤسسات الوطنية وعلى رأسها منظمة التحرير ومجلسها الوطني.
استعادة السلطة لحكم غزة الذي فقدته قبل 11 سنة يلزمه معالجة بعض التفاصيل كملفي الأمن والموظفين، وصولاً إلى سلطة واحدة، قيادة واحدة، سلاح واحد، ليبقى سلاح المقاومة هو الضامن الوحيد لديمومة حالة الكفاح حتى التحرير.
حماس لم تخسر الحكم في غزة لأنها كسبت نفسها أولا وكسبت مزيد من التأييد والجماهيرية ثانيا، وستكون شريكة في القرار الوطني وما الحكم إلا أحد مفرداته.
إعادة الوضع السياسي الفلسطيني إلى مساره الوطني الذي حادت عنه منظمة التحرير وحركة فتح منذ اتفاق أوسلو يلزمه إرادة وطنية صلبة تقف في وجه كل الضغوط للعودة إلى مسار التيه والتفريط، وما الضغوط الأمريكية بإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن إلى واحدة من هذه الضغوط التي تلزم كل القوى والفصائل دون استثناء إلى التوحد في الخندق الذي يتمسك بالوطن كل لا يتجزأ ولا يقبل القسمة.
إلا ان المتابع بات يلمس تيارا في السلطة يتعاطى مع حماس بمنطق المنتصر أمام المهزوم، ويتفنن في وضع العراقيل ليصور حماس كسلطة موازية، ما يلزم الفصائل بقول كلمتها لجهة الضغط على كل من يعطل مسار المصالحة.
حركة فتح باتت بحاجة إلى تيار قوي فيها يعلي صوته ليقول يكفي ربع قرن من المفاوضات عجزت عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على الأرض الفلسطينية.
يكفي ربع قرن من التيه الذي شكل ستارا للاستيطان الذي ابتلع الضفة الغربية وسيطر بالكامل على القدس وقتل شرد وهجر مئات آلاف الفلسطينيين على مذبح المفاوضات والتنسيق الأمني المقدس.
رغم التغيرات الكبيرة التي تحدث في المنطقة إلا أننا نلمس جمودا غير مبرر في حركة فتح منذ استلام الرئيس عباس للحكم قبل 13 سنة، فلا أثر لصوت ينادي بالعودة لما مات ياسر عرفات لأجله.
الجمود لا يحافظ على وحدة الموقف فقد يكون تحت الرماد بركانا، لكن تعدد الآراء والاختلاف وبروز التكتلات والتحالفات يولد التغيير والابداع الذي باتت الحالة الوطنية في أشد الحاجة إليه.
لا نريد اجترار الماضي بقدر ما نريد استخلاص العبر، فجر حماس عبر الفوضى الأمنية المفتعلة وسياسة الخمسة بلدي سنة 2007 آن لها أن تنتهي على يد القيادة الجديدة والمتجددة ديمقراطيا في حركة حماس.
ولا يفوتنا القول أن حركة حماس مرت منذ الانقسام 2007 حتى المصالحة 2017 بثلاث دورات انتخابية أفرزت ثلاث هيئات قيادية أورثت التجربة والخبرة لتوصلنا إلى القيادة الحالية التي تقود باقتدار مسار المصالحة لتعود بالقضية ومعه حركة فتح إلى المسار الوطني الذي انطلقت كل القوى والفصائل من أجله وهو التحرير واستعادة الوطن.
فيما بقيت جل القوى والفصائل الأخرى على حالها من الجمود الآسن.
فمن يقود المصالحة في حماس ليس تيارا جديدا، بل هو قيادة جديدة تنفذ بحرفية ما كلفت به من جميع الهيئات القيادية الشورية في حماس.
التحرر من ارث الحكم وأخطاء الماضي يساعد في توحيد الحالة الوطنية التي تتربع حركة حماس على رأسها فهي حركة لم تتنازل ولم تفرط ولم تكبلها اتفاقات مثل أوسلو.
ومخطي من يظن أن أي وطني حقيقي في حماس أو فتح أو غيرها يمكن أن يرضى بمعاناة مليوني غزي على مدار 11 سنة، أو يمكن أن يسكن إلى حالة التجمد أمام خيار الرئيس عباس لا بديل عن المفاوضات سوى المفاوضات.
مصلحة الوطن المهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتلاشي على مذبح ما بات يسمى بصفقة القرن يلزم الكل الوطني باندفاعة باتجاه إعادة صياغة جميع المؤسسات الثورية التي انبثقت عن منظمة التحرير، وعدم السماح لأي كان بإحداث انتكاسة وطنية أخرى.
فيا قادتنا وفصائلنا لا وقت للانتقام ولا للتشفي فالمهدد بالضياع هو الوطن، وعلى الشارع الساكن كالبركان المتحفز أن يقول كلمته ويعلي صوته باتجاه اسناد تيار التوحد في نهر الوطن.