الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الشياطين يحاربون مصر

نشر بتاريخ: 27/11/2017 ( آخر تحديث: 27/11/2017 الساعة: 17:49 )

الكاتب: د. ناصر الصوير

فجعت الشقيقة مصر قلب الأمة العربية بفاجعة جديدة كبيرة ومخيفة وغير مسبوقة تمثلت بإقدام الإرهاب الأسود القابع في سيناء على اقتراف جريمة نكراء شعواء لم يسبق لها مثيل تمثلت بقتل أكثر من 305 مصلياً بريئاً في بيت من بيوت الله وإصابة المئات الآخرين، في مسجد الروضة في سيناء وهم يتأهبون لصلاة الجمعة.
وأمام هذه الجريمة التي تجاوزت كل الخطوط الحمر، علينا أن نقف طويلاً ونستجمع كل خيوط المشهد الماثل أمامنا لنتمكن من رسم الصورة كاملةً بعيداً عن الزيف والغوغائية الرخيصة والشعارات الفارغة.
السؤال الكبير والأهم الذي يطرح نفسه بشدة عقب كل عملية تقع في سيناء هو: من يقف وراء هؤلاء الإرهابيون؟ وما هي الأهداف التي يسعون لتحقيقها ولمصلحة من؟! للإجابة على هذه الأسئلة علينا أن نحدد بداية من هم أعداء مصر؟ ومن الذي يسعى لتقويضها وإغراقها في أتون ملتهب من الأزمات والصراعات والمشاكل والنزاعات؟! مما لا شك فيه والذي ليس فيه جدال أو نقاش أن إسرائيل هي العدو المشترك للعرب والمسلمين جميعاً ليس من باب العداء الشكلي بل لأن بيننا وبينها صراع أزلي له أول وليس له آخر فهي التي استولت عنوة وبالقوة على فلسطين وشردت شعبها وتسعى دون هوادةً للقضاء على كل خطر ممكن أن يهدد وجودها ! إسرائيل الغاصبة المارقة التي تمتطي العالم أجمع من أقصاه إلى أقصاه، وتمدد رجليها وتضرب بعرض الحائط كل الشرائع والمواثيق والأعراف ولا تقيم وزناً لأحد مدعومة بقوى الاستكبار والاستعمار العالمية التي أطلقت العنان لهذه الدولة المارقة لتفعل ما تريد، هذه الدولة تعلم جيداً أن الخطر الأكبر الذي يهدد وجودها فعلياً أكثر من أي شيء آخر أو جهة أخرى هو وجود دولة عربية بحجم مصر في حالة قوية ومتعافية، وبناءً عليه فإن هدف إضعاف مصر وإبقائها في حالة من اللا وزن والهوان واستنزافها هو هدف استراتيجي كبير جداً للدولة الصهيونية تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتحقيقه واستمراره ما بقيت دولة إسرائيل لأن حكام هذه الدولة يعوون جيداً أن مصر إذا كانت قوية متعافية غير مستنزفة اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً فهي الخطر الداهم المميت على كيانهم ودولتهم!
من جانب آخر هناك اليوم أيضاً أعداء آخرين لمصر تولدوا نتاج عوامل عديدة منها التغيرات الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة عقب ما يسمى (الربيع العربي) ، وليس خافياً أن علاقات مصر وصلت إلى حد بعيد جداً من التوتر والجفاء بل والعداء مع كل من قطر وإيران وتركيا؛ فاليوم قطر تعتبر رأس الحربة الفعلي ضد النظام المصري القائم برئاسة عبد الفتاح السياسي وتؤوي الكثير من قيادات الإخوان المسلمين المناوئين للنظام المصري، وتبث عبر ذراعها الطولى (قناة الجزيرة) مواد إعلامية تحريضية ضد النظام المصري على مدار الساعة. أما بالنسبة لإيران فالعداء بينها وبين مصر معروف ومستمر منذ قيام الثورة الإسلامية(ثورة الخميني) في طهران 1979م. أما تركية فتوجهها لصالح الإخوان واضح وتحالفها ضد مصر مع قطر أوضح، وليس أدل على توتر العلاقات المصرية التركية قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالأعلان دون وجل أن نظام السيسي في مصر نظاماً غير شرعي، وكم من مرة أشار بعلامة رابعة إعلاناً منه على الملأ وبوضوح دعمه للإخوان في صراعهم مع النظام الحاكم في مصر حالياً.
ها نحن حددنا الدول الأربع المناوئة لمصر حالياً ولنقل بصورة أدق حالياً على الأقل لأن السياسة لا دين لها ولا تحالفات أبدية فيها فحليف اليوم قد يتحول إلى عدو الغد والعكس صحيح. هذه الدول التي من المفترض أن تكون مجتمعة أو متفرقة تسعى لتقويض النظام المصري من خلال زجه بأتون ملتهب من نيران الإرهاب وتوريطه في معركة استنزاف للقوى تنهكه وتقوضه.
سأتطرق في هذا المقال فقط إلى دولة واحدة من الدول الأربع المعادية لنظام الرئيس السيسي وهي قطر فأوضح بكل عقلانية وهدوء أن دور هذه الدولة عربياً وإقليمياً يفوق تماماً حجمها؛ ودعونا نطرح بصوت عالٍ مجموعة من الأسئلة الجوهرية، لماذا آوت هذه الدويلة الإسلاميين أهو حباً فيهم أم ليكونوا دائماً تحت السيطرة الأمريكصهيونية دون أن يدري هؤلاء الإسلاميون الذين تقطعت بهم السبل ويبحثون عن ملاذ آمن بأي ثمن؟!!، وأسأل أيضاً من الذي أشعل الفتنة في الوطن العربي، ودعم الإرهاب الأسود في مصر وليبيا وسوريا واليمن؟!!، ومن الذي أنشأ في بلدهم شبكة إعلامية عملاقة ميزانيتها تتعدى مليارات الدولارات سنوياً ... تخطط لبرامجها دول عظمى لا تبث كلمة إلا ووراءها دلالة وهدف مستتر، السؤال المحير كيف تدعم هذه الإمارة حركات التحرر الإسلامية حماس والإخوان وطالبان وتؤوي قادتها وفي نفس الوقت تحتضن أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط موجودة فيها بالإضافة إلى احتضانها لأخطر مكتب استخباراتي صهيوني موجود فيها ... ألا يكفي أن أميرها قال مدافعاً عن اتهام الدول الأربع(السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لها بدعم الإرهاب والتواصل مع حماس والإخوان بالحرف الواحد : لم نقم بأي تواصل معهما إلا بموافقة ومباركة أمريكا وطلبها، شخصياً أنا لن أقتنع أن الدواعش في سيناء الذين ارتكبوا أفظع جريمة ضد الإسلام والمسلمين يعملون بقوة الدفع الذاتي بل هم فعلاً مأمورون ومدعومون من دولة أو دول تحقيقاً لهدف إسرائيل الأكبر وهو استنزاف مصر وابقائعا ضعيفة هشة، استيقظوا ولا يغرنكم الدعم المالي والكلامي الذي تقدمه بعض الدول فهذا لزوم استقطاب ثقة المستهدفين من الشعوب والأوطان، وسيثبت التاريخ أن الكثير من الدول كانت لهم اليد الطولى في تنفيذ خطط الصهيونية والدول الاستعمارية ... استيقظوا يا عرب.