الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بين عرّافي النجوم وعرّابي السياسة في 2018 من نصدَق...؟

نشر بتاريخ: 03/01/2018 ( آخر تحديث: 05/01/2018 الساعة: 09:23 )

الكاتب: خالد السباتين

انتظرت كل شعوب الأرض وبالأخص الشعوب العربية كما هو معهود في نهاية كل عام ظهور هؤلاء المنجّمين والعرّافين على شاشات التلفاز العربية والأجنبية حتى يعرفوا ماذا يخبئ لهم المستقبل البائس من مفاجأت ومصائب جديدة ولتأخذ كل دولة وكل شعب نصيبها من هذه التنبؤات التي لا نؤمن بها لكنها قد تصيب أو تخيب في بعض الأحيان حيث أنها أصبحت مصدرا موثوقا لعامة الشعب أكثر من ساساتهم وقاداتهم وكل من يعدهم بمستقبل أفضل ومشرق وتلك الشعارات الفارغة التي يرددها معظمهم ...
في الحقيقة قرأت وسمعت جزءاً من هذه التوقعات التي يعنيني منها الشق السياسي لما هو متعلق بالشأنين الأردني والفلسطيني نظراً لوجود العامل المشترك بينهم وهو القدس والقرار الجائر الذي اتخذه ترامب متجاوزاً بذلك السيادة الأردنية ووصايته على المقدسات ومتجاهلاً حق الفلسطينين بالقدس كعاصمة لدولتهم وفي الحقيقة هذين البلدين اللذان يتقاسمان الهم السياسي ويمارس على كلاهما الضغط الأمريكي وكلاهما أيضا يواجه الاحتلال الاسرائيلي كلا على حدا وبطرق مختلفة ويتعرضون لمحاولات الابتزاز لتغيير المواقف والسياسات المتعلقة بالقدس فما يحدث في الأردن يوثر على فلسطين وما يحدث في فلسطين يؤثر أيضا على الأردن فالاحتلال أصبح لا يميز بين أحد واصبح يتجاوز كل الأعراف الدولية في عنجهيته وسياساته العنصرية التي يمارسها على أرض الواقع ...
ففي ظل الأزمة الواقعة بين الأردن واسرائيل من بعد حادثة السفارة ومن بعد قرار ترامب باعلان القدس عاصمة لاسرائيل اتفق العرّافون ان الأردن سيدخل في صراعات دبلوماسية جديدة وسترتفع وتيرة الأزمة والتهديدات بين البلدين بسب عهدة القدس والمسجد الأقصى والموقف الثابت لجلالة الملك عبدالله من هذا الاعتراف الباطل وغير القانوني والذي رفضه الجميع بما فيهم الجمعية العامة للامم المتحدة فموقف الأردن واضح تجاه المقدسات وأعلنها بكل صراحة على أنه مستعد لدفع الثمن مهما كان باهظاً فعرّابو السياسة توقعاتهم أسوأ من ذلك لأنهم مدركين حجم الخصم السياسي ومدى صعوبة مواجهة والاصطدام بأمريكا وإسرائيل وأن المرحلة القادمة مكلفة على كافة المستويات ...
وعن العلاقات الأردنية السعودية التي تعاني من مأزق حقيقي بدأت تظهر الى العلن من خلال الرسائل التي وجهت على الصعيد السياسي ومن خلال تحركات جلالة الملك ايضاً واخرها لما قام به أعضاء مجلس النواب بوضع صورة الملك عبدالله على صدورهم مكتوباً عليها خادم أولى القبلتين وثالث الحرمين رفضاً منهم لاستنكار السعودية لدور الرعاية الهاشمية على المقدسات وتأكيداً على دور جلالة الملك في الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية وضرورة التصدي للهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال على المدينة المقدسة الا أن العرّافين في هذه النقطة يستوصون خيراً من خلال عودة المياه الى مجاريها بين الأردن والسعودية وأن دور الأردن سيكون له شأن كبير في العالم العربي في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
أما على الصعيد الاقتصادي فقد أشاروا الى حدوث إزدهار وانفراج على الأزمة الاقتصادية والجمود في الاسواق التي يعاني منها الاردن نظرا لمحدودية الموارد الطبيعية وشح المساعدات المالية والاستثمارات الخارجية التي من شأنها أن تدفع عجلة الاقتصاد وتنشطه وتخفف عن الحكومة أعباء البطالة وتوفير فرص العمل للخريجين لكن هذه النقطة لا تتطابق مع الواقع فالبطالة متفشية والضرائب مرتفعة وعجلة الاستثمار متعطلة والاقتصاد في حالة ركود شديد لكننا نأمل أن تحصل معجزة تخرجنا من هذا الوضع...
أما بما يخص الشأن الفلسطيني فهو لا يحتاج الى تنبؤات أو توقعات فالبداية واضحة والطريق وعرة والإحتلال يتوسع والاستيطان يبتلع الأرض وسياسة الفصل العنصري تأخذ مجراها وكأن اسرائيل تسابق الزمن في اتخاذ القرارات التي من شأنها ان تسلب حق الفلسطينين وتقطع الطريق أمام عملية السلام وبذل الجهد من أجل تعطيل المصالحة التي تعمل برئة واحدة في الأصل والتي تحاول اسرائيل منع وصول الأكسجين لها لإفشالها وعدم اتمام الوحدة التي باتت مطلب أساسي ووطني متفق عليه من قبل الجميع فبعد إعلان ترامب الذي فتح شهية الاحتلال لمزيد من الممارسات الوحشية بحق الشعب الفلسطيني والذي وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أسوأ أزمة سياسية على الاطلاق وجعل القضية الفلسطينية على المحك فحل السلطة سيزيد الطين بلة وبقاء السلطة على هذا الحال سيزيد الطين بلة أكثر فالمؤشرات تبيّن لنا الى أن المرحلة المستقبلية مليئة بالمفاجأت والقرارات التي سيتم اتخاذها وستكون هذه القرارات مصيرية وصعبة لأن الأوضاع أصبحت لا تطاق وكما قلنا لكم أنه بالنسبة للقضية الفلسطينية لا داعي لمعرفة ما قاله العرّافون لأن المكتوب واضح من عنوانه لكن للتأكيد فهم أجمعوا على أن الاوضاع القادمة ستشهد حالة من عدم الاستقرار على الاصعد السياسية والأمنية والعسكرية وهو ما نشاهده على شاشات التلفاز في كل يوم وهذا ليس بالجديد وسوف تحاول اسرائيل جر حركات المقاومة الى مربع الحرب لكن كما اسلفنا سابقا أن المقاومة لديها نضج وادراك ووعي تام متى وأين تخوض الحرب في التوقيت الذي يخدم مصلحتها ...
نستطيع القول هنا أن قرار ترامب الذي فتح الصراع على شقّيه السياسي والديني لا يستطيع أحد أن يتنبأ او يتوقع المرحلة المقبلة له فحتى اللحظة الهدوء نسبي في المدن الفلسطينية لكن لا احد يعرف متى ستنفجر الأوضاع وكيف ستكون شكل المقاومة وهل هذا الإرتياح لدى الشعب الفلسطيني الذي يدل على عدم اكتراثهم لقرار ترامب لإدراكهم التام أن الارض أرضهم والقدس قدسهم هو ما يشكل خطر على المنظومة الأمنية الاسرائيلية وتجعلهم يعيشون حالة من الارتباك والقلق المتزايد من عقدة الفناء حتى ولو فرضوا سيطرتهم على الاكسجين الذي يتنفسه الفلسطينيون فلن يستطيعوا تغيير الحقائق وتزييفها ...
وكما توقع البعض بتعرض الرئيس الامريكي ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي لمحاولة الإغتيال نحن ايضا نتوقع أن يتنحى عن حكم الولايات المتحدة لأنه سيرتكب المزيد من الحماقات لإفتقاده الحد الأدنى من معرفته بالسياسة ولأنه يعتقد أن العالم يباع ويشترى كما الأبراج التي يمتلكها فأي حماقة جديدة سيرتكبها قد تقود الى مزيد من عزلة الولايات المتحدة دولياً وبذلك تكون بداية الانهيار لهذه القوة التي لم تعد عظمى كما عهدناها وهو كما منح اسرائيل القدس عاصمة لدولتهم الزائفة أيضاً أيقظ العالم نحو القضية الفلسطينية التي ستنتصر بالتأكيد وسيزول الإحتلال وحكومة المستوطنين فأصحاب الحق لن يخذلوا ولن يستسلموا..
هذا العام لن يحتمل مزيداً من الشجب والإستنكار لن يحتمل مزيداً من الآلام والمأسي لن يحتمل مزيداً من الإعتقالات والتعذيب في السجون والزنازين لن يحتمل مزيداً من هجمات المستوطنين لن يحتمل مزيداً من منع الفلسطينيين أن يمارسوا شعائرهم الدينية مسلمين ومسيحيين لن يحتمل مزيداً من عمليات النّهب والسَلب للأراضي فقد جاوز الظالمون المدى وتجاوزوا كل الخطوط الحمراء فسلطة بدون سلطة لا نريد وإحتلال بدون كلفة لا نريد يجب أن يتم خلق أزمة حقيقية للولايات المتحدة واسرائيل داخلياً وخارجياً ويجب تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ووضع جدول زمني لانهاء الاحتلال.
في الحقيقة أصبحنا لا نحتاج الى أحد ليعطينا نبذة عن المستقبل فالبداية واضحة والنهاية واضحة من يريد أن يرى الحقيقة يستطيع ذلك ومن دون حاجة الى عدسة مكبرة فالشمس لا تغطى بقرص فلافل ولكننا نسأل الله أن يعم الأمن والسلام على الجميع وأن تضع الحروب أوزارها وأن يغيّر الله الأحوال الى أفضلها..