الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المواجهة المركزية والصمود الفلسطيني

نشر بتاريخ: 02/01/2018 ( آخر تحديث: 02/01/2018 الساعة: 15:16 )

الكاتب: د. مازن صافي

حين حذر الرئيس محمود عباس، العالم من خلال خطاباته في الأمم المتحدة، ومن خلال وسائل الإعلام من الإصرار على تحويل السلطة بلا سلطة، ونقل سفارة أمريكا إلى القدس، وأخيراً رفضه اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، فلقد كان يعلم أن هناك نوايا "خبيثة" تكمن في سياسة ترامب الخارجية عامة وبما يخص القضية الفلسطينية خاصة.
كان تحذير الرئيس الفلسطيني يقول، أن الأمور ستتجه الى الإنفجار وأن صراع ديني سوف يأتي على كل شيء، وأن العملية السياسية ستدخل في نفق مظلم، ومن المؤكد أن الرئيس أبومازن، ما كان ليدلي برأيه هذا رفضا للعملية السلمية، فهو الأحرص على ذلك، وصادقاً في تحذيراته، وبل ظهر أنه الأكثر خبرة في قراءة ما بين السطور، فهو يدرك تماما مدى حساسية أمر القدس بالنسبة للجمهور الفلسطيني والعربي والاسلامي، ويدرك مدى حساسية برميل البارود الذي تقف عليه المنطقة، ويعمل كل ما يمكن سياسياً، لتفادي الوصول الى نقطة الصفر.
ترامب اعلن اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال، وشجع اللجنة المركزية لحزب الليكود المتطرف بالتصويت بالإجماع على مشروع قرار يلزم الحزب بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة وغور الأردن، وهنا تتضح عملية "إدارة الظهر" لتؤكد النوايا الاسرائيلية لتفجير الأوضاع وتنفيذ التهديدات التي أطلقتها الحكومة الاسرائيلية والإدارة الأمريكية.
ومن المرجح أن ترامب، كان يعتقد أن بضعة أيام كانت كافية لكي يوجه للفلسطينيين ضربة تقصم ظهرهم، فيصرخون طالبين العودة الى المفاوضات، وربما يقبلون بالأفكار المشوشة التي سيعلن عنها في صفقته التي عرفت بــ "صفقة القرن"، لكن كل هذا كان أضغاث أحلام، سرعان ما ظهر رفض العالم لاعتراف ترامب، وتمسكه بالقوانين والقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية عامة وبمدينة القدس والمقدسات خاصة، واستعادت القضية الفلسطينية مكانتها وزخمها الاقليمي والدولي.
ولأن الجمهور الفلسطيني يدرك مقاصد اعلان ترامب وتصويت الليكود، فقد دخل في مواجهة هذه السياسات والإجراءات و التحديات، وفي منتصف الشهر الجاري، سيعقد المجلس المركزي الفلسطيني إجتماعه، ليؤكد ثبات الموقف الفلسطيني، ورفضه لكل الضغوط التي تمارس على شعبنا وقيادته، وسترفع (لا) بكل شجاعة في وجه التهديدات الاسرائيلية، وفي وجه ترامب، وإعتبار أن الأمم المتحدة هي الجهة التي يمكن الإعتماد عليها في العملية السياسية، وبمرجعية كل القرارات الدولية التي تخص القضية الفلسطينية.
قبل 17 عاما، منعت الولايات المتحدة الدول الأخرى مثل أوروبا وروسيا، من توسيع رقعة حضورها ودورها في معالجة الصراع، أما اليوم، فإن لأوروبا وروسيا خاصة وجود عميق في المنطقة يؤهلهما للعب دور عميق ومتقدم، في الوقت الذي أصبحت الإدارة الأمريكية منبوذة ومرفوضة فلسطينيا،وستفقد هذه الإدارة قدرتها على أن تكون ضابط السياسة في المنطقة.
وأخيراً، وإذ يبقى الصراع مفتوحاً على مختلف الاحتمالات فإن السياسات الأمريكية، والإسرائيلية هي خاسرة لا محالة، وستنتصر الإرادة الفلسطينية.

[email protected]