الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

انتصارات دولية وانتفاضة مستمرة

نشر بتاريخ: 28/12/2017 ( آخر تحديث: 28/12/2017 الساعة: 10:50 )

الكاتب: عباس الجمعة

ردود الأفعال العربية والدولية على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وإعطاء الأوامر لنقل سفارة بلاده إلى القدس لم تتعد الشجب والإدانة ولم تصل إلى حجم المخاطر المحدقة بالمنطقة نتيجة الموقف الأميركي المعادي للشعب الفلسطيني والمخالف لكل قرارات الشرعية الدولية الأمر الذي يشير إلى تخاذل بعض الانظمة العربية والاسلامية والدول الاستعمارية وتواطؤها مع الكيان الصهيوني.
ومن هنا عندما نقول ان تخاذل بعض الدول العربية نتيجة المواقف التي تتخذها ولا تخلو من أي إجراء فعلي، وهذا مؤشر على أن الرئيس الأميركي ما كان ليتخذ هذا الموقف العدائي لولا تمرير بعض العرب وخاصة دورها في علاقات علنية مع الكيان الصهيوني بل إن الأمر اصبح ضد كل من يناصر القضية الفلسطينية وفي مقدمتهم سورية.‏
وامام التخاذل الدولي أيضا برز في مواقف حيث ركز على الشجب والاستنكار دون اتخاذ أي مواقف فعلية التي من شأنها ردع الموقف الأميركي ، لتبقى هذه البيانات حبرا على ورق ولا تساوي الحبر الذي كتبت فيه.‏
وفي ظل هذه الاوضاع نقول ان "43 " فيتو ضد فلسطين كافية لتؤكد أن فلسطين والقدس أقوى من الفيتو الأمريكي، وأقوى من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة, وهل هناك أدنى شك بأن واشنطن استخدمت الفيتو يوم أصدر ترامب القرار، فالادارة الامريكية تستطيع أن تحمي كيان الاحتلال مرة بالفيتو ومرة بالقبة الحديدية، كما استطاعت أن تمحو عن الكيان الصهيوني صفة العنصرية التي لبسته يوم استولدته بريطانيا في فلسطين عبر محو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الذي يعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري من سجلات الأمم المتحدة، لكن إسرائيل ستبقى عنصرية وضعيفة تستمد الحماية من واشنطن، ولكن المشكلة ليست في الفيتو الأمريكي ولا في قدرة واشنطن على شطب قرار الجمعية العامة، إن المشكلة في بعض الدول العربية التي بدأت تتخلى، بل تتآمر على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.‏
لذلك نرى ما تحققه دولة فلسطين، من انتصارات دبلوماسية والتي كان اخرها تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة بدعم من دول عدم الانحياز والدول الإسلامية والعربية، والصديقة، بإقرار قرار تحت بند "متحدون من أجل السلام"؛ بالأغلبية الكبيرة يرفض أي تغيير على الوضع القانوني للقدس حيث حظي مشروع القرار بدعم 128 دولة، ومعارضة 9دول فقط، فيما امتنعت 35 دولة عن التصويت، فهذا الدعم الكبير رغم التهديدات الصريحة للإدارة الأميركية وسفيرتها في الأمم المتحدة بحق الدول التي ستدعم مشروع القرار، بشأن القدس، وخاصة بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن وأفشلت خلاله مشروع قرار يخص مدينة القدس في ضوء قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث اكدت الجمعية العامة على اعتبار أية إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس لاغية وباطلة، ما يعني أن إعلان الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مرفوض دوليا، وغير مقبول تنفيذه على الأرض.
ان التخاذل العربي والدولي تجاه القضية الفلسطينية ولاسيما قرار ترامب بشأن القدس يتطلب من الشعب الفلسطيني الاستمرار في انتفاضته وهبته الشعبية العارمة في مواجهة السياسة العدوانية الأميركية – الصهيونية وذلك للتأكيد على عدم المساومة على حقوق الشعب الفلسطيني ولايحق لأي قوة في العالم إعطاء ما لا تملك لمن لا يستحق ، وأن القدس كانت وستبقى عاصمة الدولة الفلسطينية ، وهذا يتطلب من أحرار العالم فضح السياسة العدائية الصهيوأميركية، ودعم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها عام 48 .
امام كل هذه الظروف نؤكد بأن فلسطين ستبقى القضية المركزية للشعوب والجماهير العربية، رغم جميع المؤامرات والمخططات العدوانية، وإن الضغوطات التي تمارسها الادارة الامريكية والقوى الامبريالية والرجعية تصب في خدمة المشروع الصهيوني وصنيعه كيان الاحتلال ، لدرجة أن بعض الدول تطلق أبواقها الداعية للصلح مع الكيان العدواني والتطبيع مع العدو والتنازل عن القضية الفلسطينية من أساسها وإسقاط حق العودة وبذلك انطلقت فضائيات وقنوات تشوه الحقائق وتقدم معلومات كاذبة وتدعو الشعب العربي للتسليم بالواقع الكاذب المطلوب من جانب الإدارات الأميركية المتعاقبة وصولاً لإدارة ترامب الذي أخذ على عاتقه القيام بالمواجهة الكبرى دون دراية بالعواقب غير المدروسة لهكذا إجراء بإعلان القدس عاصمة للدولة لكيان الاحتلال تمهيداً لطرد الشعب الفلسطيني منها لاحقاً وإقامة الوطن البديل أو التوطين في الأماكن التي يتواجد بها الفلسطينيون داخل البلدان العربية وخارجها، ولكن هل تصح تلك التوقعات الحاقدة والمتسرعة، ولكن رغم سياسية وتبدلات تقلب الموازين أساسها صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته وانتفاضته المتجددة مدعوماً على المستوى الشعبي العربي وأحرار العالم شكل القاطرة للحراك ، وعليه يتوقف تصاعد أو هبوط حركة التضامن الواسعة مع عدالة قضية الشعب الفلسطيني والتنديد بكل ما يحاك من مؤامرات لتصفيتها وطمس جوهرها كقضية تحرر وطني من الاحتلال وكل ما يتفرع منه من سياسات الاستيطان والتهويد والأسرلة والفصل والتمييز العنصريين.
ختاما : نقول ان المواجهات اليوم على ارض فلسطين الممتدة من القدس الى كافة انحاء الضفة وصولا الى قطاع غزة مع قوات الاحتلال لا زالت على أشدها، وهي تتواصل وتتصاعد ، بينما تزداد حالة الغضب بمواجهة القرار الامريكي والاحتلال ، من خلال حركة التضامن العربية والعالمية مع نضال الشعب الفلسطيني ، هذا الشعب العظيم الذي يبتدع كل أشكال وأساليب النضال التي تبهر العالم وتستقطب تعاطفه وتأييده مما يتطلب ان يرتقي الجميع الى مستوى رسم استراتيجية وطنية وكفاحية والتخلص من الاتفاقات والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية الكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني.