الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

شطرنج فيصل الحسيني وتايسون اسرائيل

نشر بتاريخ: 01/01/2018 ( آخر تحديث: 01/01/2018 الساعة: 18:33 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الخوض في اخطاء الماضي لا يعني بالضروره حبا في جلد الذات وانما وسيلة لتضميد الجروح التي ما زالت مفتوحه في الجسد الفلسطيني الذي اصبح كجسد خالد بن الوليد مع اختلاف بسيط في نوع الطعن اذ ان معظم الطعنات في الجسد الفلسطيني هي من نوع الغدر كونها من ذوي القربى .
تعديل ميثاق منظمة التحرير في ابريل 1996 بحضور الرئيس الاميركي في حينه كلينتون بموافقة 504 واعتراض 54 من اعضاء البرلمان الفلسطيني (المجلس الوطني) .
الخطأ ليس في التعديل حيث كان ضروره الح عليها رابين في في خطابه في اكتوبر عام 95 كضروره واختبار للفلسطينيين من اجل الاستمرار في تطبيق اتفاق اوسلو الذي حمل في ثناياه اقامة دولة فلسطين في شهر مايو عام 1999 . ولكن الخطأ في كون هذا التعديل كان قد حصل في زمن ما بعد اغتيال رابين وفي عهد نتن ياهو الذي كان محرضا على هذا الاغتيال . عندما زعم في كتابه "مكان تحت الشمس " 1993 ان تطبيق اتفاق اوسلو سيقضي على دولة اسرائيل والاسوأ في كل ذلك انه قد تم انتخابه في عام 96 بناء على هذا الزعم الذي كان اساس برنامجه الانتخابي. اضافة الى ان هذا النتن ياهو كان تلميذا متميزا في مدرسة شامير ألتي كان شعارها بعد مؤتمر مدريد مفاوضة الفلسطينيين لعشرات السنيين دون اعطا ئهم اي شيء.
مستشار النتن ياهو الاعلامي في حينه اجاب على سؤال لمراسل بي بي سي عن ماذا ستقدم اسرائيل للفلسطينيين مقابل تعديل الميثاق فاجاب بعنجهيه صهيونيه بالطبع لا شيء لان هذا كان خطأ ارتكبه الفلسطينيين وقد قاموا باصلاحه .
حتى اميركا التي رعت هذا التحول التاريخي في الجانب الفلسطيني من الصراع لم تقدم اي شيء بالمقابل بل وعلى العكس ابقت على قانون الارهاب كسيف مسلط على رقبة منظمة التحرير الى يومنا هذا. اما على الصعيد الفلسطيني فقد كانت نتائج هذا التحول كارثيه بحيث اصبحنا كتلاميذ في مدرسه ابتدائيه نعاقب مقابل اي تصرف لا يعجب الاستاذ حتى اننا وضمن هذا السياق بقينا نفاوض النت ياهو وكاننا نفاوض انفسنا لاكثر من عشرين عاما كانت نتيجتها قراراجماع صبيان الحزب الصهيوني العنصري "الليكود" في اخر يوم من العام 2017 بضم باقي الارض الفلسطينيه.رحم الله اينشتاين وقانون الجنون الذي عرفه على انه "ان نكرر الشيء نفسه ونتوقع نتائج مختلفه" .
الخطأ الاخر اننا عدنا الى ارض الوطن بشروط اسرائيليه كادت ان تعد علينا النفس في سجن مناطق الاف والباء والجيم , ثم عسكرنا الانتفاضه كرد فعل وليس كفعل وكاننا هواه في عالم الثورات وكانت النتيجه ان سجن القائد وقتل سما في زنزانه وقتل وجرح وأسر الاف اخرين منهم من هو طفل ومنهم من هو قائد .
ما يجعل من هذه الاخطاء خطايا كونها اخطاء محترفين كانو جزأ اصيلا في كل حركات التحرر في العالم الراحل عرفات في خطابه التاريخي الاول في الامم المتحده في عام 1974 تحدث ليس باسم فلسطين فقط وانما باسم كل حركات التحرر في العالم.
اضافة الى اننا عشنا وتفاعلنا مع كل التجارب الثوريه الناجحه في العالم من هانوي هوشي منه الى هافانا كاسترو مرورا بجزائر بن بلا وجنوب افريقيا منديلا.
الهدف من هذا المختصر ليس جلد الذات وانما دعوه متواضعه لمحاولة اعادة تصويب البوصله دون الحاجه لحمل السلاح لان حمل السلاح والكفاح المسلح اصبح في ظل الواقع الجديد في فلسطين والمحيط مجرد انتحار كون ذلك امنيه لمجرمي الحرب في اسرائيل ان ندخل معهم في حراك مسلح لينهو ما بدئوه في الانتفاضه الثانيه عندما استجبنا كرد فعل لاستفزازاتهم في عسكرتنا لها. وهذا ما دأبت اسرائيل على فعله في كل حروبها في غزه اوحتى حرب 67 حيث كانت دائما البادئه والمستفزه بكسر الفاء لكل هذه الحروب لانها بذلك كانت تقرر النتيجه لصالحها وبذريعة الدفاع عن النفس.
وحتى نتمكن من تصويب البوصله لا بد وان نكون مستفزين بكسر الفاء لنحصل على نتائج مختلفه وهنا يحضرني ذكاء المرحوم الراحل فيصل الحسيني في احدى لقااتنا معه على عشاء كنا فيه اربعه في لندن عندما كانت محطته للوصول سرا الى تونس عندما قال وبعفوية القائد "اذا فرض عليك ان تتصارع مع تايسون (بطل ملاكمه) هل تختار حلبة الملاكمه ام تختار رقعة الشطرنج".
اعتقد انه قد حان الوقت لرقعة الشطرنج والتي تتطلب اتمام المصالحه وباي ثمن خصوصا ان احتواء موضوع السلاح يبدو انه اصبح ممكنا بفضل واقعية وبراغماتية القياده الحديده لحركة حماس.
كما تتطلب رقعة الشطرنج اعلان منظمة التحرير قبولها بقرار اسرائيل في الغاء اتفاق اوسلو وبكل تفاصيله بما في ذلك اعتراف منظمة التحرير في اسرائيل خصوصا وان اسرائيل ما زالت لم تف بشروط عضويتها في الامم المتحده وهي تطبيق الشق الثاني لقرار التقسيم ( 181) باقامة الدوله الفلسطينيه على 44% من ارض فلسظين التاريخيه وعودة اللاجئين حسب القرار 194 .
اعلان السلطه الوطنيه ترحيبها بوقف المساعده الاميركيه بقيمة ما بين 300 الى 400 مليون دولار كونها رشوه للشعب الفلسطيني من اجل القبول بالاحتلال علما بان هذا المبلغ لا يصل حتى الى قيمة الضريبه المتعارف عليها على ما تجنيه اسرائيل من احتلالها لدولة فلسطين والتي تزيد عن 8 بليون دولار سنويا وهذا المبلغ يعادل تقريبا ضعف الميزانيه السنويه للسلطه الوطنيه .
اضافة الى الخاسر الوحيد من وقف هذه الرشوه هو الوكاله الاميركيه للتنميه الدوليه التي تتقاضى نسبة 45% من هذه الرشوه لقاء اشرافها الاداري على تنفيذها.
اما الحركه الاخيره على رقعة الشطرنج تكمن في اعلان فلسطين دوله تحت الاحتلال وتحميل هذا الاحتلال مسؤؤ لية تبعات كل ذلك و الشروع مباشرة بمحاكمة مجرمي الحرب في اسرائيل كوزير الحرب السابق موشيه يعلون وامثاله بعد اعترافهم باقتراف الجرائم بجق الشعب الفلسطيني وقياداته.
السفير حكمت عجوري.