الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

القدس مش للبيع ..

نشر بتاريخ: 28/12/2017 ( آخر تحديث: 28/12/2017 الساعة: 20:41 )

الكاتب: احمد الفيومي


مع كل يوم يمر، رغم مرارته، وصعوبته، جراء ما تمر به قضيتنا الفلسطينية، بفعل حالة الخذلان والهوان والضعف من بعض أشقائنا، وأصدقائنا الذين كنا نراهن عليهم في الوقوف لجانبنا في مثل هذا اليوم، ولكن مع ذلك اشعر والكثير من أبناء شعبنا بقوة مستمدة من أحقيتنا الأزلية والإيمان بعدالة القضية

منذ ان طبق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عهده المشئوم، بمنحه عاصمة دولتنا الأبية القدس، لإسرائيل، أدركنا أن بداية النهاية من هنا، وكما يقول المثل "إذا ما خربت ما بتعمر"، الإدارة الأمريكية التي لا تملك بمنحها مدينتنا المقدسة لمن لا يستحق فإنها تعتقد بذلك القرار تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

على العكس تماماً، الإدارة الأمريكية بقرارها الأخير أشعلت المنطقة، وحوّلت صراعنا السياسي مع الاحتلال على الأرض إلى صراع ديني، فمدينة القدس قبلة الأحرار في العالم، فهل نقبل دولة من دون قبلة ؟

أخطأت الإدارة الأمريكية في تقديراتها وقرارها، فمن وشى للرئيس ترامب لتنفيذ تعهده لدولة الاحتلال، لا يعرف أن مدينة القدس هي مخزن الإرادة والقوة الكامنة كما وصفها الزعيم الراحل ياسر عرفات، كيف نقيم دولتنا ودونها أرواحنا ودونها ما نملك، كيف نقيم دولتنا وتاريخنا في القدس ؟، كيف نقيم دولتنا وفي القدس تُخزن ذاكرةٌ وعصور وأحقاباً من التاريخ، كيف نقيم دولتنا وفي عاصمتنا الأبية حضارات متجددة، كيف نقيم دولتنا ونخون عهد ياسر عرفات الذي قاتل من أجلها وسالت الدماء على مشارفها وردد وباستمرار "سيرفع شبل من أشبالنا وزهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق أسوار القدس ومآذن القدس وكنائس القدس".

لا شك أن قرار ترامب، أنقذنا من خداع الإدارة الأمريكية الحالية، الذي أوهمنا بالسلام، ونسف تعهدات الإدارات السابقة، فهو بقراره صفعنا كفا لنفيق من سباتنا، فقد اعاد قضيتنا الى صدارة اهتمام الشعوب واحرار العالم، ودليل ذلك ما جرى في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث صوت إلى جانب الحق الفلسطيني 129 دولة، هؤلاء من قال لأمريكا "العالم ليس للبيع" ورفضت بيع أصواتها الحرّة مقابل دولارات.
اعتقدت مندوبة أمريكا نيكي هيلي الهندية الأصل أن باستطاعتها شراء أصوات العالم، فهي أساءت للشعب الأمريكي أكثر وأكثر.

اليوم قرر شعبنا وفي مقدمته قيادتنا والرئيس محمود عباس، خوض معركة شرسة، برفضهم الرعاية الأمريكية لعملية السلام، ليس كما تروج إسرائيل وواشنطن بأن ذلك هو تنصل من اتفاق السلام، بل لأن واشنطن تنصلت من تعهداتها السابقة والتزامها بإحلال السلام وإقامة دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشريف، وأعلنت اعترافها بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، فهي بذلك قد انحازت إلى جانب الطرف الأخر من الصراع، وتبنت روايته وقراراته، وحسمت قضية يفترض أن تكون ضمن قضايا الحل النهائي في عملية السلام.

على مدار أكثر من عقدين من الزمن ومنذ أن منحنا الإدارة الأمريكية حصرية رعاية السلام عام 1991، ونحن نقبل بها كراعي لعملية السلام، ومع علمنا المسبق أنها لن تقف بجانبنا، فإن قبولنا بها كراعي هو عدم تحللها من تعهداتها لنا، وعدم اتخاذ أي موقف احادى الجانب، قد يفقدها أهليتها بإدارة عملية السلام، وما أن اقترفت تلك الإدارة جريمتها، فإنها قلبت الطاولة على نفسها، فماذا بإدارة ترامب أن تفعل بقيادتنا التي تتحصن بشعبها ؟؟ هل تريد أن تقتل رئيسنا كما فعلت من قبل مع الرئيس الراحل عرفات لأنه رفض التنازل عن حقوق شعبنا، أم تبحث عن قيادة بديلة ؟؟! نؤكد لكم لن تجدوا بيننا من يخون قيادتنا وقدسنا، لأن ما رفضه أبو مازن الذي يؤمن بالسلام ثم السلام سيرفضه الآخرين، والقدس مش للبيع.

نعلم منذ اليوم الأول لكلمة الرئيس عباس التي جاءت في أعقاب كلمة الرئيس ترامب لإعلان مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، أن قيادتنا ستواجه إدارة أكبر دولة في العالم، ونحن نعلم أنها لن تتركها، لسبب واحد، أنها قالت "القدس خط أحمر"، ولأنها رفضت "صفعة القرن"، ورفضت التنازل عن حقنا في مدينة القدس، وتمسكها بحق العودة وفق القرار 194.

واذ نؤكد على ما تربينا عليه منذ طفولتنا ان صراعنا مع الاحتلال الذي سلب حقنا، وبوصلتنا هي القدس، فكيف اليوم بعد أن اقتربت من العقد الثالث، يريد أن يمنحنا ترامب دولة دون القدس، ونحن من ردد في الطابور الصباحي في المدرسة القدس لنا، وفلسطين دولتنا، والقدس عاصمتنا، والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى.

لن يتحقق السلام في هذه المنطقة، دون القدس، وإن أرادوا السلام يمنحونا الأرض.

تذكير: كلمة حق لابد من ذكرها، لن ننسى موقف 129 دولة، صوتت بجانبنا وتخلت عن أموال أمريكا ليس إلا لأن التاريخ يسجل ويكتب، في الوقت ذاته لن ننسى ايضا 35 دولة غابت ولم تصوت على القرار هي "كمن بلغ الخنجر في حنجرتحه" هي تريد قول الحق لكنها لاعتباراتها الخاصة وحساباتها مع الولايات المتحدة حيدت نفسها ولم تشارك، لكن موقفها ثابت من قضية القدس ورفضها لقرار ترامب.

ولن ننسى موقف الأردن الذي وجد نفسه وحيداً بدون تحالفات ليقاتل معنا في نفس الخندق، دفاعا عن مدينة القدس ورفض المساومة على القدس مقابل مليار دولار أمريكي تمنحها الإدارة الأمريكية لعمّان، وشعبنا لا يحمل ذاكرة سمكية، فهوي يعي ويحفظ جيداً من يقف معه ويدعمه، حتى وإن كان ذلك مقابل صوت في ساحة الأمم ساحة الأحرار.

للشعب الأمريكي، نقول نحن شعب يحب السلام ويبحث عن الحرية والأمان، صراعنا واختلافنا ليس معكم، بل إدارتكم التي تخلت عنا وتشارك الاحتلال عدوانها على شعبنا وتسلب خيراته، وسنقف بجانبكم ونتواصل معكم، ساعدونا فأنتم من اكتوى بنار العنصرية والمستوطنون الأوروبيون، وخضتم حرب الاستقلال وطردتم البريطانيين في ستينات وأوائل سبعينات القرن الثامن عشر.