الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ترتيبات مهمة في مواجهة الإحتلال والإدارة الأمريكية

نشر بتاريخ: 31/12/2017 ( آخر تحديث: 31/12/2017 الساعة: 09:15 )

الكاتب: نزار يوسف نعيم

اما وقد وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه بعد إعلان الرئيس الأمريكي عن الإعتراف بالقدس كاملة عاصمة لدولة الإحتلال متجاوزا بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية ومقررات الأمم المتحدة وكذلك تعهدات الإدارات الأمريكية السابقة بشأن عملية السلام القائمة على أساس حل الدولتين على حدود العام 1967م والقدس الشريف عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية، أصبح من الضروري على الجانب الفلسطيني الإستعداد لمرحلة المواجهة مع الإحتلال والإدارة الأمريكية في آن واحد.
المواجهة السياسية والدبلوماسية مع الإدارة الأمريكية بدأت من اللحظات الأولى للإعلان الأمريكي حيث رفضت القيادة الفلسطينية الإعلان وأعلنت أن الإدارة الأمريكية لم تعد وسيطا نزيها في عملية السلام. إستمرت المواجهة في كل من إجتماعات الجامعة العربية والقمة الإسلامية ومن بعدها في مجلس الأمن حتى وصلت إلى الأمم المتحدة في التصويت الهام والتاريخي على وضع القدس القانوني بأعتبارها جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م.
لن تكون المواجهة مع الإدارة الأمريكية سهلة أبدا وكذلك المواجهة مع الإحتلال الإسرائيلي الذي أصبح واضحا بأنه يسعى لفرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية على الأرض في كل من القدس والضفة الغربية تمهيدا لضم أراضي الضفة الغربية للكيان الصهيوني منعا لقيام أي دولة فلسطينية بين النهر والبحر باعتبارها تهديدا للأمن القومي للكيان المحتل. ومن المتوقع أن تسعى الإدارة الأمريكية إلى تكرار التجربة مع الرئيس الشهيد الخالد ياسر عرفات في شخص الأخ الرئيس محمود عباس، في محاولة لعزله عربيا ودوليا وإتهامه بأنه لم يعد شريكا مناسبا للسلام وكذلك التضييق ماليا على السلطة الوطنية الفلسطينية ومحاولة إثارة الفوضى في الهرم القيادي الفلسطيني وكذلك في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح.
في ظل هذه التحديات الكبيرة أمام القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أصبح من الضروري جدا ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني والكيانات السياسية الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح. فيما يتعلق بترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، بالتأكيد إرساء الوحدة الوطنية الفلسطينية القائمة على الشراكة السياسية الحقيقية والإتفاق على برنامج وطني تحرري موحد وشامل تجتمع عليه كل فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطينية، وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بتجسيد هذا البرنامج الوطني على أرض الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
بالنسبة لترتيب الكيانات السياسية الفلسطينية، والمقصود بها هنا فصل السلطة الفلسطينية عن منظمة التحرير وعن دولة فلسطين حيث أن لكل منهم مجال عمل وأختصاص مختلف عن الآخر. فالسلطة الفلسطينية معنية بالوضع الداخلي الفلسطيني وبدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه فلسطين وتقديم كل السبل الكفيلة بذلك بعيدا عن قيود إتفاق أوسلو الذي تجاوزه الزمن وواقع الحال في الأراضي المحتلة وبذلك تتحول السلطة الفلسطينية لأداة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين ومواجهة الإحتلال الإسرائيلي وحماية أبناء الشعب الفلسطيني من المخاطر الداخلية والخارجية على حد سواء. منظمة التحرير الفلسطينية هي المسؤولة عن الفلسطينيين في أماكن تواجدهم في كل أنحاء العالم، حيث يجب أن تشملهم المنظمة ويكونوا جزء منها في عملية المشاركة في صناعة القرار الوطني الفلسطيني وتعزيز الصمود الفلسطيني في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي، وهذا بتطلب إعادة هيكلة وتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وإنتخاب مجلس وطني فلسطيني جامع لكل الفلسطينيين في الشتات. أما بالنسبة لدولة فلسطين فهي المعنية بالتمثيل الرسمي لفلسطين في المحافل والمؤسسات والمنظمات الدولية وهي من لها سفارات معتمدة لدى دول العالم التي تعترف بالدولة الفلسطينية حسب قرارات الشرعية الدولية والإجماع الدولي وبالتالي يجب المضي قدما في تعزيز الشخصية السياسية والقانونية لدولة فلسطين لدى كل المنظمات والمؤسسات الدولية أسوة بباقي دول العالم. وحتى يتحقق الفصل بين هذه الكيانات السياسية الفلسطينية لابد من أن تكون لها رئاسات بشخصيات سياسية وطنية فلسطينية مختلفة ولا يجب جمعها في شخص واحد من منطلق مأسسة النظام السياسي الفلسطيني في مواجهة الإدارة الأمريكية وكيان الإحتلال في المرحلة القادمة.
أما بالنسبة للترتيب التنظيمي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، فهذا يشمل عدد من الأمور أهمها، إعادة صياغة العقيدة التنظيمية وتنظيم الهيكل الداخلي وإعادة الإعتبار للدور التاريخي لحركة فتح. بالنسبة للعقيدة التنظيمية والفكر التنظيمي يجب العودة بها إلى البدايات الثورية لحركة فتح، حركة التحرر الفلسطيني الأولى التى تؤمن بكامل فلسطين من البحر إلى النهر ومن رأس الناقورة إلى أم الرشراش، فلسطين بكاملها هي الوطن القومي الأبدي للشعب الفلسطيني وما دون ذلك هو من الشأن السياسي الخاص الذي تقرره منظمة التحرير الفلسطينية، حتى تبقى حركة فتح مثلما بدأت حركة تحرر هدفها إنهاء الإحتلال الإسرائيلي على كامل أرض فلسطين. 
فيما يتعلق بالتنظيم الداخلي لحركة فتح، يتوجب أن تكون قيادة الحركة مستقلة عن قيادة السلطة الفلسطينية وعن قيادة منظمة التحرير ودولة فلسطين. القائد العام لحركة فتح لا يمكن أن يكون في أي مركز سياسي وكذلك أعضاء اللجنة المركزية وأعضاء المجلس الثوري لحركة فتح، ومن يشغل أي منصب سياسي منهم يمكن أن يأتي من بعده في الحركة أي من الأخوة في الهرم القيادي حسب الترتيبات التنظيمية المتعارف عليها داخل الحركة. هكذا تصبح حركة فتح حركة تحرر وطني مهمتها الأولى إنهاء الإحتلال وتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني، وبذلك تعود الحركة لدورها التاريخي الأساسي كقائد للعمل الوطني الفلسطيني في مواجهة الإحتلال حتى تحقيق الحرية والإستقلال الوطني.
مسار الحرية وإنهاء الإحتلال مازال طويلا والدولة الفلسطينية لم تعد على مرمى حجر كما كان يتوقع البعض وحتى نستطيع جميعا السير في هذا المسار الطويل والصعب والمعقد فنحن بحاجة إلى الإيمان الراسع بعدالة القضية الفلسطينية وإنتصارها مهما طال الزمان أو قصر، ونحن بحاجة للحكمة السياسية الجماعية للقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني العظيم في التعامل مع مجريات الصراع الطويل مع الإحتلال، وأخيرا نحن بحاجة إلى الكيانات السياسية الفلسطينية المتطورة والتى من خلالها نستطيع حشد طاقات الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وشعوب العالم أجمع التي تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية حتى إنهاء الإحتلال وتحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمها القدس الشريف.